ليلة عشاء الفصح

و

مادّة خُبز الافخارستيا

 

 

تحقيقهما،

وتحليل أسباب الارتباك حولهما..

نتائج مفاجِئَة طالما فاتت اناظرين!

 

 

 

 

Still Draft, under Proofreading

المقال تجميع متعجِّل للأفكار تحت وطأة المرض،

وينتظر تلطيف أسلوب العرض

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس الرئيس: [i]

تقديم الحقائق في فقرات قاطعة قبل التيه في مُلاحَقَة الأخطاء

خطأ أوليّ يفترق منه خطآن متضادّان

محاولات تفاسير مُلفَّقَة لدعم الادّعاء بتقديس الرب على خمير

المحاولة الكُبْرَى: أرجحة يوم الفصح بين "الخميس" و"الجمعة"

الخُلاصَة في سطور

ملحق: جدول بأبرز الآراء وحيثيّاتها

 

نوتا لاحقة ملخصة لهذا البحث ضمن مجموعة "الافخارستيا"

 

 

 

 

 

 

تقديم الحقائق قبل التيه في مُلاحَقَة الأخطاء

 

 

حتى لا يتوه المُتابِع في موضوع بسيط، تجدر البداية بالقضايا الصحيحة في نقاط جليّة،

قبل النظر في سبب دخول الأخطاء، وتفرّع خطوطها..

 

 

هذه هي الحقيقة في سطور إيجابيّة مباشرةً:

 

+ الرب قدَّس الافخارستيا ليلة عيد الفصح اليهوديّ على فطير..

++ التلاميذ قدَّسوا على خمير باعتباره الخبز المتاح وليس لأنه خمير..

+++ ذلك إذ فهم  التلاميذ أن تقديس الرب للفطير كان بصفته خبزاً في العموم، وليس

بسبب كونه فطيراً تعييناً..

 

 

سهل؟

ولا أسهل!

وكل الحقائق الثلاثة واضحة في الإنجيل دون إشكال..

وباختصار غير مُخِلّ في التفصيل:

 

 

 

·       الحقيقة الأولى:

"الرب قدَّس خبزاً فطيراً"

 

+ وهي ثابتة بحكم أن الليلة كانت ليلة الفصح، وهذا ظاهر في الأناجيل الثلاثة الأولى، ويوحنا لا يخالفها لمن يعرف طبيعة الطقس اليهوديّ الذي يحتفل بالفصح ويسمي أكله الاحتفاليّ الممتد طيلة أيام الفطير فصحاً.. وفي فصل كامل تالٍ سيتم تفنيد كل محاولات تغيير تعيين يوم الفصح عن يوم الخميس..

++ إذاً فلمّا كانت الليلة هي ليلة أكل الفصح، فلزم أن الخبز المتاح كان فطيراً..

 

 

 

·       الحقيقة الثانية:

"التلاميذ قدّروا على خمير"

 

     + وهذه ثابتة بفحص منطق اللغة من حيث تسمية خبز التقديس "خبز" (أرتوس

      في اليونانيّة) بغير تعيين إن كان فطيراً أم خميراً، ولما يغيب تعيين

      الخصوصيّة حين افتراض لزومها، فهذا يدلّ على خطأ افتراض لزومها، بكل

      بساطة J

     ++ وهذه الحقيقة ثابتة أيضاً بحكم بمنطق التاريخ، إذ أن دخول خطأ في التقليد

      في هكذا موضوع خطير يستحيل أن يتم دون ذِكر وتعيين وقت وسبب دخوله

      عبر التاريخ.. بينما الثابت من التاريخ هو العكس، أي التحوّل من الخمير إلى

      الفطير!! إذ تتوفَّر إشارة تاريخيّة أن أسقف روما "ألكساندر الأول" في بداية

      المئة الثانية" قام بتطويل الليتورجية وإدخال استعمال الفطير [ii].. فإذاً هذا يفيد

      أن سابقاً عليه لم يكن بين الكنائس من يستعمل الفطير..

 

 

·       الحقيقة الثالثة

"التقديس لا يستلزم نوعاً بعينه من الخُبز خميراً أم فطيرا"

 

     + واخيراً فهذه الحقيقة ثابتة بثبوت الحقيقتين الأولى والثانية..

     ++ وفوق ذلك تتمتع بقرينة لطيفة جداً: فالخبز في العبريّة يُنطَق "لخم"..   

     والرب أشار إلى الخبز "لخم" على أن هذا هو "لحمي" (جسدي) [iii].. فيرجح

     جداً لذوي الحس البليغ والفاهمين للغة الرب خصيصاً وسمات أدبيّات الوعظ

     في اللغات الشرقيّة عموماً، يرجح لدى هؤلاء أن الرب سمَّى الخبز الفطير

     باعتباره خبزاً عموماً لا فطيراً خصوصاً لوضع خط تحت الأصل في قصد

     الإفخارستيا، وهي توزيع لحم الرب، بغير عبرة لنوع الخبز ذاته، فالمفيد أن

     اسمه "خبزاً" ومادته من الحنطة..

     +++ ويزيد من ترجيح أن الرب قصدَ هذا الاستعمال لكلمة "لخم"، للمماهاة

     بينه وبين لحمه هو المكسور على الصليب، أنه أشار إلى "دم العنب" [iv] حين

     قال "هذا هو دمي"..

     ++++ فخلاصة الفحص أن القصد في خبز الإفخارستيا هو كونه خبزاً

     بصرف النظر عن نوعه من حيث الاختمار، وإنما كان استعمال الرب للفطير

     لكونه هو الخبز المتوفِّر أمامه، وليس بصفته فطيراً تعييناً..

 

 

 

 

 

 

خارطة الأخطاء شرقاً وغرباً

 

نقطة البدء الخاطئة التي اتّفق فيها الفُرقاء

 ليتفرّعوا منها إلى خطئين نقيضين

 

 

 

الخطأ المبدئيّ الذب اتفق عليه الفُرقاء:

"التشبّث بأن التلاميذ قدَّسوا على ذات نوع الخبز

الذي قدَّس عليه الرب!"

 

 

لا يزال الامر سهلاً؟

لا يزال، حتى تدخل المشكلة من باب إغفال الحقيقة الثالثة في أعين الدارسين،

ويغفلونها بإغفالهم النظر بأناة وتمعّن قبل التهوّر في "الفهم"..

إذ لمَا أهملوا، ولا يزالون، اعتبار ان مادة الخبز لم تكن هي قضيّة التلاميذ في إتمام

الإفخارستيا، وأنهم قدسوا تلقاءً على خمير باعتباره الخبز المعتاد، لما أهملوا هذا

الاعتبار، فإنه لم يبق لديهم إلا التشبّث بأن التلاميذ قدّسوا على نفس نوع الخبز الذي

قدَّس عليه الرب! ومن هنا نشأ التناقض: فثابت (الحقيقة الأولى) أن الرب قدَّس على

فطير.. وثابت (الحقيقة الثانية) أن التلاميذ قدَّسوا على خمير..

فكيف يجعلون خبز تقديس التلاميذ هو ذات نوع خبز تقدس الرب؟

لم يبق إلا الافتراضات المُتَعَسِّفة والاختراعات التفسيريّة التي حتماً تصطدم بحقائق

المكتوب والمعقول L

 

هذا الخطأ من حيث المبدأ اتّفق عليه فريقَا الصراع:

فالذين يُصرُّون على التقديس على خمير يسعون في إثبات أن الرب قدَّس على خمير..

والذين يتمسّكون بأفضليّة التقديس على فطير يسعون في إثبات أن التلاميذ قدَّسوا على

فطير..

ومن هنا حدث، ولا يزال حادثاً، الافتراق بين الفريقين ويحدث التصادم بين استدلالاتهم

بعضهم بعضاً من ناحية،  وبين استدلالاتهم مع الحقيقة الكتابيّة والتاريخيّة من ناحية

ثانية..

 

 

الافتراق المُنطَلِق من نقطة البداية الخاطئة

 

 

 

* وما بُنِي على باطل فهو باطل، وحتى لم تناقض المبني على باطل، فهو باطل يناقض

باطلاً أيضاً..

