f]-->



عن عن تجسد الكلمة

De 'De Incarnatione Verbi Dei'

Περί 'Περί Σάρκωσησ του Λόγου του Θεού' 

عن كتاب "عن تجسد الكلمة" لأثناسيوس السكندري وهو بعد شماس حدث،

وعن النظر في بعض مجهودات ترجمته،

وعن شغف البعض به بغير معرفة وفهم كافيين أو نقيين

درافت عاجل لحفظ الأفكار

(ربما يجد المتابِع للدرافت العاجل هذا فقرة ناقصة أو متكررة وكثيراً من التايبوز ولكن يقيناً سيجد أفكاراً أصيلة عميقة تجمع بين صفتي الجدد والعتقاء في آن)

      شماس مهنس باسل لمعي            .      

 

فهرس:   عن هذا الدرافت   *   تاريخ الكتابة   *   أصالة الأطروحة   *   رؤوس نقد وجيزة للمحتوى   *   ملحق روابط لاحقة

 

فقرة محذوفة من المقدمة (!؟!) احتفظتُ بها على بوست فيسبوك

 

 

؟ من لا يعرف كتاب "عن تجسد الكلمة"؟

؟؟ وما الجديد الذي يمكن إضافته عنه؟

! الكل يعرف الكتاب ولكن ليس الكل يعرفه بحق المعرفة!

!! والكلام هنا به جديد في النظر لقضاياه المعهودة،

وبه جديد في إضافة قضية لم يسبق تناولها من الأصل ألا وهي تناول تعامل جيلنا مع هذه الأطروحة "الآبائية"،،

وبه موجز مفيد لخلاصة النظر والنقد في منتوج آبائيّ شهير مع أخطاء تعامل المحدثين معه...

 

على أن مفارقةً هنا أشير لها مبكراً... فبينما أولئك المشتغلون بـ"المرجعية الآبائية" وأتباعهم، لعلهم، يضيقون بنفضي لمبدئهم ونقدي لأخطاء استدلالاتهم ونفضي لناقص معطياتهم، فإن البابا أثناسيوس ذاته أؤمن أنه يتهلل بكلامي فرحاً وكيف لا وهو مصاحب هذا المنهج وهذه المرجعيةعينها وهو الذي اصطادته شباك لاهوت رب القوات فهو حقيق أن يفرح بكلمة الحق مُفصَّلَةً باستقامة، كما في مراجعتي المتواضعة هنا لأطروحته الأشهر،،،،،

 

وبعدُ، فهذا ليس إلا درافت عاجل التلصيم لعرض الأفكار التي تجمعت من إجابة تلقائية مبكرة في اجتماع شباب كنيسة "سانت مارك دي سي" (بولاية فرجينيا) حين ناقشوا الكتاب من واقع ترجمة بتقديم سي إس لويس (St. Athanasius, On The Incarnation, translated and edited by A Religious of C.S.M.V,

with an Introduction by C .S. Lewis,  St Vladimir Seminary Press, Crestwood, NY, 2000)

مع ورقة كتبتُها في بكور زمن تكريسي النظاميّ عندما عَرَض لي ترجمة أخرى للكتاب كرّر فيها المترجم تقديراً خاطئاً متروكاً عن تاريخ كتابة "البابا أثناسيوس" لاطروحته الشهيرة هذه.. وبالمرّة فرصة لإضافة روابط لبوستات وفيديوهات لاحقة متصلة بالأفكار ،،،،،

 

ثمن النظر في الأصالة!!

إن قضية التشكيك في أصالة أطروحة "عن تجسد الكلمة" من حيث نسبتها لشخص أثناسيوس السكندريّ، وإن كنتث رجّحت بقوة تكاد تكون تأكيداً أنها قضية فاشلة، فإن مجرد قيامها في حد ذاته له تبعات:

أولاً يخصم من القيمة المرجعيّة للكتاب!

إن عدم تقدير بعض أهل جيله لاسيما الغيورين في الأرثوذكسية الذين تبلغ غيرتهم حد التأليف ضد الأبوليناريين، إن هكذا رفض يخصم من استحقاق إسباغ الاعتبار عليه، ولاسيما بهكذا إفراط أعمى ظاهر في حال أهل جيلنا معه!

