نبيٌّ
مِثْلَ موسى
!؟?
الشواهد
من وسطك من
إخوتك
نبيّ مثل
موسى
يسوع
النبيّ
مثل موسى..
ولكن موسى لا يُعادله
"مثلك"
و"مثلي" واحد
وَجْه التماثُل الرئيس
الرب
يُطالب بنفسه
أوجه
التماثل اللاحِقة
النبيّ
الذي طغى
موسى كتب
عنّي
الصفحة
الرئيسة لموضوع "نبي مثلك"
رابط لتحميل المقال في صيغة MSWord Docx
درافت للعرض الأول على فيسبوك
بوست فيسبوك مركز لعرض الموضوع
تقديم الموضوع على منبر رئيس الملائكة في ظروف
معاكسة
الموضوع ضمن محاضرة مسترسلة في اجتماع برئاسة
أنبا ميخائيل ودعونه شخصي المتواضع للكلام
تعليق أنيا ميخائيل شخصيّاً على محاضرة مجمعة شملت هذا
الموضوع
مع ترقية عرض هذا
الموضوع قدر إمكان الطاقة والوقت يعود الواحد لبدايات عرضه وعرض مثله،
في تأملات اجتماع
شباب كنيسة مار جرجس بالعجوزة، ثم عبر تشاتات غير قليلة مع قبطيين وأميركيين
وغيرهم مع بكور انتشار الإنترنت وكم لاقت التفاسير الجديدة الأصيلة من تقديرات،
ويبرز بينها تقدير خصوصيّ لهذا التفسير عينه.... ومنها إلى عرضه الاول على منبر
رئيس وكيف في إنترلودز مع بعض الكهنة لاحظ الواحد وطاة تسطيح الذهن وكحته حيث
يربطون بين النص والمعنى الأخير له ربطاص إجمالياً دون النظر لتفاصيل الكلمات
وتفاصيل المعاني وبالتالي يفوتهم غنى ودقة دلالات القصد ويتعطّلون أمام الأسئلة
القادحة في هكذا تسليم الإجماليّ للتفسير.... ويتكرر عرضه مع باقة تفاسير أخرى في
اجتماع خصوصيّ ودعوتي للكلام فيه بطلب معهود من أنبا ميخائيل شخصيّاً.... ومن المنابر
لمحاولة تسجيل الموضوع مكتوباً إذ اعتاد الواحد التحضير والتسجيل لاحقاً للتقديم!!
وكم كانت ظروف مشغوليّات الخدمة ومشغوليات الصحة بالمرض ومشغوليات الكمبيوتر
بالتدهور الفنيّ كم كانت كل تلك المعوقات تتباين في فداحتها مع مجد تسجيل معاني
تفسير هذه الشواهد العظمى، فتغلب نعمة الرب لمصلحة التسجيل رغم كل شئ ليظهر ان
العمل من الرب وبه الذي كلمته لا تُقيَّد....
ومع المتابعين
الموضوعُ الثمين لعلهم يتكلّفون بعض تعب القراءة،
والذي عذري عن
تكليفهم إيّاه هو تعب الكتابة:
فليأكل القارئ مع الشواهد أولاً:
"يُقِيمُ
لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ
تَسْمَعُونَ. حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ
مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاجْتِمَاعِ قَائِلاً: لاَ أَعُودُ
أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلاَ أَرَى هذِهِ النَّارَ الْعَظِيمَةَ أَيْضًا
لِئَلاَّ أَمُوتَ. قَالَ لِيَ
الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا. أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ،
وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ
يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ. وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي،
فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي كَلاَمًا لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ
الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ" (تث18:
15-20)..
" وَكَانَ
جَمِيعُ الشَّعْبِ يَرَوْنَ الرُّعُودَ وَالْبُرُوقَ وَصَوْتَ الْبُوقِ،
وَالْجَبَلَ يُدَخِّنُ. وَلَمَّا رَأَى الشَّعْبُ ارْتَعَدُوا وَوَقَفُوا مِنْ
بَعِيدٍ، وَقَالُوا لِمُوسَى: تَكَلَّمْ أَنْتَ مَعَنَا فَنَسْمَعَ. وَلاَ
يَتَكَلَّمْ مَعَنَا اللهُ لِئَلاَّ نَمُوتَ. فَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: لاَ تَخَافُوا. لأَنَّ اللهَ إِنَّمَا
جَاءَ لِكَيْ يَمْتَحِنَكُمْ، وَلِكَيْ تَكُونَ مَخَافَتُهُ أَمَامَ وُجُوهِكُمْ
حَتَّى لاَ تُخْطِئُوا. فَوَقَفَ الشَّعْبُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَمَّا مُوسَى
فَاقْتَرَبَ إِلَى الضَّبَابِ حَيْثُ كَانَ اللهُ. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى:
«هكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ أَنَّنِي مِنَ السَّمَاءِ تَكَلَّمْتُ
مَعَكُمْ" (خر20: 18-22)..
