نقد
معاصر لأحوال كنيستنا
كلام جوة
بيتنا
شرح عقيدة.. تفسير كتاب.. منهج تعليم.. كتب فوق
دماغنا كل يوم..
كل ما يمكن نقده في كنيستنا ستجده هنا..... منقوداً!!
توقع كلاماً مرّاً.. أو توقع كلاماً يصدم ثوابتك الهشة.. أو لا تقرأ
فما
الحوجة لهكذا قلق؟ إليك فلسفة النقد الثمينة: قصار النظر يربطونه بإصلاح الخطأ ولا ينظرون لأبعد، وقصار النَفس متى تعسّر الإصلاح يحسبون النقد صار واقعاُ بخسارة جهد ووقت، فتنجاوز آخر مرمى بصر هؤلاء الطيبين واصرف النظر تماماً عن قصار الأخلاق حين يُسفِطون سقوط خلقهم على النافد ويحسبون عمله للتشنيع، واشمل كامل القصد بعيون ضميرك! النقد الأمين الواعي كمحامٍ واسع النظر، له طلباان لا يهمل طلبه الثاني الذي يسد حال امتناع تحقيق الأول، وهذاا
هو الطلب الثاني للنقد: ثبات الوعي بالخطأ وإعلان اتبرؤ منه، ورصد موانع إزالته، حتى متىى قام ضد الكنيسة أعداء يقتشون في عورات للتشنيع يكون الثغر مسدوداً أمامهم فلا هم اكتشفوا ما غفل أبناء الحق عنه ولا أتوا بجديد، ولا التبرؤ من االخطأ بفضلٍ منهم ولا اضطرار، فلا يبقىى لهم إلا العودة بخزي ما لديهم.. هذا القصد عظيم ونافع ليس لقليل!! وساحة منافع النقد الصادق الواعي تتسع لأبعد، ولا أبعد من خطر إتلاف الذهن والضمير بالتعايش مع الخطأ المعتبر صحيحاً، وما علاجهما المتاح ووقايتهما لمن لم يمرض بعد إلا في المران، ومرانهما في النقد!! فلا تغافل الأخطاء الوافدة أبناء الكنيسة إذ هم واعون حساسون لأي خطأ وقد نشطت أذهانهم وتمرّنت ضمائرهم على استيقاف وفحص السوابق.. كل هذه المقاصد متاحة التحقق حتى وإن تعسّر تنقية الحنطة من الزوان تماماً من واقع طبيعة العلااقة المعقدة بين الأخطاء المزمنة والأذهان والنفوس والضمائر والمشاعر.. والآن: هل في هذا يأس من الإصلاح الشامل؟ حاشا، اليأس من قدرة عمل البشر، وقد فات أوانه، واما الإصلاح وكل صلاح فهو رجاء إيمان المسيحيّين في وعد الرب الكارز به رسوله المبشلر أنه سيحضر كنيسته لنفسه لا عيب فيها ولا دنس ولا عضن، وعد عليه ولحينه يواصل شخصي الضعيف تجميع كل ما أنجح الرب يدي فيه، كتصبيرة من بكور بشائر التجديد الإلهي الكامل، في هذا الملف البسيط..
والآن وقد تحذّرت ماذا ستجد هنا، وأُحِطْتَ بفلسفته، فإذا قرّرت مواصلة القراءة فلك هذه الهدية لقاء قرارك: لاحظ الخلفية.. لقد اختيرت بعناية لتأكيد الغرض
من الصفحة: هنا
تُنثَر الورود.. ويظلِّـل اللون المبهج على القلب والذهن والضمير.. هنا تُراجَع
الأخطاء للتنقي منها حيث تصبح الحياة الكنسية أكثر بهجة.. وإذا قررت نشر وتوزيع
أي مقال من هذا المجلد فإياك أن تفعل في حياتي بدون إذني المباشر.. لا يحق لك..
وإن نلت الإذن فالتزم بنشر خلفية هذه المقدمة على غلاف أي مادة تنشرها من هذا
المجلد..