- فإذاً في الشرق افترضوا خطئاً أن الرب قدَّس على خمير..

-- وفي الغرب افترضوا خطئاً أن التلاميذ قدَّسوا على فطير، وأن العادة الثابتة

بالتقديس على خمير خطأ دخيل، رغم أن الانحراف عن التقليد البسيط بالتقديس على

خمير ظهر، حسب بعض الإشارات، مبكراً وقريباً جداً من عصر التلاميذ في بكور

المئة الثانية على يد أسقف روما الكساندر الأول [v]..

 

 

** وكلاهما، من ثمَّ، مفترضاً أن نوع الخبز مقصود بذاته، انطلق يسعى للبحث عن

رمز وسبب لنوع خبز التقديس، وطالما صار الأمر أمر رموز وأسباب افتراضيّة، فلا

أسهل من إيجادها!

 

فأصحاب الفطير يجدون في التعييد بفطير الحق سبباً،

وأصحاب الخمير يجدون في ترميز الخمير للخطيّة التي حملها الرب على الصليب سبباً

يصلح لإصرارهم على الخمير..

 

و"لزوميّة "كلَي الترميزين افتراض خاطئ تفسيريّاً..

- فالفطير إن كان رمزاً مقصوداً بالضرورة لكان لازماً تعيين كلمة فطير حين ذِكر

العشاء في الإنجيل، كما في الاحاديث اللاحقة عنه مثلما في حديث الرسول بولس

مثلاً..

-- وأما كون الخمير يرمز للخطيّة، وهو ليس رمزاً ملازماً للخمير بالضرورة، فهو

يرمز أيضاً للكرازة بملكوت الـله وسرعة انتشاره مع قلة عدد الكارزين وقلة حيلة

المؤمنين وضعف الكنيسة (مت13: 33)، ولكن جرياً مع القول فإنه يقود لمشكلة لم

يفكر فيها المتشبِّثين بهكذا ترميز: فهل تتحول الخطيّة إلى جسد الرب حين يتبارك

الخبز؟ وهل نأكل الخطيّة ضمناً في التناول؟ ما أسخفه من ترميز L

 

*** وربما لو لم تظهر بدعة "لزوميّة التقديس على فطير"، أو حتى استخدام الفطير

بغير افتراض لزوميّته، لما ظهرت كل تلك الإشكالات، ولبقي التقليد على بساطته

مُركَّزاً على القصد الرئيس من وظيفة الخبز أنه:

+ خبز الحنطة التي تشبه الرب والتي إذا دُفِنَت تحيا وتُحيِي كثيرين،

++ وأنه "رغيف الخُبز" هو نتاج تجميع كثير من حبوب الحنطة المُتفرِّقة،

+++ وأنه خبز أو "لخم" (لحم) يتحوّل بالتقديس للحم الرب..

وكانت تلك هي مقاصد الخبز في الإفخارستيا، ذبيحة العهد الجديد، بلا أدنى نظر في

رموز الفطير والخمير القديمة التي أكملت عملها بمجئ المرموز إليه ومن ثَمَّ تعتّقت

كلها وشاخت حتّى اضمحلّت أيضاً بعمل الرب..

ولكان كبير من يشطّ في "الترميز" أنه يحاول إيجاد رمز للخمير، بحسب نزعة الشطط

المألوفة في تفسير المواد الطقسيّة، لينال ذاك "كلمتين" ويسمع أن تعليم الإنجيل، وأقوام

أغناطيوس انلورانيّ من الرسوليّين، ومن بعده من الآباء، كان ينحصر في الحديث عن

الخبز حال كونه خبزاً من الحنطة، ولا حاجة للتنطّع والتهوّع في التفسير، وانتهى

الأمر، وما كان هذا الصراع المزمن السمج قد ظهر في الكنيسة حول صُلب قوامها

الطقسيّ: الإفخارستيا..

 

 

ومن الآن سأترك الغربيين والذين انتهو بالسماح بالتقديس على أي نوع من الخبز، كل

كنيسة حسب تقليدها، وأواصل متابعة أخطاء "الإثباتات"، أو بالأحرى "الاحتجاجات"،

التي تروج في كنيستنا، إذ هي موضوع عنايتي وانتمائي وقصد عملي المتواضع..

 

وكم هو مؤسف أن نحتفظ بالتقليد الصحيح ونثبته بمصائب تفسيريّة، ولكن هذا هو

الحال، وما يلي يستفيض في قائمة بأكثر المحاولات المؤسفة رواجاً، مشفوعة بتفنيدها

وبيان درجة خطورتها:

 

 

 

 

 

 

 

تتبّع الأخطاء اللاحقة

 

تفنيد محاولات إثبات تقديس الرب على خمير،

التي تصل حتى الادّعاء بتغيير اليهود لموعد عيد الفصح!

 

 

 

 

 

المحاولة الاولى: التشبّث برفض المنطق في الإيمانيّات

المحاولة الثانية: التعسّف اللغويّ

المحاولة الثالثة: مُصيبة كُبرى

المحاولة الرابعة: التمحّك غير الناضج بإكمال الناموس

المحاولة الخامسة: تغيير موعد العيد

 

 

 

 

المحاولة الأولى

التشبّث برفض المنطق في "الإيمانيّات"

 

هذه محاولة مبدئيّة، "تسليك زور"، وهي دائمة الاستعمال في كل الاختلافات بين

الشرق والغرب، يستسهل بها الشرقيّون تحويل المبدأ المردسيّ "سكولاستيّ" إلى تهمة

من حيث المبدأ!

واستعمال هذا "الكليشيه" في هذا الموضوع كان فوق طاقة احتماله جداً..

إن مخالفة المنطق شئ والارتفاع فوقه شئ آخر، والإيمان الصحيح يعلو بداهةً فوق

المنطق من حيث معطياته وتدابير الرب فيه، ولكنذه لا يناقض منطقاً بارعاً هو

من عناصر صورة اللوجوس في خليقته.. ولكن لا ينتبه المحتجون ولا يراعوا منطقاً

حين يضادّ المنطق نتيجتهم "المُسبَقَة" والمرجوّة قبل الفحص..

ومن الطريف ان من يهاجمون "السكولاستيّة" (وبالضرورة يهاجمون مبدأ إعمال الذهن

ضمناً) من الطريف أنهم حين يظنّون أن حجّة ما معهم، مهما كانت بالغة التعقيد

"السكولاستيّ" فغنهم يصدِّرونها ويكرّرونها بإفارط J

 

فليبحث إذاً طالبوا غثبات تقديس الرب على خمير على حجّة أو حجج ما شاءوا، ولكن

ليس من حقهم إذاً ان يعترضوا على مبدأ البحث الذهنيّ حتى إن تسمَّى "سكولاستيّ"..

 

 

 

المحاولة الثانية

التعسّف اللغويّ

 

مع جميع الاحتجاجات التالية تتكرّر هذه "الحجّة":

"الخبز الذي تم التقديس عليه هو مختمر بحسب الأصل اليوناني الذي أشار للخبز

بكلمة "أرتوس" أي خبز مرتفع ( خمير)"

 

+ هذا الاحتجاج ببساطة شديدة غير صحيح، فكلمة أرتوس تعني خبزاً على أي نوع

كان، خميراً أم فطيراً!

++ وبجانب الرجوع لأي قاموس لغة يونانية للتأكد بعدم وجود هذا التخصيص في

الكلمة، فإن دليلاً من سياق الاحتفال يتوفر في إنجيل لوقا في قصة تلميذي عمواس

اللذين دعيا الرب للمكوث معهما في ذات يوم أحد القيامة، ولما تنقضي أيام الفصح

المنزوعة الخمير، ولقد أشار الإنجيل إلى الخبز الذي باركه الرب وكسره لهما بذات

كلمة أرتوس (لو24: 31، 35).. وهذا الخبز إما كان مع التلميذين، وهو الأرجح—

وإذاً فقد كان فطيراً لا محالة؛ أو قدمه الرب، مع عدم ورود أية إشارة من اندهاش

التلميذين من كونه خميراً أو تمنع من جانبهما لدى مشاهدته، وهو الأمر القاطع الحدوث

لو كان خميراً..