"لأنكم لم تأتوا إلى جبل
ملموس مضطرم بالنار والى ضباب وظلام وزوبعة وهتاف بوق وصوت كلمات
استعفى الذين سمعوه من أن تزداد لهم كلمة. لأنهم لم يحتملوا ما أمر
به وان مست الجبل بهيمة ترجم أو ترمى بسهم. وكان المنظر هكذا مخيفا
حتى قال موسى أنا مرتعب ومرتعد. بل قد أتيتم إلى جبل صهيون والى
مدينة الله الحي اورشليم السماوية والى ربوات هم محفل ملائكة" (عب12:
18-22)..
"وَلمْ يَقُمْ بَعْدُ نبيّ فِي إِسْرَائِيل مِثْلُ مُوسَى
الذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْهٍ" (تث34: 10)..
"هذا
هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبيّاً مثلي سيقيمُ لكم الرب إلهكم من إخوتكم له
تسمعون" (أع7: 37)..
"مجد الـله في وجه يسوع المسيح" (2كو4: 6)..
والآن ليهضمها بأناة.....
من وسطك من إخوتك
ألطف ما تستدعيه هذه الكلمات هي محبة الرب يسوع لدعوته "بكراً" وتسميته
لمختاريه "إخوته"..
على أن هواة التماحك بالغشّ يظنون أن لهم منفذاً معها لتسريب
أنبياء كذبة فيها..
ولا مانع، قبل التفرّغ للتفسير والتأمّل في كنز الشاهد، من
مجاوبة تلك الدعاوى، حتى لا يظن الأحمق أنه حكيماً في عيني نفسه..
صحيح كلمة "أخ" تعم على القريب وتتسع دائرها في نطاق
معنى اللفظ واستعمالاته بحسب اتساع دائرة النظر في القرابة..
+ ولكن
الكلام هنا عن إخوة السامعين منهم فيهم:
@ ببرهان أن الكلام لهم، وأن
النبيّ مُقام لهم، مثل موسى الذي هو منهم، فمن أين
تُظَنّ الإحالة لـ"إخوة" بعيدين في القرابة والموضع وخارج المشهد وخارج
المواعيد وخارج الناموس؟
@@ وببرهان أنهم سيُحاسَبون حساب قطع النفس من شعبها جزاء رفض كلام النبيّ
الموعود
فحتماً
سيكونون مجتمعين معاً وقت ظهوره وأن النبيّ سيكون وسطهم في أرض اجتماعهم، وما أبرع
أن الرب جمعهم بل وفي في أرض موعدهم بعد السبي ليحلّ بينهم بكراً بين إخوة
كثيرين..
@@@
وآخر الكل ببرهان أن الكلام يقول "من
وسطك"..
فكم
برهان يغلق طريق الأنبياء الكذبة الذين من الخارج حيث الظلمة الخارجيّة؟
وكفى!
نبيّ مثل موسى
موسى يقول "مثلي":
"يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ
مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ"
والرب يؤكِّد ويقول لموسى: "مثلك":
"أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ
مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ
بِه"
وستيفانوس يشير في شهادته للنبيّ هذا وهو يسرد النبوّات عن يسوع:
"موسى الذي قال لبني إسرائيل نبيّاً مثلي
سيقيمُ لكم الرب إلهكم من إخوتكم له تسمعون"
نبيّ
مثل موسى!
ويسوع
هو هذا النبيّ!!
كيف
يكون يسوع مثل موسى؟ وكيف يكون نبيّ؟
يسوع النبيّ
إجابة السؤال الثاني بسيطة.. النبيّ ليس بالضرورة مجرد إنسان ينبئ باحداث الغيب..