وقبل أن تقرأ تأمل في هذين التعبيرين: المبني
للموضوع Objective
voice العنف
الموضوعي Objective roughness
التعبير الأسبق يشير لطريقة ثالثة في الكلام من حيث الإشارة للفعل.. اعتادت
لغات البشر على بناء الفعل على معلوم أو مجهول.. ولكن تحت شعار هذا المصطلح الجديد
فالفعل يكون مبني للموضوع.. الموضوع هو الفاعل، وهو المفعول به، وهو محور الفعل..
والصياغة الإنجليزية لهذا التعبير تأتي قياساً على المصطلحات النحوية
اللاتينية، ليصبح لدينا بهذا المصطلح ثلاثة بناءات: مبني للمعلوم
Active
voice مبني للمجهول
Passive
voice مبني للموضوع
Objective
voice
البناء هنا وفي كل مقالات هذا المجلد مبنية للموضوع.. أما الأشخاص والذوات
والأسماء فلا هم معلومين ولا مجهولين، لأنهم ليسوا مقصودين.. وإنما ترد أسماء
الأشخاص للمرجعية فقط لمعرفة أين ورد الخطأ.. أو يردون في حديث ذكريات للتلطيف من
العنف الموضوعي، والتذكير بأن الحديث كله مبني للموضوع أما الأشخاص فليسوا إلا محل
تقدير، مالم يُذكَر العكس صراحةً، وأنهم ليسوا مقصودين بأي نصيب من العنق
الموضوعي، وإنما المقصود بالعنف هو الموضوع لأن العنف ببساطة هو عنف موضوعي..
وهذا هو التعبير الثاني: العنف الموضوعي.. لقد خطر لي وذكرته ولاقى استحسان
خصوم قبل أصدقاء، في خضم مخاضة جدل عنيف مع غير مسيحيين ومع غير إيمانيين ومع غير
أرثوذكس ومع غير إنسانيين (أي يسلكون ويتناقشون بأسلوب ينم عن عداء للقيم
الإنسانية)..
كل هؤلاء الفرقاء في غرفة واحدة يناقشون حقائق المسيحية ويأتون بأسئلة وباتهامات
وبمواضيع بحث، وأنا، مع آخرين، نعمل تحت شعار حوار مسيحي لامسيحي.. العنوان مقصود
لتوضيح أننا كمسيحيين لسنا ضد فريق بعينه، وأننا نؤمن أن كل من هو خارج المسيح فهو
داخل الهلاك.. وأن كل من ليس معه فهو عليه.. فكان شعار الغرفة أن الحوار بين
فريقين: مسيحي ولامسيحي.. وفي هذا الخضم فكرت أن المحبة متوفرة للجميع وبصدق..
ولكن التعبير عن هذه المحبة في هذا السياق الجدلي ينحرف كثيراً عن المنطق ليأخذ
شكل الصوت الناعم أو الكلمات الفارغة بل وأحياناً المجاملات في المنطق
والاستدلال..
وفكرت أنه طالما ظل التوفيق بين هذه الثنائية: المحبة والجدل، يأخذ هذا
الشكل المصطنع فإنه محكوم على من هو مثلي في جديته المنطقية بأنه متعصب لا يعرف
المحبة.. هنا أفيد صاحب هكذا حكم خائب: تدبَّر معنى: العنف الموضوعي.. لا معنى لأن أجامل
على المغالط كل مرة وأنا أوضح له عناصر مغالطته، أو أتملق مع غير العارف في كل مرة
أكمل له ما فاته من استقراء قبل الحكم، أو أو..
افهم وتأكد با من وصل في المتابعة حتى هنا أن العنف الموضوعي هو منهج نقاش ناجز وشريف معاً.. وتذكر دائماً أنه
موضوعي.. وكونه موضوعياً يحتم أن صوت المتكلم يكون رقيقاً، وأن تكون كلماته قوية..
ووقع كلماته يكون مهذباً وإن يكن لاذعاً.. عنف لا في اليد ولا حتى في الأسلوب..
ولكن في المضمون.. بغير هذا لا معنى لنقاش يهدف لضبط وإصلاح أخطاء..
لاقى التعبير استحسان الخصوم.. واستفادوا منه باعترافهم.. وأظن أنني لست من
فصيلة نبات القرع، ولا امتد بخير متواضع عندي للخارج، بل القي بفلسي الأرملة في
هيكل أبي.. وفي بيت أمي.. كنيستي..
