لهذا ندافع عن نظام الترم[i]

 

جريدة الأخبار

21 يونيو 1994

صورة ضوئية للمقال

نسخة آر تي إف للمقال

 

 

أكتب وأنا استعد لأداء آخر امتحاناتى على الإطلاق .. إلا إذا تمسكت كليتى العزيزة ببقائى كضرب من الوفاء عهدناه بها .. وأحسبنى محظوظا إذ أؤدى امتحانات آخر سنواتى فى الجامعة بنظام الترم كما أحسبنى من ثم قادرا على الأداء بشهادتى عن هذا النظام ..

قرأت هجوما كثيرا ودفاعا غير كثير وما لم أقرأه هو رأى الطلاب أنفسهم رغم كل من كتبوا أو استكتبوا .. ولا عبرة هنا للقاءات الصحفية الطريفة مع عبير بسنة كذا وكلية كذا والتى ترى أن نظام الترم (موش يعجبني) لأن (السنة أولها مذاكرة ولا أقابل أصحابي) أو لقاء مع حمادة بنفس السنة والكلية والذى يتفق مع رأى عبير لأنه لا يتمكن من لقاء أصدقائه (برضه) أو أيمن الذى ينتظر النتيجة لإعلان موقفه وهو راى ذو وجاهة ..

وبعيدا عن لقاءات حمادة وعبير أرى أن القاعدة الطلابية الجادة كانت ترزح تحت نظام العام الكامل من مشاكل سوء توزيع الجهد أو سوء التقييم فأولا درجة امتحانات نصف العام ضئيلة نسبيا ويضمن معظم الطلاب مع امتحانات الإعادة نصف الدرجة فيتضاءل الفارق جدا بين الطلاب. ويحرم المجتهدون من حافز جاد لبذل الجهد فى النصف الأول .. وثانيا تنعكس المشكلة تماما فى النصف الثانى ولا سيما فترة ما قبل الامتحان النهائى فيحشو الطالب المدى القصير لذاكرته بمواد عام كامل يستوى فى هذا المتفوق الذى يشفق على مجهود عام كامل فيضاعف مجهوده والمتكاسل الذى لا يجد بديلا للنجاح بأى شكل عن قهر سلطان النوم وتتلف أعصاب الجميع .. وثالثا مشكلة تتعلق بكفاءة الاختبار فى التقييم، فبعض المسائل تحتاج لشقين: مهارات ومعلومات نظرية وقد يتمتع الطالب بالمهارات ويفشل فى استظهار المعلومات النظرية على مدى عام كامل فيفشل فى إظهار مهاراته أو بالأحرى يفشل الاختبار فى تقييم الطالب. ونظام الترم يعالج تلك المشاكل بإعادة توزيع الجهد ومنع تراكم المعلومات ..

ومن ناحية أخرى كما نبهنى أستاذ لى وهو الدكتور محمد فهيم أستاذ التحكم بهندسة القاهرة فهناك مواد تعرض مفاهيم جديدة على الطالب وتستلزم وقتا طويلا لهضمها أو اجترترها على حد تعبير أستاذى ويمكن استثناء هذه المواد من نظام الترم وهى ليست كثيرة للحصول على فوائد النظامين وهذا ليس بدعا ..

تبقى ملاحظة وهى أن أكثر من هاجموا نظام الترم خلت توجهاتهم من الموضوعية ولم تخل من الغرض حيث لم يروا فى هذا النظام إلا مانعا للنشاط السياسى بالجامعة، وبكلمات أخرى فهم يريدون تقسيم السنة الدراسية لقسم أول ينشغل فيه الطلاب بالسياسة فتكثر الاضرابات وتتعطل الدراسة، وقسم ثان به ما به من معاناة وتعب أعصاب. ولهذا فنحن الطلاب ننتظر موضوعية وخبرة علماء التربية والتعليم وأخص بالذكر الأستاذ الدكتور حامد عمار ..

وأستأذن الآن للحاق بآخر امتحاناتى (بنظام الترم) ..

 

باسل لمعى المطيعى[ii]

كلية الهندسة جامعة القاهرة

 

 



[i]  هذا أول مقال لى على صفحة الرأى للشعب بجريدة الاخبار اليومية الكبرى، الجريدة الأولى شعبيّاً والثانية توزيعاً (تسبقها الاهرام وفقط بسبب صفحة الوفيّات كما هو معلوم)، بدأت بإرسال هذا المقال فتوالى دعم إنتاجى ومطالبتى بالمزيد من جانب الصحافى الكبير عبد الوارث الدسوقى مشرف الصفحة ..

أما ما قادنى لفكرة كتابة وإرسال المقال فكان مجموعة مواقف لى ضد أسرة جماعة "الإخوان المظلمين" الإرهابيّة بالجامعة، والتى كانت معروفة باسم "المنار"، ولعل فى هذا الهامش متسعاً لتلخيصها ..