 

الاستنتاج القاطع هنا هو أن كلمة أرتوس ثبت أنها تصح أن تكون فطيراً، مثلما تصح

أن تكون خميراً، وعلى ذلك فستبقى محايدة معنا ولن تقف في وجه أي من الحلول...

 

 

 

المحاولة الثالثة

مُصيبة كُبرى

 

"الرب قدَّس على خمير، لأنه رب الناموس فهو فوقه وليس خاضعاً له"!!

 

* من أين أتى به؟

** كيف أخرج خميراً وتلاميذه لا يلاحظون ذلك ولا تتسجَّل هذه المخالفة

المثيرة لطقس الناموس في أي إنجيل؟

*** ثم لماذا يقدِّس على خمير في غير موعد الخمير؟ وإن كان يقصد الخمير في ذاته،

ولا يشرح فعل الخمير؟ كما شرح دلالة الخبز "لخم" (لحم)، والخمر "دم العنب"..

 

ثم بعد الأسئلة التلقائيّة التي تستدعيها تلك الفكرة الصبيانيّة، يكون استدعاء شواهد

الإنجيل التي تتبرأ من هذه الغربة الفادحة عن مبادئ الإيمان المسيحيّ:

+ كان خاضعا: "وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً

مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ" (غل4: 4)..

++ ولماذا ذلك؟: "لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ"

(غل4: 5).. فلو لم يكن خاضعاً لما افتُدينا به، فهل توقّف عن

عمل الفداء لكي يقدِّس على خمير؟

+++ ولقد قال: "من منكم يبكتني على خطيّة؟" (يو8: 46)..

وأيّة عقوبة لتلك الخطيّة؟

"سَبْعَةَ ايَّامٍ تَاكُلُونَ فَطِيرا. الْيَوْمَ الاوَّلَ تَعْزِلُونَ الْخَمِيرَ مِنْ

بُيُوتِكُمْ فَانَّ كُلَّ مَنْ اكَلَ خَمِيرا مِنَ الْيَوْمِ الاوَّلِ الَى الْيَوْمِ

السَّابِعِ تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ اسْرَائِيلَ"" (خر12: 15)،

وعلى الجميع:

"فَانَّ كُلَّ مَنْ اكَلَ مُخْتَمِرا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ جَمَاعَةِ

اسْرَائِيلَ الْغَرِيبُ مَعَ مَوْلُودِ الارْضِ: (خر12: 19)..

 

فهل الرب يخالف الناموس بما يستوجب قطع النفس من شعبها؟ ام انّه تجسذد لكي

يحفظه ويرفع لعنه قطعه لنفوس كثيرة خالقته واحتاجت للفداء؟

 

++++ فإذاً يكون بهذا العمل، حاشا، قد تخلّى عن حقيقة صيرورته في الجسد كإنسان،

حاشا، ويكون قد توقَّف الفداء، حاشا، ويكون أنه قد صار الرب مصلوباً عن خطيّته،

حاشا ثم حاشا ثم حاشا..

 

من اللطيف ذِكر هذه الواقعة:

لاحقني ذات مرّة كاهن كان يناقشني في تلك النقطة واندفع بصياح وقطع وجزم يفيد

بأن المسيح يفعل ما يراه دون ان يراجعه أحد، فقتل له نعم ما يراه، ولكنه كان يرى

الفداء ويرى الخضوع ويرى أن يضع نفسه تحت الناموس وتحت سلطة الأشرار حتى

يتمِّم الفداء،  وخلاف ذلك تجديف، وسردت عليه النقاط السابقة، ولكن رأسه وألف

سيف أن الرب هو الإله الذي لا يحكم الناموس عليه لا في تجسّد ولا في غير تجسّد؛

وبعد سويعات وجدته يسأل عنّي في كل مكان ويلاحقني حتى يقول إنه تراجع عن

رأيه، وقد ظهرت على وجه آيات الذعر ان تلبسه نتائج قوله التي استفاق لها متأخراً

قليلاً J

 

 

 

 

المحاولة الرابعة

التمحّك غير الناضج بإكمال الناموس

 

"الرب كان قد أنهى فعلاً الناموس بإتمام الفصح ومن ثمَّ حقّ استعمال الخمير"

 

 

+ المحاولة هذه المرّة أنيقة، ولكن لم تخلُ من خفّة وتسرّع، فإن كانت تحاول تجنّب

التورّط في القول بمخالفة الرب للناموس، ما سقطت فيه محاولة سابقة، ولكنها تثبتها

عليه، حاشاه، من حيث لم ينتبه أصحابها.. فالخمير يُنزَع من الصباح وينتهي نزعه في

الظهيرة، ولا يبدأ الفصح وأي خبز مختمر في أي موضع في الأرض كلّها..

فلكي يقوم هذا "التفسير" الخاطف على حيله، فيلزمه الإقرار ضمناً أن الرب احتفظ

بخمير مخبأ لديه وهو يحتفل بالفصح، وأكرِّر ما أرجو ألا يكون صار ثقيلاً على أعين

القُرَّاء المُتابعين: حاشا للرب..

 

++ ويلزم أنّ كل معاني الصليب بحكم الناموس قد فقدت معناها باعتبار ان الرب قد

أكمل الناموس بعلامة كبيرة بكسر كبيرة من كبريات وصاياه وهي استعمال الخمير في

عيد الفصح!!

 

+++ وأن دلالات الصليب المستمدّة من الناموس تكون بلا فعل، حاشا!!!

 

++++ ثم كيف لم يُذكَر هذا الحدث الخطير في الأناجيل؟ عن عدم ذِكر ما يلزم ذكره

حال حدوثه دون سبب قاهر وظاهر يمنع ذِكره هو دليل عدم حدوثه!!!!

 

إنهام حاولة مفرطة السذاجة J

 

 

 

المحاولة الخامسة

تغيير موعد العيد

 

- "لعلّ يوم الخميس بجملته لم يكن الفصح!!!،

-- أو لعلّ الفصح قد أُجري على يومين!!!!"

 

 

هذه المحاولة هي الأكثر جرأة، والأكثر افراطاً في استعمال أدلّة كتابيّة قويّة الإيهام،

وبالتالي الأكثر تشتيتاً لغير الرزناء في قراءة الكتاب..

وفرط استعمالها لشواهد متنوّعة يجعلها جديرة بفصل مستقلّ:

 

 

 

 

 

 

يوم الفصح:

"الخميس" أَمْ "الجمعة" أَمْ "تَكرَّر في كليهما"؟!

 

 

 

تقديم

تفنيد الاحتجالات السلبيّة التي تحاول نفي أن الفصح كان يوم الخميس

تفنيد الاحتجاجات الإيجابيّة التي تحاول إثبات أن الفصح كان يوم الجمعة

 

 

 

 

 

 

 

فالآن انتهت محاولات إثبات تقديس الرب على خمير إلى ملجأ أخير خطبر: العيد لم

يكن يوم الخميس أصلاً بل يوم اجلمعة!! وهذا الافتراض الذي يُغيِّر خارطة الجدل

جذريّاً له شكلان:

- فإما أن الفصح بجملته كان يوم الجمعة، وكان عشاء الرب ليس فصحاً أصلاً،

-- أو أن الرب عيّد الفصح قبل اليهود بيوم كامل، فلم يكن يوم الخميس فصحاً عاماً،

& والمُهِمّ، لدى أنصار هكذا ادّعاء، أن يوم الخميس كان به خمير بأي طريقة كانت

سواء كان ليس هو الفصح أو هو يوم فصح خصوصيّ للرب وتلاميذه!!