فقد يكون واعظاً بوصايا الرب فيكون نبيّاً من حث هو ينبئ السامعين بكلام الرب سواء
يعلّم من لا يعرفون أو يذكِّر من يعرفون وينسون..
فالنبيّ يخبر بالماضي أو الحاضر أو المستقبل، ليس بالضرورة يخبر بجميع هذا، ويبقى
اسمه نبيّاً.. "بَرنابا" يُتَرجَم اسمُه: ابن الوعظ.. وكان في الكنيسة
"أنبياء".. والروح القدس يعطي البعض أن يتنبّئوا.. ومن يتنبّأ وهو يغطي
رأسه يشينها.. في كل ذلك النبوّة تفيد الوعظ بكلمة الرب..
ويصحّ أن بعض النبوّة إخبار بالمستقبل، ولكن ليس كلها هكذا..
إذاً فالنبيّ ليس بالضورة إنسان يُخبِر بالمستقبل،
وليس بالضرورة مجرَّد إنسان أيضاً!
إن
رأس العمل النبويّ (أي بالإنباء عن الآب) كان في الإله الكلمة ذاته قبل تجسده:
^ "في البدء كان الكلمة" (يو1: 1)..
^ "الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خَبَرّ" (يو1: 18)..
^ "إننا إنما نتكلّم بما نعلم ونشهد بما رأينا" (يو3: 11)..
(الرب يشير هنا ليوحنا المعمدان معه لارتباط قوله بالحديث عن المعموديّة، ولكون
اليهود قد التفتوا للرب بسبب شهادة يوحنا أولاً)
فالكلمة ابن الآب هو "كلمته" منذ البدء، بالطبيعة، أي بالطبيعة
الإلهيّة.. والـ"كلمة" أي يحمل قوة وعمل النبأ والإنباء بما يعلم، من حيث
المبدأ، سواء فعل أم لم يفعل بعدُ!
فالرب هو نبيّ قبل التجسد باعتباره الكلمة،
ونبيّ بتجسده باعتباره هو من خبَّر عن الآب..
وليس نبيّاً فقط.. بل هو أصل كل نبوة صادقة، وهو أعلى درجات الوضوح في النبوّة
لأنه يتنبّأ عن الآب لا بألفاظ ولا بسلوك فقط، بل بإظهاره فوق كل مثال بقدر ما ان
وحدانيّته مع الآب فوق كل وحدانيّة:
"من رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9)..
مثل موسى.. ولكنّ موسى لا يُعادله!
عندما يقول موسى نبي مثلي فهو ينقض كلامنا.. فكل ما نقول يفيد انه نبي ولكن إلخ
ولكن.. ولكن موسى لا يقول ولكن..
مهلاً..
هو "مثل" موسى وليس "مساوياً" له..
هذا الشاهد يجمع المعنيين معاً ، ويُصرِّح بالتمييز بينهما في آن:
"حَالَ كَوْنِهِ أَمِيناً لِلَّذِي أَقَامَهُ، كَمَا كَانَ مُوسَى أَيْضاً فِي
كُلِّ بَيْتِهِ. فَإِنَّ هَذَا قَدْ حُسِبَ أَهْلاً لِمَجْدٍ
أَكْثَرَ
مِنْ مُوسَى، بِمِقْدَارِ مَا لِبَانِي الْبَيْتِ مِنْ كَرَامَةٍ أَكْثَرَ مِنَ الْبَيْتِ. لأَنَّ كُلَّ
بَيْتٍ يَبْنِيهِ إِنْسَانٌ مَا، وَلَكِنَّ
بَانِيَ
الْكُلِّ هُوَ اللهُ. وَمُوسَى كَانَ أَمِيناً فِي كُلِّ بَيْتِهِ كَخَادِمٍ،
شَهَادَةً لِلْعَتِيدِ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ. وَأَمَّا الْمَسِيحُ
فَكَابْنٍ
عَلَى بَيْتِهِ. وَبَيْتُهُ نَحْنُ إِنْ تَمَسَّكْنَا بِثِقَةِ الرَّجَاءِ وَافْتِخَارِهِ
ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ" (عب3: 2-6)..
هكذا فبينما يقيم الرسول التمثيل بين موسى النبيّ ويسوع المسيح،
فإنه
يعرضه بمنطق "كم بالأكثر"، ويُظهِر الفارق العظيم بين المثيلين!