ومع هذين المصطلحين، أستدرك لأقول أن الحديث هنا، وإن كان موضوعياً تماماً
بالمعاني السالف شرحها، فهو ليس مقتصراً على الموضوعية بالمعنى الذي يدل عليه
مصطلح البرمجيات "التوجه الشيئي".. الحديث هنا ليس Object
oriented.. ذلك لأن فصل الموضوع
عن الشخص أمر مستحيل منطقاً وتنفيذاً.. ولكن تناول الأسماء سيكون في حدود معانيهم
ودلالات مناصبهم وأثر أسمائهم، أي في حدود ما يعني الموضوع منهم كأشخاص
منتجين له..
ولبعض التفصيل للنقطة السابقة، أشرح أن الخطأ يلزمه مخطئ.. والعلاقة بين
الخطأ والمخطئ ليست دائماً علاقة سطحية قابلة للفصم، بل أكثر الحالات يكون الخطأ
مرتبطاً بشخص وظروف المخطئ.. ولكن لأن الحديث هنا موضوعي، فهو لن يأخذ العاطل
بالباطل بالعامل بدون تمييز، بل يميز بين الخطأ الفني، والخطأ السلوكي، والخطأ
المبدأي، والخطأ في التفاصيل..
الخطأ الفني مثلاً يأخذ أغلب النصيب من العنف الموضوعي، ويترك المخطئ بأقل
النصيب منه.. أما الأخطاء التي تتعدى حدود التفاصيل وحدود الألفاظ، وتدخل في بند
السلوك مثلاً، فلا يمكن أن ينجو المخطئ مما ينهال على الخطأ من عنف موضوعي.. وذلك
ببساطة لأن هذا النوع من الخطأ متشبث بصاحبه ويتقدمه للقضاء، فكل ما يعبر على
الخطأ من عنف نقد، حتماً سيلحق بالمخطئ، ولا تكون هنا لكلمات مثل مع احترامنا ومع
تقديرنا، أي إضافة للمعنى.. واحد عامل مصيبة، وواحد ينتقد هذه المصيبة.. فما معنى
أنه يحترم ويقدر الشخصية المصيبة؟ خلينا صرحا ومنطقيين حبة..
وأخيراً استكمالاً للتحذير المسبق، فمع العنف الموضوعي، ومع المنهج المبني
للموضوع، فالأسلوب لاذع أحياناً ومتفكه أحياناً وعامي أحياناً.. ولعلك لمست هذا في
السطور الأخيرة للفقرة السابقة.. هذا أسلوب وتذوق كاتب لا أكثر.. عامي متفكه ساخر
سمه ما شئت، ولكنه في كل حالاته لا يقلل قيمة من أنتقده.. وإن كان هناك ما يقل من
قيمة واحد، فهو في عمايله وفي سيرته هو، وليس في النقد البرئ تماماً هنا.. أما
النقد هنا فهو يحتفظ بقيمة كل من له قيمة حتى لو كان إنتاجه، بل حتى لو كان شخصه
هو موضوعاً للنقد..
قلت: "أحياناً".. فالأسلوب ليس دائماً هكذا.. بل الأكثر أنه منطقي رصين دقيق،
وأحاول كل جهدي ألا يكون مع ذلك معقداً.. بل أحاول، أكثر من ذلك، أن أسوقه بوقع
موسيقي عذب.. أحاول.. قلت أحاول.. أعد أن أحاول، ولكن لا أعد أن أنجح.. أحاول..
والخكم لك..
والآن طالما وصلت معي إلى هنا، فأنت تنوي القراءة.. فاقرأ.. وراجعني..
وأقبل منك كل عنف موضوعيّ، على أن يكون مبني للموضوع.. وألا يكون للاستعراض.. فإن
توفر لديك عنف موضوعيّ مبني للموضوع فلا تأبه بالسؤال عن وقع ردك على نفسي أو على
تقدير مشاعري، فالتقدير متبادل مقدماً.. ولك كل المحبة.. ولو كنت من أصحاب الرتب
فلك كل كرامة لائقة برتبتك..
ولحين ترتيب المحتويات التي لا تزال تحت الإنشاء وإعادة الصياغة والتصنيف،
فأنت مدعو للبحث بنفسك بين ملفات RTF
في هذا المجلد للنقد المعاصر.. April 2007 P. Eng. Basil Lamie (C. Mark)
|