 

فإذاً تارجح مُدَّعو "تقديس الرب على خمير" بين وقوع الفصح يوم الجمعة أو كونه

تكرّر يومين، وفي الافتراض الثاني تتفرّع الاحتمالات: هل غيّر اليهود موعد الفصح

بقصد؟ وما هو القصد؟ أم أن الرب هو من غير موعده؟ ولماذا؟

 

ويستند مُدّعو أن احتفال اليهود بالفصح لم يكن يوم الخميس (على جميع الأشكال

والتفريعات بينهم)، يستندون بالدرجة الأولى على تضارب ظاهريّ بين الثلاثة الأناجيل

الأولى من جهة، وبين إنجيل يوحنّا، وأقول تضارب ظاهريّ أي يظهر لغير المُدقِّقين

في معرفة المكتوب في أسفارالعهد القديم فضلاً عن الوقوف الراسخ على عوائد اليهود

في زمن المسيح.. وبجانب استعاملهم لشواهد إنجيل يوحنّا هكذا، فإن صندوق

احتجاجاتهم يمتلئ بحشد من الاحتجاجات اللغويّة المتعسِّفة فوق طاقة احتمال

النصوص..

 

وفيما يلي محاولة صبورة لمتابعة تلك الاحتجاجات بالتفنيد الواجب، دون إهمال أقلّها

شأناً، ولكن بعد تصنيفها لقائمتين:

# قائمة الاحتجاجات السلبيّة (التي تحاول نفي أن الخميس كان يوم الفصح)

## وقائمة الاحتجاجات الإيجابيّة (الساعية لإثبات أن يوم الجمعة كان هو يوم الفصح)

 

 

 

 

تفنيد الاحتجاجات السلبيّة

التي تحاول نفي أن الفصح كان يوم الخميس:

 

 

 

المحاولة الأولى مع: "أول أيّام الفطير"

المحاولة الثانية مع: "اليوم الذي كان ينبغي أن يُذبَح فيه الفصح"

المحاولة الثالثة مع: "اتّكأ مع الإثنى عشر".. (مع هامش خطير!)

 

 

 

 

راجتْ عدّة محاولات، من الأروام إلى أرشيدياكون حبيب جرجس إلى الأب متّى المسكين، و"طرطشت" في اذهان كثير من الجمهور عبر تلك الرحلة النقليّة التناقليّة،  لتغيير التفسير المباشر للأناجيل الثلاثة الأولى، بقصد إظهار أن الفصح لم يكن يوم الخميس L والتالي رصد لها ومتابعة بالتفنيد التامّ مع وضع علامة "+" قبل كل عنصر تفنيد:

 

 

- المحاولة المتعسّفة الأولى لتغيير القصد البسيط المباشر:

"أوَّل أيّام الفطير"

 

"عندما يقول الإنجيليّ متّى (ومثله مرقس):

"وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟" (مت26: 17؛ ومثله مر14: 12)،

فإنه يقصد اليوم السابق على الفصح، لأن كلمة "اول" قد تعني قبل، كتعبير "اول أمس" بمعنى اليوم السابق على أمس" !

 

+ قد يصحّ ذلك إذا افتُرِض أن الإنجيليّ يستعمل ما يمكن ان أسميه "مضاف إليه

خارجيّ" (يضيف الشئ إلى مجموعة ليس هو عنصراً فيها)، وهذا لا مسوغ نصيّ له

إن كان المقصود بأيام الفطير شمول يوم عيد الفصح نفسه [vi]..

 

++ وعلى كل حال فلو جاز الافتراض هكذا فإنه يخالف هذين الشاهدين:

"فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ. وَلَمَّا كَانَ

الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ" (مت26: 19-21)..

ومثله:

"شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ" (لو22: 15)..

فواضح ان الرب سمّى ما يأكله في "هذا المساء" فصحاً، فيكون ان الفصح ليس يوم

الجمعة، وأن حيلة "أول أيام الفطير التي تعني اليوم السابق عليها" قد فشلت في إثبات

أن عيد الفصح كان يوم الجمعة..

 

+++ وكما إذا قُبِل هذا الافتراض، وقٌبِل معه ان أيام الفطير هي سبعة أيام الفطير

التالية لعيد الفصح، فيكون هذا الافتراض قاضياً بأن "أول أيام الفطير" (= اليوم السابق

لها) هو ذاته يوم عيد الفصح نفسه J

 

++++ فلا يبقى للانتفاع من هذه المحاولة اللغويّة إلا افتراض أن الرب قرر جعل يوم

الخميس يوم فصح مخالفاً لليهود، أو أن اليهود قد قرروا جعل يوم الجمعة يوم فصح

مخالفين لعهدهم في الحساب، ولكن هذا الافتراض على وجهيه يقوم ضده أن أحداً من

الإنجيليّين لم يقل ذلك رغم لزوم ذكره إن كان، فمتى غاب ذكر ما يجب ذكره إن كان

فهو لم يكن..

 

+++++ وما هو أخطر وغاب عنهم في لهفة اختطافهم لأي "دليل" و"تفسير": طالما

قرر الرب أن يتّبع التاريخ الأصليّ (حسب الافتراض)، أفلم يكن حريّاً به أن يلتزم

بجعله يوم فطير ويعزل الخمير؟! هل كانت المشكلة في إحضار الخمير متوقفة على

كيفيّة إيجاد خمير، فيُقال إن اليهود لم يكونوا قد عزلوه بعد؟

 

فواضح أن مساء ذلك اليوم كان أكل الفصح، فهو ليس سابقاً على عيد الفصح..

 

 

 

- المحاولة الثانية لتغيير قصد رواية الأناجيل رغم بساطتها ووضوحها:

"اليوم الذي كان ينبغي أن يُذبَح فيه الفصيح"

 

"بالفعل يقول البعض أن المحاولة اللغويّة السابقة تقود لقبول أن عيد الفصح تم على يومين، يوم سبق الرب به اليهود ويوم احتفل به اليهود، وعلى ذلك فكلمة اول أيام الفطير تعني اليوم السابق على أيام فطير اليهود والتي سبق الرب فأقام الفصح فيها، ودليل ذلك(لدى أصحاب الاحتجاج) هو ما كتبه لوقا:

وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ؟" لو22: 7 )،

 والزمن في اأاصل يفيد أنه شيئاً كان ليتم ولكنه لم يتم وتغيّر" !!

 

+ فإذا كان ذلك كذلك، فلماذا جاوبه التلاميذ دون تعجّب تلقاءً:

"فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً: اذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ.

فَقَالاَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ؟" (لو22: 8)؟؟!!

وكان الحريّ ان يجيبوا: "كيف يا رب نصنع الفصح بخلاف يوم اليهود"؟ أو "ألَمَ تدرِ يا رب أن المجمع قد غيّر يوم العيد"؟

 

++ هذا غير أن الافتراض اللغويّ غير صحيح، فليس هناك إلزام بأن القصد وصف

حدث كان ينبغي حدوثه ولم يقع، وغنما التعبير ببساطة يفيد بالإشارة لحدث كان ينبغي

وقوعه في زمن ماضي عن زمن روايته، سواء وقع أم لم يقع..

 

+++ وأُكرِّر حجة "عدم حدوث الحدث إذا غاب ذكره حين لزم الذكر":

إذ لما كان لوقا مدققاً فكيف يتجاهل ذِكر ان ذبح الفصح لم يقع في موعده من اليهود

بتدبير منهم؟؟!!

 

++++ ثم أيضاً أكرِّر: طالما قرر الرب أن يتّبع التاريخ الأصليّ (حسب الافتراض)،

أفلم يكن حريّاً به أن يلتزم بجعله يوم فطير ويعزل الخمير؟! هل كانت المشكلة في

إحضار الخمير متوقفة على كيفيّة إيجاد خمير، فيُقال إن اليهود لم يكونوا قد عزلوه

بعد؟ أم أنها مشكلة مخالفة خطيرة ومميتة للناموس؟ ليتهم ركّزوا قليلاً في اختراعاتهم

فأغنوا الواحد عن التطويل في الكتابة J

 

 

- لمحاولة الثالثة الأكثر ابتلاعاً من الأكثرين:

"اتّكأ مع تلاميذه"

 

"وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ" (مت22: 14)،

"وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ اتَّكَأَ وَالاِثْنَا عَشَرَ رَسُولاً مَعَهُ" (لو22:

14)..