"مثلك" و"مثلي" واحد!
ظهرت كلمة "مثل" بصيغتين: "مثلي" و"مثلك"..
ولافائدة، فالبشر يخلطون لاسيما حين بقلقون من المعنى الذي لم يفهموه بعد، فيلزم
الإيضاح:
مثلي = مثل موسى (موسى المتكلِّم)..
مثلك = مثل موسى (الرب يخاطب موسى)..
مثلي ومثلك == الجميع يعود على موسى!
على أن بعض السطحيين كعادتهم، (وبغير اعتبار إن كانوا في قبطيين في حالهم أم في زي
الكهنوت أم يظهرون في التليفزيونات)، يُكَرِّرون أنها نبوة عن التجسد.. هذا صحيح..
ولكنه يصلون لهذا قفزاً من موضع مضحك.. فهم يظنون أن الرب يقول "مثلي"،
فيعيدون ياء الملكيّة إلى الآب المتكلِّم وليس إلى موسى.. والصحيح أن المتكلِّم في
هذه الجملة هو موسى نفسه، والياء تعود لموسى.. وكعادتهم، فأولئك القبطيون يختطفون،
ولو أكملوا لوجدوا موسى يختم الجملة بقوله: "حسب ما قال لي الرب" فموسى
هو المتكلم.. ولو أكملوا صنيعهم الجميل واستمروا في القراءة لوجدوا كلام الرب
لمنسوب له مباشرةً يتحول فيه الضمير إلى المخاطَب لا المتكلِّم حين يقول: "مثلك"..
وجه التماثل الرئيس
والآن وقت الدخول في جِدّ الجِدّ في هذه النبوّة العليا:
ما هو وجه الشبه الذي استدعى كلمة "مثل"؟
كل كلمة لها وظيفة، فما هي وظيفة كلمة "مثل"، العائدة على موسى، هنا؟
السياق يسوق المعنى، والسياق كله في يوم جبل جوريب:
"حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي
حُورِيبَ يَوْمَ الاجْتِمَاعِ" (تث18: 16)..
فماذا حدث في يوم حوريب؟:
1) الرب يريد أن يقابل الشعب:
"فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: اذْهَبْ الَى الشَّعْبِ
وَقَدِّسْهُمُ الْيَوْمَ وَغَدا وَلْيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ
الثَّالِثِ. لانَّهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَنْزِلُ الرَّبُّ امَامَ
عُيُونِ جَمِيعِ الشَّعْبِ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ" (خر19: 10-11)..
2) الشعب يخاف من لقاء الرب لئلا يموتوا، ولا يحتملون
أكثر من يكلمهم موسى:
"وَقَالُوا لِمُوسَى: «تَكَلَّمْ أَنْتَ مَعَنَا
فَنَسْمَعَ. وَلاَ يَتَكَلَّمْ مَعَنَا اللهُ لِئَلاَّ نَمُوتَ" (خر20:
19)..
الرب يريد لقاء شعبه..
الشعب لا يحتمل أكثر من لقاء موسى ليكلمهم بكلمة الـله
هل يتنازل الرب عن غايته؟
حاشا، فغاية الرب مُحَتَّمَة التحقيق والتحقّق!
ما الحلّ لتحقيق غاية
الرب؟:
"يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ
مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ"
الكلمة صار جسداً وحلّ بيننا! هذا هو!!!
هكذا صار مثل موسى، أي بالتجسّد، الذي يجيب سؤال الشعب بالطمأنينة حين يقتربون
من كلمة الـله، أنه مثل موسى فلا يخافون، وهكذا صار يحقِّق غاية الرب المُحتَّمَة التحقّق،
التي هي اللقاء المباشر مع شعبه..
وأما بقية أوجه التماثل بين موسى ويسوع هي أوجه
تماثل لاحِقة للوجه الأعظم، ومُنبِّهة للالتفات له، والتي لا يهملها
الواحد بل يضيف إليها جدداً وعتقاء مما لم يلتفت له البعض، ولكنها تبقى
"لاحقة" و"جانيبيّة" وليست هي القصد الرئيس المباشر، وسيتفَصَّل
الحديث عنها لاحقاً..