 

كانت اننتخابات اتحاد طلاب وكان يقابلهم مجموعة "حورس" الفاشلة، وأما انا فقددخلت للإدلاء بصوتى استطلاعاً وترويحاً، فأوقفنى احدهم كما يوقف كل داخل بتصدير ورقة باسماء مرشحيهم لى .. فتوقفت وابتسمت وتكلمت معه وتركته وقد احمرّوجهه غضباً: من كلامى تارّة ومن عجزه عن إجابته تارّات، وكان هذا الحوار:

+ حضرتك بتقدم لى ورقة مكتوب عليها "نشاط غسلامى متميز" وأنا مسيحي، خليك مكانى بالعقل: انتخبك ليه بل ازاى؟

- (سبق غضبه كلامه)

+  بلاش تكونمكانى إن كان دا سبب زعلك، لكن اعقلها وجاوبني: بأى منطق انتخبك؟

- احنا بنخدمكم برضه

+ دا مش فضل .. حورس لو نجحوا هيخدمونا وأى حد ينجح ملتزم يخدمنا باعتبار ان دا منصب خدمى للجميع والخدمة من أموال اتحاد الطلاب بتخصيص من الجامعة .. فانتم لم تنجحوا بتخدمونا التزاماً وتعهداً بديهياً ومن أموال مش ملككم ..

فالسؤال اللى انتو ملتزمين تجاوبوه لى هنا: ايه يقضلك عن غيرك بالنسبة لى علشان انتخبك؟

- احنا بننزل المذكرات بنص التمن

+ دا عيب مش ميزة لأنك بتنزلها مليانة مادة دينية ماتخصنيش ودعاية سياسية انا ضدها، وبكدة عملتم خطئين بالنسبة لي: تقلتم المذكرات وزى ما انت ملاحظ انا ماطيقش حبسة المحاضرات وإلا مكانتش اجى اتفسح هنا فى لاحنة التصويت فالمذكرة التقيلة بايخة على قلبي، والخطا التانى انك منزلها بنص التمن بدعم انت صرفته على الورق الزيادة اللى اضفته للمذكرة للدعاية لبرنامجكم ومادتكم، ولو كان غيركم كان هينزلها خفيفة وبرلابع التمن .. فانت حسرتنى ربع التمن ماكسبتنيش نص التمن فوق انك شيلتنى مذكرات اتقل بضعف الوزن ..

- (بعد مثل ذلك من محاولات عاد للغضب دون رد)

+ أشكرك بصدق لأنك قدمت لى خدمة بالورقة دى دلوقت عرفت مين تبعكم وادخل انتب التانيين تصدق انا كنت داخل اتفسّح وكنت هاعلم على اى أسماء فكان الأرجح هيطلعوا منكم وبكدة انت وقفتك وقعت عليكم بخسارة معايا J

 

ومن مثل هذا تكررت مواجهات بينى وبينهم، كان أخطرها مواجهة مع أحد كبارهم وهو رئيس قسم سابق، كان يهاجم الكتاب المقدس فى محاضراته عن مادة الموجات الكهرومغناطيسية!! ولما كنت لا احضر المحاضرات وقد بلغنى الخبر على أنه خبر سار من زميل أفادنى أن عدم حضورى لا يخسّرنس كثيراً لأن المحاضر لا يتكلم فى المادة العلميّة، فإننى وجدت ذلك علة ادعىة للحضور للرد، وقد كان رداً أذكر له بتقدير أنه وعد إزاء مواجهتى له بعدم تكرار ما كان يقول، ورغم ان ورقتى كانت تصل له فى لجنة أحاديّة (لأننى الوحيد من الدفعة الذى اختار هذه المادة كمادة اختياريّة من قسم آخر) فإن تصحيحه كان طيباً، ولكن هكذا مواجهات كانت تضع تلك المجموعة دائماً قبالة عدم صمتى وغضبى .. مرة أخى مع محاضر آخر، ثم مرة مع طلبة يصنعون دعاية ويطوفون وسط تجمعات الطلبة فلا أصمت،  وهكذا ..

 

 

بعد كل هكذا مواقف مشحونة بالمغالطات من جانبهم وعدم الصمت من جانبى أعلنت الجامعة تطبيق نظام الترم فما كان من اولئك إلا أن سعوا بأقصى جهدهم للهجوم عليه لأنه يسحب أكثر الوقت للمذاكرة والاختبارات فيضيق على نشاطهم المذموم .. ففى كل فرصة كانت تتاح مناقشة كنت أتكلّم فى صفه مفنداً حججهم الفنية المصطنعة التى يسوقونها ضده .. حتى اندلعت حملة الهجوم على النظام فى الجرائد الحزبيذة التابعة لهم، مكررة نفس الحجج الفاشلة فنياً، فوجدت ان خلاصة تفنيدى لهكذا حجج قد تشكذل فى صورة مقال لطيف ساخر .. بدون أدنى سبق خبرة أو خطة قفزت لذهنى فكرة أن أرسله فى جريدة عامة مقابل ما يُنشَر .. وهكذا كان: ذهبت لجريدة الاخبار وموعى المقال وسألت عن المسئول عن صفحة "الرأى للشعب" فأفادنى المشرف على الباب بالصعود للدور الثامن للقاء الصحافى الفذّ "عبد الوارث الدسوقى"، فكان اول لقاء ولم يكن الاخر وقدمت له أول مقال ولم يكن الأخير،،،،،

 

 

[ii]  لما كان خارج توقعى أن يكون لى تواجد مستديم على الصفحة فضلاً عن أن يكون هو التواجد الرئيس فيها، فإننى وقعت باسمى الثلاثى بصفتى الطلابية الجامعية، على أننى منذ المقال الثانى وأنا اوقع باسمى الثنائى مع اللقب المهنى لقصد شرحته فى المقدمة، وشرحت معه ما تابع إصرارى عليه من محاولات مشرف الصفحة إثبات الاسم الثلاثى بدلاً عنه ومقصده الطيب من هذا ..