لن أكتب .. هذا المقال !!
جريدة الأخبار
19 أكتوبر 1995
بقلم: باسل
لمعى المطيعى[i] لمسة الفوضى السحرية التي تطال معظم شئون مجتمعنا بسطت
نفوذها في مجال لا يقبل الفوضى بطبيعته .. مجال العمل في برامج الحاسب الآلي ..
تضارب في الاختصاصاتو فوضى في الشهادات (العلمية)و بالتالي استغلال من شركات
الحاسب للمبرمجين الشبابو ضحك على ذقونو شوارب العملاء .. ولأن المصائب عشرية الطبعو لا تأتي فرادى فقد أهلت مصيبة
الجات على مبرمجي مصر .. هذا ما أشرت إليه في مقالي السابق "كله عند العرب ..
حاسوب" ،و هو المقال الذي ختمته بوعد للقارئ الكريم بتقديم الحل في المقال
القادم (اللي هو ده) .. والحل كما تفتق عنه ذهني هو إنشاء نقابة لمبرمجي الحاسب
مثل أية نقابة مهنية (نقابة أو اتحاد أو رابطة أو أى اسم يروق للمسئولين سأقبله
شاكرا) .. وفور فراغي من المقال السابقو أنا أحشد في ذهني الحجج
الدامغة لتأييد اقتراحي .. يحتاج المبرمجون لهيئة تساندهم أمام استغلال الشركات لهمو
تتعقب من يسرق برامجهم (أو تتعقبهم هم إذا سرقوا برامج غيرهمو هو الأرجح) .. بلو يحتاجون
لمن يقيم لهم معارض السلع المعمرةو خلافه أو حتى رحلات المصايف .. لم لا؟ *** باختصار يحتاج المبرمجون لنقابة (أو اتحاد أو رابطة إلخ)
تضمن لهم معاشاو هم يستقبلون أرذل العمرو تتصدى للدخلاء على المهنة مثلما هو الحال
في كل النقابات المهنية .. فلا تسمح مثلا نقابة الممثلين لأحدهم مهما كان موهوبا
أن يمثل أمام الجمهورو يتربع في ذلك إلا إذا كان مسجلا بها أو مرشحا في الانتخابات
النقابية .. حتى نقابة الأطباء لا تسمح (للمجربين) بفتح عياداتو علاج المرضى من
واقع تجاربهم رغم المثل الشائع الذي ينصح بسؤال المجرب لا الطبيب .. الأمثلة تتفاضلو الاستثناء في هذا هو نقابة المهندسين
التي تترك من يشاء يتعامل بلقب مهندس دون حساب ..و لكن هذا شذوذ لا يقاس عليه ..
فلم يستثن المبرمجون من هذه الضوابط المهنية؟ .. لا جدال إذن في أهمية النقابة (أو الرابطة إلخ)و يبقى
وضع الخطوط العريضة للائحتها: لنبدأ بتشكيل لجنة تعادل الشهادات العلمية بالمقاييس
العالميةو تعطي حامليها ألقابا مهنية دقيقةو تضع شروطا محكمة للقبول في عضوية
النفابة. هنا مأزق .. فالشروط المحكمة مطلوبة بالأولى لاختيار
أعضاء اللجنة أنفسهم. بسيطة .. نشكل لجنة أعلى تضع شروط اختيار اللجنة الأقل
علوا .. هنا يتعقد المأزق فكل لجنة تحتاج للجنة أعلىو هذه إحدى
صور مشكلة التكرار الذاتي في الرياضيات و هى مشكلة بلا حل .. هذا يهدد مشروع المقال من أساسه .. هرعت إلى المكتبةو ما
أن وضعت يدي على كتاب "النقابات العمالية البريطانية" لأرى كيف حل
الإنجليز مشكلة اللجان هذهو لأتسلح ببعض المعلومات النقابية إذا ما وقع مقالي موقع
الجد لدى المسئولينو استدعوني (دائما ما ينبهر المسئولون بالمعلومات التي لا
يمكنهم التأكد من صحتها) .. قاطعني رنين التليفون : ألو – أخيرا وجدتك .. (هذا صوت
أحد أرق أصدقائي المعجبين بنفاذ بصيرتي) حضرتك تبشر القراء بنقابة جديدة يتعطل
المرور كلما عقدت جمعية عمومية لخلع النقيب أو جمعية مضادة لإعادتهو توفر لأراذل
السياسيين ساحة مهنية جديدة لبسط النفوذو العراكو ما هو أسوأ؟و تتغافل الحكومة
عنهم في البداية ثم .. يا لهذا الماكر! يريد استدراجي للسياسة .. هيهات .. أعدت
كتاب النقابات مكانهو مزقت وريقاتي .. مالي أناو المبرمجونو نقابتهم (أو اتحادهم
إلخ ..) استسمحك عذرا يا سيدي القارئ فأنا لن أكتب هذا المقال. [i] تفصيل المعركة المرحة بشأن صيغة التوقيع بينى وبين الصحافى الكبير عبد الوارث الدسوقى مشرف الصفحة.. |