ولكن رأس الشبه هو في التجسد لكي تتحقق الغاية الإلهيّة من الحلول القريب مع
شعبه،
فبعد أن كان الناس لا يقدرون أن يلمسوا الجبل الذي حل عليه مجد الرب، بل ولا يقدروا
على مسّ بهيمة مست الجبل، فضلاً عن أن يلمسوا الرب نفسه الذي لمس الجبل:
"إن مسَّت الجبل بهيمة تُرجِم أو تُرمى بسهم" (عب12:
20)..
بعد كل هذا لمسته أيديهم من جهة كلمة الحياة (1يو1: 1)!
إن قـَبـَس من مجد الـله على جبل لم يمكن لوا حد أن يراه ويعيش،
وكان المنظر هكذا مخيفاً حتى قال موسى: أنا مرتعب ومرتعد (عب12: 21)..
ولكن وفقط ولكن مجد الـله في وجه يسوع المسيح يُرى ويحيا من يراه!
"مجد الـله في
وجه يسوع المسيح" (2كو4: 6)..
الرب يُطالِب!
مرّ في قلب الشواهد تحذير رهيب لم يتكرَّر مع أي نبيّ بشخصه، ولا حتى موسى نفسه
وسيط هذه النبوّة!
هذا التحذير يربط كلام النبيّ بمطالبة الىب شخصيّاً مباشَرَةً دون تبرير أو اعتبار
آخر إلا عدم طاعة شخص هذا النبيّ الفريد:
"وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ
بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ" (تث18: 19)..
إن النظر لهذا التحذير بغير فهم وجه التماثل بين النبيّ وبين موسى يثير التعجّب
ويُافِت الانتباه عند من يأخذ كلام الكتاب مأخذ الاعتبار الجدير بمقارنة النبوات
بالنبوات.. ولكن حين يسبق فهم وجه التماثل، فإن هذا التحذير ينير بل يبرق وجهُ
جدارته بموضعه ومعناه..
أوجه التماثل اللاحقة
يرصد كثير من المُعلٍّقين أوجه بديعة للتماثل بين موسى ويسوع..
وكم شغفت بهذا التمرين الكتابيّ المُنعِش، ولعلِّي أضفت شيئاً فيه!
ويلذّ الآن إيراد بعض أبرز سطور هذه القائمة البديعة مما هو معروف ومما يزيد
الواحد بنعمة الرب عليه، فمنها أن:
* موسى اضطهده عند ميلاده ملك طاغية
وطلب قتله ولكن الرب نجاه، وهكذا يسوع..
* موسى مخلِّص ويسوع مخلِّص..
* موسى نزل من قصر فرعون ومجد حسبانه
ابناً له (ابن ابنة فرعون) إلى مذلة شعبه ليطلب سلامتهم، في تصوير رمزيّ قويّ
لإخلاء الابن الوحيد نفسه من مجد لاهوته بالتجسّد..
* موسى قيل عنه إنه مقتدر في الأقوال
والأفعال، وهكذا كان يسوع يتكلم كمن له سلطان، ويصنع عجائب غير مسبوقة بكل اقتدر
سلطانه..
* اعتمد الشعب القديم لموسى بمياه
البحر واعتمد الشعب الجديد للرب بمياه الروح القدس والنار..
* وبالجملة: موسى أُقيم مُخَلِّصاً تدبيرياً زمنياً لوقت ومرحلة، من
فرعون الإنسان، ومن وأرض العبوديّة إلى أرض الميعاد القديم التي تبقى أسفل، وأما
الرب فهو المُخلِّص من كل خطية، ومن
إبليس رئيس جند الشر، ومن أرض سقوط الإنسان لأورشليم السمائية أرض الموعد الإلهيّ
الأعظم في السماء..
إن وظيفة كل هذه التماثلات هي لفت الانتباه إلى أن يسوع "مثل" موسى،
كإشارات ولافتات طريق لتوجيه النظر، كبرواز متوافق مع لوحة النبوّة..
إن سبب بعض هذه التماثلات هو سبب لازم مُترتّب بالضرورة على وجه التماثل الأصليّ،
وسبب البعض الآخر هو لطف الذوق الفنيّ للتدبير الإلهيّ في عرض المشهد،
ولكنها ليست هي لُبّ وجه التماثل المقصود الذي هو لبّ موضوع النبوة..