 

إذاً فلقد اتّكأ الرب مع تلاميذه، والفصح كان يُؤكَل وقوفاً،وأحذيتهم في أرجلهم، ما لا

يوافق وضع الاتّكاء، كما يقول الكتاب:

"وَهَكَذَا تَاكُلُونَهُ: احْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ وَأحْذِيَتُكُمْ فِي أرْجُلِكُمْ وَعِصِيُّكُمْ

فِي ايْدِيكُمْ. وَتَأكُلُونَهُ بِعَجَلَةٍ. هُوَ فِصْحٌ لِلرَّبِّ" (خر12: 6)..

 فإذاً (حسب معطيات أصحاب الحجة) لم يكن عشاء يوم الخميس هو عشاء الفصح" !!!

 

 

+ هذا ما يقوله الكتاب مرّة ثانية:

"وَهَكَذَا تَاكُلُونَهُ: احْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ وَاحْذِيَتُكُمْ فِي ارْجُلِكُمْ وَعِصِيُّكُمْ فِي ايْدِيكُمْ. وَتَاكُلُونَهُ

بِعَجَلَةٍ. هُوَ فِصْحٌ لِلرَّبِّ" (خر12: 6)..

بينما كان الرب متكئاً مع تلاميذه للعشاء، ما لا يوافق وضع من يلبس حذاءه ويمسك

عصاه..

وقد يجوز الاكتفاء بالقول إن الشاهد لا يقطعبأن يأكلونه وقوفاً بل مرتدين أحذيتهم

وبعجلة.. وليس من مانع في الاتّكاء بالأحذية طالما استوجب الطقس واحتاج العشاء

للجلوس وليس من استعداد للجلوس في وقتهم إلا وضع الاتّكاء..

 

++ ولكن الاكتفاء بردّ الاحتجاج الافتراضيّ التعسفيّ بهذه العجلة يحرم البحث من

إظهار قرينة يستدعيها ذات الاحتجاج لتنقضه (منذه فيه)، وتدعم أن يوم الخميس كان

هو يوم الفصح..

فهذا نصّ ما يقول يوحنّا:

"قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ

يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا" (يو13: 4-5)..

وبما أن غسل الأرجل يكون بعد خلع الاحذية، وقد تمّ بعد العشاء حين قام يسوع عن

العشاء، فإذاً كانوا في العشاء يرتدون أحذيتهم، وكان وقت خلع الأحذية حين "قام يسوع

عن العشاء، وقاموا معه بداهةً.. فأي عشاء هذا الذي لم يخلعوا الأحذية إلا بعده؟ إلا أن

يكون عشاء الفصح؟ J

 

+++ وهذا مزيد من دعم التصوّر يأتينا من دقة تصوير الإنجيليّ لوقا:

"وَقَالَ لَهُمْ: شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هَذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ

آكُلُ مِنْهُ بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ. ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْساً وَشَكَرَ وَقَالَ: خُذُوا هَذِهِ َاقْتَسِمُوهَا

بَيْنَكُمْ لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ اللهِ. وَأَخَذَ

خُبْزاً َشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: هَذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هَذَا لِذِكْرِي.

وَكَذَلِكَ الْكَأْسَ أَيْضاً بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: «هَذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي

الَّذِي ُسْفَكُ عَنْكُمْ" (لو22: 15-20)..

 

فالكأس التي هي دم المسيح كانت "بعد العشاء أيضاً"، و"أيضاً" تَعْطِف الكأس على

الخبز المكسور الذي كان إذاً بعد العشاء أيضاً..

فمرّة جديدة يعود التساؤل وإجابته بيّنة:

أيّ عشاءً كان ذاك الذي سبق الإفخارستيا؟ العشاء الذي كان فيه:

^ كأس نبيذ لاحق (دم الرب)،

^^ غير كأس سابق في قلب العشاء (الذي شكر الرب عليه ووزعه دون أن يذوقه)؟

^^^ وبه خبز يُكسَر ويُوَزَّع بعد عشاء لحم الخروف، ويكسره ويبدأ بتوزيعه كبير

الجلسة؟

أي عشاء كان به كل تلك التفاصيل؟

++++ بمعرفة طقس الفصح اليهوديّ، فإن عشاء الفصح كان به توزيع للخبز الفطير

يبدأ كبير الجلسة بكسر الخبز ويعطيه لأقرب من يجلس بجواره وهكذا من يد ليد!!!

وبه كأس خمر قبل أكل اللحم ومعه، ويعقبه كأس ثالث ثم يُختَم الاحتفال بكأس رابع

[vii].. والكأس الثالث يُعتبر لديهم هو ذاته "دم خروف الفصح"! ويعتبر تذكاراً لـفداء

إسرائيل من العبوديّة والتهديد بالموت!!

ولا مزيد من التوافق بين ترميز العهد القديم وبين تحقيق العهد الجديد أكثر من هذا

الترتيب ولا هذه اللغة التي استخدمها الرب بتناصّ بديع جداً.. فلقد استخدم الرب في

وصف دم الإفخارستيا ثلاث كلمات:

"دمي"، و"فداء"، و"جديد".. وهذه كلّها متطابقة تماماً مع لغة وصف كأس الفصح

الثالث، ما لا يماثله عنصر آخر في شمول ارتباطه بهذه المقردات..

& فالكأس الثالث رمزيّاً هو "دم الخروف"، والرب يتمّم القول الاحتفاليّ بإعلان أنه

سيقدم دمه هو لا دم الخروف..

&& وهو تذكاراً "لافتداء" إسرائيل بعد رفع النير عنه وتخليصه من الموت وقبل قبوله

في عهد مع الرب (خر12: 6-7)، والرب يصف دمه أنه هو الفدية الحقيقية عن

كثيرين..

&&& ثم أن عنبه جديد "طازج" (نتاج الكرمة – ما يفيد أنه طازج قليل الاختمار)،

وهنا تعلو لغة الرب عن مجرد التناصّ لإضافة تورية بديعة في الكلام، بتسمية احتفاله

بنتاج الكرمة بعد آلامه أنه سيشربه مع تلاميذه "جديداً" أي ليس مجرد مادة جديدة

التخمّر بل العهد كلّه جديد..

باختصار لُبّ المفيد فالرب بعد أكل لحم خروف الرمز القديم أمسك خبزاً (لحماً

بالعبريّة)  وقدمه كمُتَمِّم لرمز لحم الخروف، ثم أخذ كأساً هو في عرف اليهود ترميزاً

لدم الخروف ليقول إنه هو عينُ دم نفسه بعد إتمام عمل الرمز..

 

 

فالعشاء هو عشاء الفصح بإشارة الإنجيل، وبدقائق ألفاظ الرب، وبكل القرائن

المتوفِّرة.. وعلى هذا التوافق النصيّ والطقسيّ فلا مجال بعدُ للمجادلة في أن يوم

الخميس كان هو يوم الفصح..

 

 

 

واضح الآن أن كل الادعاءات "السالبة" التي تحاول جعل يوم الخميس ليس هو يوم

الفصح إما تقود لنتائج هزليّة أو ترتد لتصير أدلّة قويّة إيجابيّة لإثبات أن

عشاء الخميس كان فصحاً.. حجج التي الإيجابيّة..

 

ولكن الادّعاءات الطالبة لتغيير موعد الفصح لم تنفد بعد، وهناك قائمة أقوى من

سابقتها، تسعى للإثبات "الموجِب" بأن الفصح كان يوم الجمعة:

 

 

 

 

 

تفنيد الاحتجاجات الإيجابيّة

التي تحاول إثبات أن الفصح كان يوم الجمعة:

 

 

تفنيد مبدئيّ

قبل عيد الفصح (يو13: 1-2)

يلطي لا ينتجّسوا فيأكلون الفصح (يو18: 28)

وكان استعداد الفصح (يو19: 14)

يوم ذلك السبت كان عطيماً: (يو19: 31)

عودة سمعان القيروانيّ من الحقل (مر15: 21؛ لو23: 26)

 

 

 

 

+ تفنيد مبدئيّ

 

الاحتجاجات في هذه القائمة أكثرها مأخوذ من شواهد إنجيل يوحنّا التي يظهر منها لمن يختطفها أن يوم عيد الفصح قد وقع في الجمعة لا الخميس.. ويُضاف احتجاجهم بعودة سمعان القيروانيّ من الحقل—ما وردَ في غنجيلي مرقس ولوقا..