ثانياً يخصم من كفاءة من يحاولون تصديره كمرجعبة في جليلنا!!

لأنه يلزم من يعتنق مرحعية ما أن يتقن عنها ما يكفي وهو ما لا يظهر مع جهلهم جميعاً، أو تجاهلهم ربما، لقضية خطيرة هكذا.. وسواءجهلهم او تجاهلهم فإن عجزهم عن مناقشة القضية ثابت على الوجهين..

ولا يمكنهم إدعاء استخفافهم بها، بأثر رجعيّ بعد كشفها الآن، لأنه لو كانت هكذا خفيفة لدعتهم كل الدواعي لكي يتكلموا:

أن يبرئوا علمهم وأن يحصّنوا اتباعهم، ولكن واضح انه جهلاء أو متجاهلين للإحاطة بقضية أصالته، فوق عدم انتباههم الفنيّ لقضايا رئيسة في محتواه ستوالي هذه الورقة عرض أبرزها...

هكذا تسقط قيمة استعمالهم للكتاب كمرجعية على المستويين:

من حيث متن الأطروحة ذاتها، ومن حيث أهليتهم هم لاستعمالها..

 

1

تحرّي زمن الكتابة

 

بالإجماع تقريباً، فإذا صحت نسبة أطروحة "عن تجسد الكلمة" وقبلها جزئها الأول "ضد الوثنيين"، إذا صحت نسبتها إلى شخص البابا أثناسيوس السكندريّ  فإنه يكون قد كتبها في بكور شبابه وهو نحو سنة 318م.. قبل اندلاع بدعة أريوس ووعي كنيسة الإسكندرية مبكراً في مواجتها..

ومن جهتي سأتحرّى القضية بتوسيع دائرة الاحتمالات بأقصى قدر ممكن فأضع زمن الكتابة، إذا كان الكاتب هو أثناسيوس شاباً، بين سنة 316م إلى 318م أي في عمر بين 16 إلى 22 سنة من عمر الكاتب (باعتبار استقرار تعيين سنةمولده بين 296م إلى 298 م)..

 

تحديد نقطة البداية يكون بعد استقرار حكم قسطنطين ورسوخ قبول الإيمان المسيحيّ في أركان الدولة، مع بلوغ الكاتب عمراً معقولاً ككاتب لهكذا أطروحة..

الاعتبار الثاني (تقدم عمر الكاتب فوق منتصف العقد الثاني من عمره) فبديهيّ..

وأما الاعتبار الأول (وقوع تاريخ الكتابة بعد قبول الدولة شرعياً للديانة المسيحية) فظاهر من ثلاث نقاط:

& أولاً لغة الاطروحة بجزئيها التي تخلو من أي ذِكر لمعاناة الكنيسة في وقتها من الاضطهاد،

&& وثانياً لغة الأطروحة التي تعكِس اتساع ورسوخ العبادة المسيحيذة في وقتها،

&&& وثالثاً ملاحظة دقيقة أفاد بها الكاتب في معرض حديثه عن معايب العبادة الوثنية بإشارته لبطلان عبادة الامبراطور (ضد الوثنيين، فصل9 فقرة5) وهذا يستلزم أن الامبراطور كان قسطنطين بعد وضعه لعلامة الصليب على خوذته وروايته للحلم الذي رآه..

مع قسطنطين في هذه المرحلة من حكمه، وفقط، وبمنطق من حيث الأمر الواقع، يجوز استيعاب نقطة بطلان عبادة الامبراطور، باعتبار إعلان الامبراطور للحلم ولخضوعه لعلامة الصليب ولقبوله شرعية الديانة المسيحية التي لا تقبل عبادة الإمبراطور،

وإلا فإنه رسمياً كان قسطنطين تاريخياً كان آخر الأباطرة الذين كان تقنين الدولة يقضي بعبادتهم! (الأمر بديهيّ لأن قسطنطين كان امبراطوراً على جزءمن الدولة منذ 306م فيكون باعتباره اول امبراطور مسيحيّ فيما بعد هو آخر من حمل امتاز تلقي العبادة كإمبراطور..