أما لو كانت النبوّة تقصد هكذا تماثلات فقط، لكانت كلمة "مثل" منقطعة
الصلة بالسياق، ومغروسة غرساً تعسفيّاً لا يليق بحُنكَة الكلام فضلاً ان يكون
نبوّة إلهيّة.. فوق هكذا تماثلات لا تحبك النبوّة، إذ ما أسهل تداخل الكثيرين في
افتراض القصد لجواز الشبه عليهم، مما يفقد النبوة حجيّتها وحكمها وحكمتها..
يسوع وليس يشوع
الاسم واحد بنطقين ولكن الشخص ليس واحداً، وقصد التعبير هو التمييز بين الشخصين لا
بين نطقَي الاسم الواحد!
فعليه يٌقال إن المعنيّ بالنبوة هو يسوع وليس يشوع!!
يقول اليهود أن هذا الـ"نبيّ مثل موسى" هو يشوع..
وهو تفسير وجيه من حيث المبدأ، فيشوع هو تلميذ موسى وهو الذي أتمّ غاية الخروج
بامتلاك أرض الميعاد تلك التي لم يدخلها موسى نفسه أو يُدخِل الشعب لها.. كما أن
سياق الأحداث به ما يوجّه النظر لهذا التفسير فعلاً.. فالسياق به حروب والمثلية
هنا يمكن النظر فيها لأوجه التشبيه الحاضرة في السياق بقوّة من حيث "القيادة"
و"الحزم" و"الحرب" و"الانتصار" و"التملّك
للأرض"، وقياس المثلية بهذه المعايير يعطي يشوع درجة الامتياز في تحقيق
النبوّة،،، هذا لو كانت النبوّة قد قصرت عن استكمال تبيان القصد!
إذ أن يشوع نفسه، وبالمكتوب، له رأي آخر:
"ولم يقم بعدُ نبيٌّ في إسرائيل مثل موسى" (تث34: 10)..
التفسير السهل والوجيه من حيث المبدأ لم يعد سهلاً ولا وجيهاً ولا ممكناً أصلاً،
لأن هذا المكتوب الذي لا يمكن أن يُنقَض مكتوب في زمن يشوع وبإشرافه إن لم يكن هو
نفسه كاتبه..
يبدو ظاهر هذه العبارة، وهي منفردة قائمة بذاتها، أنها مجرّد شهادة تكريم وتمييز
لموسى، ولكن إن وُضِعَت تحت مصباح فقرة "نبيّ مثلك" الخطيرة، فإن عمقاً
أبعد بعيداً يظهر فيها..
إنها تحمل في عمقها العميق هذا هذه الدلالات:
+ أن الناس وقتها قد تلقّفوا فقرة "نبيّ مثل موسى" بعناية وتوقّع وترقّب
جعلهم يبدءون المراقبة مبّكراً جداً، حتّى سُجِّل هذا مبكّراً جداً وبعد فترة
قصيرة من موت موسى في الكتاب الذي يسوق فيه الروح القدس الأنبياء لتسجيل ما يشغل
فكر الناس أو ما ينبغي أن يشغله..
+ أن يشوع ليس هو هذا النبيّ شهادةً لأجيال لاحقة يسهل أن يفترضوا وهم بعيدون عن
الأحداث ومعرفة شخوصها..
+ أن الرسالة للأجيال التالية أن يواصلوا ترقّبهم للنبيّ مثل موسى لأنه لم يأت
بعد،
+ كما لا يحقّ لأي واحد أن يستسهل افتراض مجئ النبيّ بعد موسى بقليل، حتى يسدِّد
خانة هذه النبوة ويعتبرها قد تحقّقت قريباً من وقتها فلا يعود يشغل باله بها،
فهكذا عليه أن يفعل بالمثل في حاضره، لأنه إذا كان يشوع تلميذ موسى والجبّار الذي
صنع ما لم يصنعه موسى نفسه، ودخل بالشعب للأرض وقسّمها لهم، إذا كان هذا الذي
شأنه هكذا ليس هو النبيّ الرهيب الذي مثل موسى، فإن أنبياء كثيرين لن يكونوا هم
بالأولى، وعلى الناظر في البحث عن هذا النبيّ أن يبحث عن وجه الشبه الصحيح الأخطر
من الخروج من أرض والدخول لأرض، وإلا كان يشوع هو النبيّ بالاولى..