 

وقبل البدء في متابعة القائمة بالتفنيد الدقيق، فيسوغ البدء بتفنيد عامّ:

فإنّه لو صحّ أحد هذه الاحتجاجات التالية، بعد إثبات أن الخميس كان هو يوم الفصح، فإذاً تكون النتيجة أن هناك تناقضاً في الكتاب المقدس، حاشا!

 

وأكثر ما يلي من احتجاجات لإثبات أن يوم ذبح خروف الفصح كان مساء الجمعة تقوم

على شواهد لم يتم استيعاب احتمالات معانيها، وألغزت على الجمهو فابتلع حجة "وقوع

الفصح يوم الجمعة أو حتى تغيير موعهد ليصير الجمعة"، ولقد تابعت كل تلك

الاحتجاجات غير مُهمِل لأقلّها دلالة لدى من يدفع بها [viii]:

 

 

 

"الاحتجاج بقول الإنجيليّ "قبل الفصح"

"أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ

جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ ...  فَحِينَ كَانَ الْعَشَاءُ"

(يو13: 1-2)"!

 

+ يفهم البعض أن يوم الخميس كان قبل "يوم الفصح"، والصحيح أن النصّ يقول قبل

"عيد" الفصح"، وليس "يوم" الفصح، والعيد في تخصيص معناه هو الاحتفال ذاته الذي

يُقام في المساء بين العشاءين.. فيصحّ أن المكتوب لا يقصد "يوم الفصح" بجملته..

وبالفعل لم يكن الفصح قد بدأ حين رصد يوحنّا أن الرب كان عالماً بما يحدث، فنقطة

يوحنّا هنا هي إثبات معرفة الرب بما سيكون قبل موعده الذي قرّره اليهود بالتآمر مع

الخائن..

إن قول الإنجيليّ يمكن بكل أحقيّة قواعد اللغة أن يُقرَأ هكذا:

"وأما يسوع، وهو عالم قبل عيد الفصح أنأن ساعته قد جاءت لينقل من هذا العالم، إذ

كان قد احبّ خاصته الذين في العالم، احبهم حتى المُنتَهَى، فإنه حين كان العشاء أخذ

منشفة واتّزر بها ..."

 

++ الإنجيليّ ببساطة السياق يُعنَى أصلاً يترتب ذِكر هذه الحقائق:

1) يسوع يعلم قبل موعد تنفيذ المؤامرة التي لم يكن قد عيّنه المتآمرون أنفسهم بعدُ،

وهو بعد "عيد الفصح" فوراً..

2) فلأنه كان يحب خاصّته فإنه حبن أتى عيد الفصح قام وغسل أرجلهم..

3) وأوصى يهوذا ان يُسرِع فيما ينتويه..

قضيّة الإنجيل هي إثبات معرفة يسوع من قبل موعد تنفيذ المؤامرة، فليس قصده من

"عيد الفصح" قبل اليوج بجملته، بل قبل ساعة الاحتفال التي فيها سينطلق يهوذا ليتمم

ما انتواه من شر الخيانة..

 

+++ ومن الأدلّة القويّة التي يغفل الناس عنها لما يحسبونه إغفال إنجيل يوحنّا بشأن

وصف العشاء (والواقع أنه إفغال المفسرين لتجاهلهم طبيعة عشاء الفصح اليهوديّ)،

من الأدلّة القويّة، التي تنجلي بنظر بسيط، على أن العشاء التالي ذكره كان عشاء

الفصح هو قول الإنجيليّ:

"قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا  ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ

أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ" (يو13: 4-5)..

وغَسْل الأرجل يكون بعد خلع الأحذية، فإن كان غسل الأرجل قد حدث بعدما "قام

الرب عن العشاء" فإذاً كانوا يرتدون أحذيتهم في العشاء، وإلا لو كانوا لا يرتدونها

فلماذا تأخَّر غسل الأرجل بعد القيامة عن العشاء وليس قبل الجلوس إليه؟

فغسل الأرجل بعد "القيام عن العشاء" يفيد أن العشاء كان بالأحذية، فأي عشاء هذا إلا

عشاء الفصح؟

 

 

أكل الفصح يوم الجمعة!!

"ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَكَانَ

صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا

فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ" (يو18: 28)"!!

 

 

+ يبدو الدليل قويّاً، ولكن مهلاً فمع القراءة الجيدة يُوضَع كل استدلال في درجته

الصحيحة، وهذا الاستدلال مجرد احتمال لا يزيد عن احتمال ضدّه:

وهذه شواهد تزيل نشوة افتراض قوة الدليل، ويظهر منها صريحاً وضيحاً أن "الفصح"

ليس فقط هو "خروف الفصح" المأكول في عيد الفصح"، بل هو كل ذبائح أسبوع

الفطير من غنم وبقر:

^ "فَتَذْبَحُ الفِصْحَ لِلرَّبِّ إِلهِكَ غَنَماً وَبَقَراً فِي المَكَانِ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ لِيُحِل اسْمَهُ فِيهِ"

(تث16: 2)،

^^ "... قَدَّمُوا تَبَرُّعاً لِلشَّعْبِ وَالْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ حِلْقِيَا وَزَكَرِيَّا وَيَحْيِئِيلَ ... أَعْطُوا الْكَهَنَةَ

لِلْفِصْحِ أَلْفَيْنِ وَسِتَّ مِئَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَمِنَ الْبَقَرِ ثَلاَثَ مِئَةٍ" (2أخ35: 8)..

^^^ انظر أيضاً (2أخ30: 21-24)..

فواضح أن ذبائح من البقر ليست هي خروف الفصح الذي وردت مواصفاته بمنتهى

الدقة الخصوصيّة (خر12، لا23)..

 

 

 

 

استعداد الفصح يوم الجمعة!!

"وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ" (يو19: 14)"!!!

 

 

+ "استعداد الفصح" لا تُعني بالضرورة "عمل الاستعداد" السابق على عيد الفصح، لأن كلمة استعداد = كلمة يوم الجمعة "باراسكاوا"..

فمعنى: "استعداد الفصح" هنا هو:

"يوم الجمعة الذي لأسبوع عيد الفصح وأيام الفطير المرتبطة به"..

 

++ ويمكنني أن أضيف مُلاحظة إشارة نصيّة دقيقة:

فلو كان يقصد "عمل الاستعداد" السابق لعيد الفصح لكان بالأحرى قد سمّاه "الفصح"، وليس الاستعداد للفصح، ويكفي للمعنى،لأن يوم الاستعداد للفصح صباحاً هو نفسه يوم عيد الفصح الذي يحتفل به بين العشاءين (من عصر اليوم لمغربه)، ولكن إضافته لكلمة "استعداد" تفيد بالأكثر أنه يريد تعيين يوماً آخر غير يوم الفصح ذاته، فالإضافة في اللغة تكون عند الكاتب الجيّد ذات وظيفة هي تخصيص القصد، وإلا كانت حشواً بلا لزوم..

 

+++ وأيضاً أُضيف أنه كان عند قوله "استعداد الفصح" في سياق التأريخ والتعيين لوقت الصَلْب، إذ أضاف توقيت الساعة، ما يُرجِّح أنه كان يتكلم عن تعيين اسم يوم مع رقم الساعة، فيكون أنه لو قصد أن الجمعة هي يوم الفصح لكان قد أسماها "يوم الفصح" أو "الفصح" فقط، دون معنى لحشر كلمة "استعداد"، وأما لأنه كان يقصد تعيين يوم الجمعة على أنه يوم الصَلْب، فقد قرن الساعة باليوم، فيترابط الكلام بالأكثر هكذا: " كانت جمعة (باراسكاوا = استعداد) الفصح، نحو الساعة السادسة"..

 

 

 

 

 

السبت كان عظيماً!!!!

"... فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ

لأَنَّ يَوْمَ ذَلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيماً ..." (يو19: 31) !!!!