 

وأضمن نقطة توافق هذين الاعتبارين تكون بعد 3 سنوات من سنة 313م تاريخ مرسوم ميلان القاضي بقبول الديانة المسيحيّة بين ديانات الدولة، بعد انتصار قسططين على مكسنتيوس وتوسيع وترسيح دائرة سلطانه الامبراطوريّ في الدولة، وهو المرسوم الذي فاق سابقه في 311م بإعادة الكنائس لأصحابها والسماح بحرية العبادة للجميع وان من وقعوه هما اثنان قسطنطين وليسينيوس مقابل جاليريوس الذي وقع مرسوم 311م منفرداً، (R. Gerberding and J. H. Moran Cruz, Medieval Worlds, 2004,  p. 55; see also Gibbon, The  Decline and Fall of the Roman Empire, Chapter 18; (Gibbon, Age of Constantine;  see also H, G. Wells, History of the World)  ويكون فيها عمر البابا اثناسيوس هو أقل من 16 سنة إلى 18 سنة!

إذاً 316م هي نقطة بداية الفترة التي تحتمل كتابة أثناسيوس السكندريّ لأطروحته الأشهر..

يمتنع بداهةً، مع قبول أن الكاتب هو أثناسيوس  حامي الإيمان والبابا فيما بعد، يمتنع تحريك نقطة البداية قبل هذا..

 

وأما نقطة نهاية احتمال زمن كتابتها فيلزم ان يكون قبل احتلال المواجهة الكنسيّة القوية لبدعة أريوس، من حيث أنه لا يمكن تصوّر أن تكون بدعة أريوس في الأفق بينما تخلو كل فصول الأطروحة بجزئيها من التعرّض لها،

لاسيما والموضوع هو ذات موضوع براهين البابا أثناسيوس طيلة زمنه فيما بعد في ضحد بدعة أريوس والذي هو موضوع الفداء وشروط الفادي..

وعليه يكون زمن كتابتها الأخير لا يزيد عن بداية سنة 319م (التاريخ مشهور وبلا جدال وسأعفو  مرة ثانية عن مجهود إسناده بمرجع)..

 

إذاً، تاريخ كتابة الاطروحة الأثيرة بجزئيها بين 316م و319م،

ويقع في قلبه ترجيح أكثر المؤرخين بكون تاريخ الكتابة هو سنة 318م..

ويكون أثناسيوس بين 20 إلى 22 سنة من عمره المُبارَك..

 

!؟! على أن رأياً خاطئاً فوق المعقول ظهر قديماً وتجددت محاولة تدويره في كنيستنا في ترجمة د. جوزيف فلتس..

وسأعرض الآن كل براهينه وأظهر عدم صحتها..      

 

ولكن قبلاً يجدر تسجيلي لهذا الديسكليمر الشخصيّ:

فإن ما بلغني عن د. فلتس الذي لا معرفة شخصية بيننا هو خير.. كل معرفتي بـد. جوزيف فلتس أنه غير متحزب ويطلب الخدمة في هدوء بعيداً عن الصراعات، وحتى تعاطفت معه حين حاول مطران دمياط إحراجه والتعولم عليه في مؤتمر "تثبيت العقيدة" سنة 2004.. وعلى ذلك فإن من يتابع كلام الفقرات النقديّة التالية يجدر به أن:

@ ينظر فيها لمعنى "العنف الموضوعيّ" الذي لا يُعنيه شخص من تكلّم بالقضايا موضع النقد وإنما يكافئ بدرجة شدّته الموضوعيّة الواجبة فداحة النقاط موضع النقد،
@ وألا ينظر بعيداً عن المعنى الموضوعيّ ليوفِّر على نفسه مشاغلات مظنّات الجدليات الشخصية المنخفضة القيمة التي ملأن ساحات النفوس قبل ساحات الدروس،،،،،

 

 

فإذاً ستلى "أدلّة" د. جوزيف فلتس على الرأي الذي انحاز له بشأن تزمين كتابة أطروحة "عن تجسد الكلمة"، مشفوعة بتقييمها وعرض المنطق الصحيح بدلاً:

 

- سبق عرض أخد أقوى عوامل ترجيح تاريخ كتابة الأطروحة قبل اندلاع بدعة أريوس من حيث خلو الكتاب من ذكرها تماماً وهو غير المعقول إلا أن يكون مكتوباً قبل ظهورها..