+ إن استبعاد يشوع يستبعد جانباً كبيراً من عنصر التعمية في السياق، فالسياق يحمل
عمقاً أكبر من الحروب والأراضي.. إن الخلفيّة التي لا ينبغي أن تغطيها غبار الحروب
ورمال التيه ومطامع اللبن والعسل، هي الرب نفسه وطلبه الاتّصال المباشر بشعبه.. وهذا
أبعد عن حروب الدماء بمقدار بعد السماء (التي يسكنها الرب وبها الأبديّة) عن الأرض
(التي يفسرون النبوة في ضوء معاييرها الفقيرة بالقياس على السماء والساكن بها)
+ وبقيّة هذا الإقرار الفارق، لا يقتصر على الإفادة باستبعاد يشوع من القصد، بل
يزيد بالإشارة إلى سبب تميّز موسى الذي يرتبط بظهور الرب وعجائبه:
"ولم يقم بعدُ نبيٌّ في إسرائيل مثل موسى، الذي عرفه الرب وجهاً لوجه في جميع
الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في أرض مصر بفرعون وجميع عبيده وكل أرضه وفي
كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل"
(تث34: 10-12)..
النبيّ الذي طغى
"وَأَمَّا النَّبِيُّ
الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ
الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ" (تث18:
20)..
النبيّ الذي هو مثل موسى
يحيا!
والنبيّ الذي يطغي يموت J
إنها قاعدة عامّة على كل
الانبياء الطغاة بالكذب، ولكن خصوصيّة ذِكر طغيان الأنبياء الكذبة في هذا الموضع
عينه فتعيِّن نبيّاً بعينه يدِّعي أو يدِّعي له من معه أنه هو الذي يماثِل موسى..
فمهما شابه أي نبيّ موسى:
إن كان يأكل وموسى يأكل، ويشرب وموسى يشرب، وينام وموسى ينام، ويشبه موسى في كل أوجه
الشبه التي يتشابه فيها كل البشر، ولكن لم يشبه موسى في أنه يتأنَّس وهو الإله
ليصير إنساناً مثل موسى لا يخاف الناس من سماع كلمة الرب على فمه، فليس هو النبيّ
المقصود سواء كان نبيّاً بحقّ أم بكذب!
فإنه (النبيّ الذي يطغى)
ميت، وهم (الذين يرذلون النبيّ الحقّ) ميتون!!! وله ولهم الرب الذي وعد وتوّعد بأن
يطالب..
وأما نحن فمع الحيّ إلى
أبد الآبدين، الذي صار مثل موسى أصلاً لكي يخبِّئ مجده فلا نخافه، ونقترب منه
فنتحد معه فنحيا بحياته!
هلليلويا،،،
موسى كتب عنِّي
لقد قال الرب إن موسى كتب عنه، ومن يصدِّق كُنُب ذاك يصدِّقه (يو5:
46-47).. ومِثْلي يُصَدِّق كُتُب ذاك (موسى) فوق كل سبب آخر، لأنّه يُصَدِّق
هذا، أي الرب الذي شهد للمكتوب بنفسه..
ولقد كنّا مع لُبّ كُتُب موسى، مع أوج وأعجب ما كتبه موسى عن الرب،
وغاص التأمّل في لُبّ اللُبّ، وعمق أعماق شهادات موسى عن الرب، ليخرُج يقيناً
بهذا:
لقد مضى الزمن الذي قال فيه يشوع "لم يقم نبيّ مثل
موسى"!
إذ قد قام فينا نبيّ عظيم (لو7: 16)!!
يسوع الذي من ناصرة الجليل (مت21: 11)!!!
نبيّ
وأعظم من نبيّ.. مثل موسى وأعظم من موسى..
مثل موسى فلا نخاف منه، وأعظم من موسى لأنه رب المجد الذي أخافنا
قبلاً منّه!
إله (له كل المجد الذي أرعبنا والذي قلنا حسناً ألا
يُكلِّمنا فنموت)، ومتجسِّد فيكلِّمنا ولا نموت)،،،
هلليلويل هلليلويا مجداً: مجداً لا نخاف منه ولا نرتعب
(خلّوا "الأرثوذكس" يفكّوا حبّة.. هو فيه حد استولى
على هلليلويا ولا مجداً يحرمنا منها J وهو ليه ربنا كتب هلليلويا ومجداً في الكتاب
لو ماكانتش تتقال بعد التأمّل في الكلام الإلهي العالي دا؟)