 

إذاً فقد وقع السبت في عيد كبيروإلا فلِمَ هو عظيم؟!  (هذا افتراض أصحاب الاحتجاج)،

فلو \كان الجمعة هو أول أيام الفطير التالي لعيد الفصح لصار السبت يوماً عاديّاً بغير

عيد عظيم يجعله عظيماً.. فيلزم أنه كان هو أول أيام الفطير وبالتالي يكون يوم الجمعة

هو يوم الفصح" !!!!

 

 

+ هذا يصحّ احتمالاً، ولكن لا يلزم..

فيوم سبت أسبوع أيام الفطير هو عظيم بهذا الاعتبار، ككل أيام

الفطير أيضاً، ويزيد عليه أنه يوم سبت، وبذلك فإن سبت أسبوع الفطير كان مميزاً بين

أيام السبوت وكفى ذلك لاختصاصه بأنه كان عظيماً بالأكثر لدى اليهود..

 

 

 

 

واضح أن سمعان كان يعمل في حقله صبيحة يوم الجمعة !!!!!

"فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ

أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ" (مر15: 21)

"وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ رَجُلاً قَيْرَوَانِيّاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ

وَوَضَعُوا عَلَيْهِ الصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ" (لو23: 26) !!!!!

 

 وهذا لا يجوز في عيد الفطير، فإذاً-حسب احتجاج المُدَّعين أن العيد كان يوم الجمعة-

 يكون يوم الجمعة هو يوم عيد الفصح الذي يبدأ من المساء، فيجوز لسمعان العمل

صبيحته"!!!!!

 

 

+ نعم كان سمعان آتياً من الحقل صبيحة الجمعة، ولكن،،،

كان سمعان "آتياً من الحقل" وليس "آتياً من العمل في حقله" كما يقرأون بعين

الانتقاء المدفوع بتعمية الغرَض! والحقل يُعني "الريف" أو "موضع الزروع

والخضرة":

ἀγρός: a field (as a drive for cattle); generally the country; specifically a farm, that is, hamlet: - country, farm, piece of ground, land

 وربما سمعان كان قد خرج متنزِّهاً في يوم الفطير الذي هو يوم الفصح الثاني!

 

++ وكان سمعان آتياً قبل الساعة الثالثة [ix]، أي والوقت باكراً لا يزال بالكاد بعد الثامنة

صباحاً وقبل التاسعة بتوقيتنا الحاضر، فلو كان قد خرج للعمل فإذاً فقد عاد مبكراً جداً،

فلا يبدو مع توقيت "عودته"، بحسب الافتراض، أنه قد خرج للعمل!!

 

+++ والمفاجأة التي تقلب الحساب والتي أخّرتث ذكرها إذ كانت ستجبّ ذِكر ما أردت

ذكره لإظهار كافذة أوجه مشاكل الاحتجاج هذ:.

إذ حتى لو كان سمعان عائداً من  حقله وكان يعمل، رغم أن النصّ لا يقول هذا ولا

ذاك، فهذا ليس دليلاً أن يوم الجمعة كان يوم الفصح بل هو دليل عكسيّ!!!!!

فالعمل كان ممنوعاً في يوم الفصح كلّه، وفي يوم الفطير الأخير (السابع)، ولكنّه لم

يكن ممنوعاً في بقيّة أيام الأسبوع:

"وَيَكُونُ لَكُمْ فِي الْيَوْمِ الاوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. لا يُعْمَلُ فِيهِمَا

عَمَلٌ مَا الا مَا تَاكُلُهُ كُلُّ نَفْسٍ فَذَلِكَ وَحْدَهُ يُعْمَلُ مِنْكُمْ. غير انه اصلا مش راجع من

حقله" (خر12: 16)..

إذاً فافتراض أن سمعان كان عائداً من حقله الذي قصده للعمل لَهُوَ دليل أن يوم الجمعة

لم يكن يوم الفصح..

 

 

 

   بالمناسبة هذه هي المحاولة الوحيدة من خارج إنجيل يوحنّا لإثبات أن يوم الجمعة

كان يوم عيد الفصح..

وهي محاولة انقلبت بوضوح كما ظهر من عناصر التفنيد القاطعة لتُثبِت عكس

مقصود أصحابها.. فأولئك مشكورين أضافوا لأدلّة البحث دليلاً..

 

 

.

 

كل الحجج الطالبة لإثبات أن الفصح كان الجمعة وليس الخميس تؤول إلى ما بين كونها

افتراضات غير ثابتة إلى حتى انقلابها لتكون قرينة أو دليلاً على كون يوم الخميس هو

يوم الفصح..

 

 

الآن معنا تفاسير مُحيطة بكل شواهد إنجيل يوحنّا التي يُظنّ أن إنجيل يوحنا يخالف بها

الموعد الظاهر للفصح في الاناجيل الثلاثة الأولى، تفاسير مستقيمة وبشواهد دالّة وبلا

إشكال، وتجعل قراءته موافقة دون تعقيد ولا تعسّف لصريح الأناجيل الثلاثة الأولى، فلا تبقى إلا المعانَدَة المُغرِضة لمن يجادل بعدُ،،،

 

 

 

فبالإجماع [x] لقد وافق الفصح يوم الخميس، وفقط يوم الخميس،

وبالتالي قدَّس الرب على فطير..

 

 

 

 

 

 

الخلاصة في سطور

 

 

·       الفصح كان يوم الخميس بشهادة ثلاثة أناجيل وعدم مخالفة الرابع لهم..

 

·       فإذاً أتمّ الرب الافخارستيا يوم الخميس وفي قلب إتمامه لفصح الناموس،

 

·       وأتمّه بالضرورة بخبز الفطير الذي لم يكن موجوداً غيره،

 

·       ولكنه أشار للخبز بقوله: "جسدي" ("لخمي" أو لحمي-- الاسم الدارج للخبز عموماً في العبريّةً)، وعليه فقد قدَّس التلاميذ خبزاً بغير اشتراط، ولما كان بغير اشتراط فقد كان هو تلقاءً النوع الأعمّ من الخبز أي الخبز المختمر،

 

·       فكان أنّ من خالفوا التقديس على الخمير، غرباً، قد انحرفوا دون لزوم، لغياب فهمهم لدلالات كلمات الرب، فحمَّلوا أنفسهم فوق الوصيّة وخالفوا التقليد الثابت، وأن من دافعوا عن التقليد السليم في بساطته، شرقاً، ذهبوا لأبعد من الدفاع الحق وتمادوا في حجج خطيرة الخطا لانه قد غاب عنهم إدراك رأس الخطا أصلاً..

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول بالمواقف الشهيرة من تعيين يوم الفصح

(أفقيّ: "يوم الفصح"،

ورأسيّ: "توصيفه من حيث صاحبه وقصده ومرجعه")

 

 

 

الخميس

الجمعة

تكرر في اليومين

القائل

البابا شنودة

الأب متى المسكين في كتاب الافخارستيا

 

الرأي العام

 

شخصي المتواضع

الأرشيدياكون حبيب جرجس

 

الأب متى المسكين في كتاب تفسير إنجيل يوحنا

 

محموعة كوبتك تروث

القس شنودة ماهر

 

 

حبيب جرجس (أورده كاحتمال)

قصده الظاهر

 

البابا شنودة:

للرد على قول الأب متى في "تفسير إنجيل يوحنا"

(يُلاحَظ هنا مخالفته الصريحة لحبيب جرجس أيضاً، وإن تجنّب الإشارة لذلك واكتفى بصب الاتهام بمخالفة الإنجيل على رأس الأب متى فقط!)

 

الأب متى:

نتيجة بحثية

(مع ملاحظة أنه تبنى بشكل غير علمي لاستشهادات مطولة من حبيب جرجس كأنها مرجع علمي أو دليل منطقي! كما يلاحَظ في ذلك الفصل نزوعه المفرط للاستناد على الحشد الكميّ للـ"ادلّة"ً!)