وفي مواجهة مستترة مبكرة لقضية خلو "عن تجسد الكلمة" من أي ذِكر لبدعة أريوس فإن د. فلتس بدأ مبكراً بالتحويط على هذه الحجة بادعاء ظاهر الدفاعية لمن يدري بخلفية القصد:

"من الجدير بالذكر أن مقالة "تجسد الكلمة" تقدم رداً حاسماً في مواجهة الهرطقة الأريوسية، بل نستطيع أن (صحتها إن) نقول أن القدس أثناسيوس لم يعط جواباً أكثر وضوحاً ضد الأريوسية مثلما أعطة في هذا المقال"  (تجسد الكلمة، ترجمة د. جوزيف فلتس، مؤسسة القديس أنطونيوس، نصوص آبائية-83، الطبعة الثالية نوفمر 2004، ص15)..

 

وهذه محاولة دفاعية ضمنية، ولا أقول ضعيفة بل فاشلة تماماً:

+ إن مبالغته في التنبير على محتوى الكلام في الرد على بدعة أريوس يجوز مع شواهد الكتاب المقدس ذاتها، ويجوز مع أي شرح نقيّ عن الخلاص دون أن يذكر البدع المضادة له او حتى يعلم المتكلم بها.. فهكذا دائماً التعليم الإيماني يحمل معه الرد الأقوى على اي بدع مضادة!!

فلماذا يتهوّع د. فلتس في التأكيد على هذه البدبهيّة؟

واضح أنه يتحسّب في خلفية كلامه للبرهان الأقوى الناقض للنظرية الفاشلة المهجورة التي انحاز لها..

++ إن الرد على بدعة بعد ظهورها لاسيما في ذلك الزمان، لاسيما مع طبيعة منهج المبتدعين في الترويج لبدعهم،

يستدعي بالحق والواجب معاً كلاماً يمسك بنواصي حججهم ويكثف تفانيدها..

+++ وهو ما فعله البابا أثناسيوس بالفعل! سأطيل قليلاً هنا بعبارات قوية لزوم فجاجة "الحجة":

هل من حاجة لإثبات أن منهج البابا أثناسيوس المعروف عنه عبر رسائله ضد الاريوسيّة بل وفي كل كتاباته بعد مجمع نيقية فإنه لم يسلك بنظرية د. فلتس بتقديم "رداً حاسماً.. مثلما أعطى في هذا المقال" بل كان يذكر نصوص كلامهم واحياناً يثبت رسائل كاملة ويرد عليها بتفصل التفصيل..

إن أثناسيوس تقريباً كرّس حياته لمحاربة الأريوسية بعد مجمع نيقية وحتى حين أرسل إجابة للأسقف سيرابيون عن الروح القدس في رسائله الخمس المعروفة في هذه القضيّة، وإذ هو يرد على بدعة أخرى، ومبكراً جداً في مطلع رده، فإن أثناسيوس يشير إلى بدعة أريوس سلباً بقوله عن المبتدعين ضد الروح القدس إنهم مبتدعون وإنه لا يعفيهم من مقوامتهم للإيمان ادعاؤهم بمقوامتهم للبدعة الأريوسيّة!! (رسائل الروح القدس، ترجمة القس مرقس داود-- القمص مرقس داود لاحقاً، فصل1، ص6، مدارس الأحد بالجيزة).. وملأ الفصل الأول كله بالمقابلة بين فريقي البدعتين حتى قال في الفصل الثاني إنهم، مع ادعائهم مقاومتها، فإنهم  في الواقع متأثرين ببدعة أريوس!!!! (المرجع السابق، فصل2، ص7)..

البابا اثناسيوس بعد نيقية لم يكتف إذاً قطّ بالكلام المبدئيّ  حتى عابه في هوامش دفاعه أحياناً تسلل مشاكل المنهج الدفاعيّ على دقة المنطق! كان البابا أثناسيوس بكل وضوح على تمام النقيض من تقديم "رداً حاسماً" خالياً من تفصيل ذِكر حجج الاريوسيين المغالِطة، كلا لم ينهج قط هذا المنهج الذي يتمحك فيه فلتس شعوراً بضعف رأيه..

