سعد .. أو التعسة !![i]
لجريدة الأخبار
لم يُنشَر في 23 أغسطس 1996
صورة ضوئية للوحة التعريف بالمقال نسخة آر تي إف لتفصيل ملابسات المقال فى أواخر سبتمبر 1996 ذهبت بمقال خمس سنوات.. من
حياة العالم وكان آخر مقال منشور قبله من
مجموعة مقالات نقد الحال المهنى بعنوان القانون لا يحمى .. المبرمجين، قدمته في أوائل أغسطس بفارق نحو شهرين ونُشِر فوراً
بعد تقديمه، ووقتها كان مشرف الصفحة الضحافى الفذّ يدعونى للإكثار من الكتابة
ويستبطئنى، وما كان يمنعنى من الملاحقة على طلباته إلا التزامى بمعايير دقيقة فيما
أكتب، فوق مشغوليّاتى المهنية الجديدة على الواحد وقتها إذ كنت حديث التخرّج.. على أن فترة
نحو الشهرين تلك بين المقالين لم تكن بغير مقالات وسيطة أرسلتها.. فاجبته: + أنا أرسلت
مقال فعلاً على آخر أغسطس قبل ذكؤى وفاة سعد زغلول ربما ماوصلش فأجاب: @ مين جال لك
ماوصلش؟ مافيش حاجة مابتوصلش.. وصل وكان مقال جيد جداً.. + دا يفسر ليه
ماتنشرش.. @ مالك ومالك
ثورة 19 اكتب عن جرايبك.. + قرايبى في
مقالاتى هم الهم العام @ اكتب عن
الفراعنة زى وسيم السيسى باعت لنا مقالات عن مصر القديمة عاوزنا نعبد العجل أبيس + لا العجل
وسيم له اتجاه مش اتجاهى خالص (لم يسمع ما
قلت لصعوبة ما فى أذنه اليسرى فكتبهها له فغرق فى الضحك) @ ثورة 19
يعنى تزعل ثورة 23 يوليو و23 يوليو يعنى أساس النظام الحالى اللى هو اللى جاعد
دلوكت عالكرسى واحنا جرنان الحكومة + عملت اللى
عليّ يا ريّس @ كان مقال
جيد جدا خسارة لكن مايتنشرش *** تلك كانت إجابة
لماذا لم يُنشَر، فماذا كان فى المقال الجيد جداً الذى دعى للأسف على عدم
نشره؟ كان المقال يعنوان "لكنه لم يؤذن .. في مالطة"..
وانتهيت لاستحسان عنوان آخر: "سعد .. او التعسة !!".. براعة العنوان الأخير في زخم تورياته التى تجمع كل مضمون
قصده.. فمن أحد هتافات الاحداث المتاخمة لثورة 19 "سعد أو
الثورة" يتناغم عنوان المقال ليضيف مقابلة بين العودة لروح الشعب وتوجهه وقت
ثورة 19 المرموز لها بسعد اسماً ومعنىً أو انتظار النهاية التعسة.. على كل وجه
مقابلة وتورية ومعنى مقصود.. عنونا قلما بتوفّر للواحد.ز فى المقال كتبت إنه نُفِيَ لمالطة ولكنه لم يؤذن فيها..
التعبير جديد ولطيف ودافع لمزيد من ترسيخ المعنى المقصود.. فى المقال نسجت فقرة من أغنية استقبال الناس لسعد: "البحر قال أنا اللى عندى المركب والبر قال أنا
اللى جبت الموكب"، وفى الأغنية ما تعدى من معنىً سياسى ما قصده المدّاح الذى
كتبها (بيرم التونسى).. فالمعنى سياسياً يضيف لتنافس البحر والبر على التباهى بدور
كل منهما فى فضل حفل استقبال سعد.. المعنى يصل لحقيقة أن هذا الحال من التنافس
المتناغة لا التنافس المتصادم هو حال المدينة القريبة من المدينة الفاضلة، وأنه لم
يكن بعيداً عن التحقق للمصريين.. لم يكن الكلام عن شخص سعد ولا عن سياسته حتى وإنما عن
معنىً طلبه الناس ووافقهم فقام به سعد زغلول فتحلّقوا حوله مصداقاً لتثمينهم لهكذا
معنىً وروح شعبية منشودة.. ولو كان الكلام عن شخص بعينه وسلوك شخصيّ فإنه لا أحد
سيسبقنى في رفض سابق انتماء سعد زغلول لبلطجية الثورة العرابية ولا على رعاته
لجهاز اغتالات وتهديد سرى ولا حتى عن إدمانه للقمار ولا ولا.. ولكن لم يكن المقال
عن شخص وإنما عن معنىً وروح وحالة شعب.. *** وأما ختام المقال الجدير فهو أن هكذا ثورة لا يجوز أن
يكون بعدها ثورة لأنها وسيلة لغاية منها فيها، وطالما نجحت الوسيلة فالغاية الطيبة
تكون الثورة عليها هى "ثورة تعس لا ثورة سعد".. وأن هكذا ثورة كانت كفيلة بصلاح الحال لولا أنها خُنِقّت
رويداً.. وأن هكذا الثورة وإلا فلا.. وهكذا المقال وإلا فلا!! وكانت هناك السياسة الواعية
لخطورته فقالت لا.. لو لم يفعلوا لكانوا أغبياء ولا يكتب تحت رقابة الأغبياء
إلا غبى وأنا لا أطيق الغباء ولو فى غباء الرقباء فتح لكل أبواب النشر.. [i] كان
له عنوان آخر: "ولكنه لم يؤذن .. فى مالطة !!"، على أننى انتهيتُ
باستحسان هذا العنوان لزخم التوريات المُركَّبَة به.. وعلى كل حال لم يُنشَر
المقال وظننته لم يصل لأنى سلمته للباب إذ كنت معجّلاً، وفيما بعد قال لى مشرف
الصفحة الكبير إنه كان مقالاً جيداً جداً فقلت بالمقبل: هذا يفسر سبب عدم نشره.. ولتعليق
الرجل وتعليقى المتداخل معه بقيّة لطيفة دالّة
مُفَصَّلَة في المتن:
|