 

الرأي العام:

للتوفيق المدقِّق بين الأناجيل

 

 

حبيب جرجس:

لإثبات أن خبز العشاء الرباني كان خميراً

 

الأب متى:

تفسير يوافق تهاويمه الروحيّة "المستيكيّة"

 

مجموعة "كوبتك تروث":

الثقة المعتادة لديهم في "علم" الأب متى والرفض الدائم أيضاً لأي هجوم من البابا شنودة عليه

القس شنودة ماهر:

للتوفيق فيما يبدو بين كون الخبز المُقَدَّس عليه خميراً وبين رأي البابا شنودة أن الفصح كان يوم الخميس

 

حبيب جرجس:

لفتح كل الابواب الممكنة حتى يضمن عدم إغلاق الباب على إثبات أن الخبز المُقَدَّس عليه كان خميراً

 

المراجع

 

رأي البابا شنودة مُثبَت في:
 كتاب خميس العهد

محاضرات في الإكليريكية للرد على كتاب الافخارستيا

رأي الأب متى مُثبَت في:
 كتاب الافخارستيا للأب متى المسكين

 

كتاب أسرار الكنيسة السبعة

 

كتاب الافخارستيا

محاضرة صوتية

 

كتاب أسرار الكنيسة السبعة

 

 

 

 

 

 

Dn.  Basil Lamie (aka Christopher Mark),

2009

 

 

 

 

 



 

[i]  الفهرس سيكون موزَّعاً كل فصل كبير بفهرسه الخصوصيّ، لتسهيل المتابعة في موضوع كبير التفرّع..

 

[ii]  Lopes A., The Popes: The lives of the pontiffs through 2000 years

of history. Futura Edizoni, Roma, 1997, p. 2; cf. Alexander of Rome,

 www.cogwriter.com (c) 2006/2007.

 

[iii]  هناك "حجة" رائجة في المطبوعات القبطيّة باللغة العربيّة تفترض أن "عدم تناسب الخبز مع

الجسد هو دليل على ان لغة الرب لغة حقيقة وليست رمزاً"، ولكن واضح للدارين باللغة وبالنظر في

طبيعة تناسب الأشياء، أن هناك تناسباً لا شك فيه بين الخبز واللحم، فيكون هذا استدلال فاسد على

قضية صحيحة، وتفصيل شرح ذلك في "افخارستيا 7- الرمزأم الأصل؟"، وهذا رابط للمقال:

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10152540665374517

 

 

[iv]  كان الخمر الذي احتفل به الرب في ليلة الفصح "أباركة" أو غير مُعَتَّق، كما ظهر في إيحاء

تعبير "نتاج الكرمة" γενήματος τῆς ἀμπέλου (مت26: 29)، (مر14: 25)، و(لو22:

18).. وعصير العنب الأباركة هكذا كان يُسمَّى: "دم العنب"، ورُبِط بالرب في نبوّة يعقوب (تك49:

10-11) – بينما يُسمَّى الأكثر اختماراً "روح العنب"، كما تُسمَّى كل الخمور المُعتَّقَة مشروبات

رُوحْيّة..

 

[v] Lopes A., op. cit.

 

 

[vi]  بالمناسبة تعبير أول أمس هو اختصار دارج للأصل القائل "الأول من أمس" أي اليوم الأول

بحساب راجع قبل أمس.. فالأوفق أن يقول صاحب هذه الحجة أن البنية اللغويّة هي مضاف من

نوع المضاف الخارجيّ كما سبق الشرح في المتن، وهناك تفصيل لشرح ذلك في

http://copticyouth4holybook.net/a_genitive.htm

http://copticyouth4holybook.net/e_genitive.htm

 

[vii]  تفصيل الكؤوس الأربعة في احتفال الفصح:

Babylonian Talmud, book iii, tract Pesachim, chapter x.

وكؤوس الفصح الأربعة تدلّ بإحكام، ككافة رموز العهد القديم وعوائده، على حقائق إفخارستيا العهد

الجديد: الفداء والقبول بالصليب والقيامة والصعود وحلول الروح جميعاً..

وتتبع الكؤوس أربعةَ مراحلِ هذا الشاهد:

"1) اخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ اثْقَالِ الْمِصْرِيِّينَ.. 2) وَانْقِذُكُمْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِمْ 3) وَاخَلِّصُكُمْ بِذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ

وَبِاحْكَامٍ عَظِيمَة.. 4) وَاتَّخِذُكُمْ لِي شَعْبا وَاكُونُ لَكُمْ الَها" (خر6: 6-7)..

وكانت ترمز لمراحل خروج شعب إسرائيل من مصر، وسأصوغ رموزهم بتصرّف مشروع بما

يُقرِّب تطبيق الرمز للأصل:

+ الكأس الأول = "تقديس" (تكريس عملهم للرب بدلاً من مرارة العبوديّة في العمل لدى فرعون)،

++ الكأس الثاني = "خلاص من العبوديّة" (لفرعون والوجود تحت حكمه)،

+++ الكأس الثالث = "فداء من الموت" (من مطاردة فرعون)،

++++ الكأس الرابع = "قبول" (أي حمل الرب لهم بنفسه حتى وصولهم لأرض الميعاد وقبولهم)..

فالكؤوس الثلاثة الأولى تشمل في مجموعها الترميز لعمل التجسّد والصليب جُملَةً، والكأس الرابع

يشير للقبول بمجموع عمل القيامة والصعود وإعداد الموضع الأبديّ وخليقة الروح القدس الجديدة..

وهذا الكأس الرابع لم يُشِر له أي إنجيليّ، وإن كان بلا شكّ قد تم تضمينه في تسبيحهم الذي ختموا

به احتفال الفصح والإفخارستيا جميعاً..

وقد أشار الرب لرمز الكأس الرابع مع تقديم الكأس الأول حين قال: "َأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ

أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي" (مت26:

18).. ولقد أورد متَّى الإشارة مجملة بعد الكأس الثالث، وقبل أو مع الرابع الذي لم يصرِّح به،

ولكن أميل أن الترتيب الدقيق هو الوارد في لوقا، ويحسبه فإن الرب بادر بحديثه عن كأس

القيامة الجديد مع أول كأس

(لو22: 17-18)..

ومن الجدير بالتأمّل قول الرب في وصف نتاج الكرمة الذي سيشربه معهم في الملكوت أنه "جديد"،

فهذه تورية بديعة لأن "نتاج الكرمة" يُسمَّى جديداً أو "طازجاً" καινός.. والرب هنا يأخذ من

الرمز "جدّته" لينقل أذهان تلاميذه إلى الملكوت الجديد..

والآن فمتى شربوا الكأس الرابع فعليّاً في تلك الليلة؟ ربما لم يشربوه وربما فعلوا في ختام الاحتفال

مع تسبيحهم (مت26: 30)، (مر14: 31)، و(لو22: 39)..

 

 

[viii]  جمعت بعض مادة الاستدلال في الأربع الفقرات التالية من:

Jerusalim Talmud, B. 92, Pes. 36b; Commentray on Mathew, American commentary on NT, Baptist Publiations Society, 1881, p. 524; Clark; Mathew Henry

وأضفت، بالطبع، ما لزم من حجج تفسيريّة ومنطقيّة لم تظهر سابقاً في الأدبيّات الكلاسيكيّة تلك..

 

 

[ix]  صَلْبْ الرب حدث في الثالثة صباحاً بالحساب الشرقيّ القديم (التاسعة صباحاً بتوقيتنا): "وَكَانَتِ

السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ" (مر15: 25)، فكان إتيان سمعان من الحقل مُبكِّراً على من قد خرج

ليعمل.. وبالمناسبة يلزم تصحيح خطأ وارد في صلوات الساعة السادسة في الأجبية.. وهذا الرابط

يفنِّد الخطأ:

http://www.copticyouth4holybook.net/fbgrp_ea_mistakes-in-ajbia-

litanies.htm

 

[x]  إجماع شواهد الكتاب بالجملة والتفصيل والمنطق، وإن لم يكن إجماع "المُفَسٍّرين"!!

 

 





Site Gate   Reopening Front Page   Main Table of Contents   Criticism   Ritual Corrections   Technical Eexegeses   History   Sign Guest Book