فكيف بالبابا أثناسيوس الآن وهو  يكتب أطروحة عن الفداء الذي هو  قلب عناصر أعمال لاهوت الرب الذي تهجّمَت البدعة عليه، كيف به وهو صاحب منهج تفنيد بدعة الاريوسيين بشروط الفداء، كيف به أن يكتب في قلب الموضوع ولا يشمل البدعة بتفانيده المألوفة، بمنهجه الـ"بريكوبي" المعروف؟

ألم يقرأ د. فلتس أعمال أثناسيوس؟ بلى قرأ ولكنه الغرض الذي قاد للمرض..

(ملاحظة فنية: يجدر تلخيص هذه الفقرة في النسخة الأخيرة للعمل)

 

-- ثم يبدأ د. فلتس "حججه" الصريحة بما يظهر معه بكل ظهور ويتضح بكل وضوح أنه يتوسل رأي نفسه لإثباته.. هكذا يقول:

"أولاً أن القديس أثناسيوس يشير في كتابه هذا إلى " أولئك الذين يريدون أن يقسموا الكنيسة وقد تشير هذه العبارة إلى الإنشقاق الذي  حدث قبل مجمع نيقية والذي تزعمه ميليتوس مطران أسيوط، إلاّ أن القديس أثناسيوس كان يستخدم هذه العبارة دائمًا في كتاباته الأخرى مشيرًا بها إلى الآريوسية. وترتبط هذه العبارة في مقالة " تجسد الكلمة " بمفهوم جسد المسيح الغير منقسم ، وهو موضوع نجده فقط في الرسائل الفصحية التي كتبت قبل وبعد نفى البابا أثناسيــوس لأول مــرة وذلك في عـام (335م)" (د. فلتس، المرجع السابق، ص26-27)..
+ لقد أجاب د. فلتس على نفسه من البداية بإشارته إلى الانقسام الحادث قبل مجمع نيقية، ولكنه عاد لمحاولة "إثبات" أن نفس التعبير ظهر طيلة كلام البابا أثناسيوس فيما بعد عن انقسام بدعة أريوس!! بديهيّ ان يكون الحال هكذا لأن الانقسام بعد مجمع نيقية كان انقسام المبتدعين، ولكن هل كان أثناسيوس قبل مجمع نيقية يعلم بانه ستظهر بدعة أريوس وانه سيقرر أن يختصها وحدها بحديثه عن "انقسام جسد المسيح"؟ يقيناً لا، ولكن د. فلتس يتوقع منه هذا للبرهنة على رأيه..

++ ولكن التفسير البسيط هو ما بدأ به د. فلتس نفسه أن هناك انقسام وان الكلمة تفيد التحذير من الانقسام.. وأي انقسام في جسد المسيخ يُسمَّى انقسام،

+++ ثم أن بدعة أريوس حدثت "بعد" انقسام ميليتس.. فالسؤال اللطيف مني على ذاك الاستدلال الظريف من د. فلتس: 

هل يخترع أثناسيوس كلمة جديدة للمعنى ليميز شر الأريوسيين عن شر الميليتسيين؟

 

المفيد هنا: لا دليل. والمُستدلّ يدرك الرد قبل أن يحاول إضعافه بلا جدوى منطقية..

 

--- ثم يسوق "حجةً" تجمع بين آفة المنطق الدوريّ المفضي إلى اجتزاء استقراء مريع للاحتمالات:

" ثانيًا: لقد قصد القديس أثناسيوس أن تكون طريقة الكتابة ومناقشة الأفكار في كتابه " ضد الوثنيين " و " تجسد الكلمة "، مشابه لكتاب الثيوفانيا الذي كتبه يوسابيوس أسقف قيصرية، كما سبق القول. وكان يوسابيوس قد كتب كتابه هذا قبل عام 335م، وبعد أن كان الإمبراطور قسطنطين قد . 42 انفرد بالامبراطورية في عام 323م" (د. فلتس، المرجع السابق، ص27)..

 

+ لماذا يفترض أن كتاب أثناسيوس هو الذي يُحاكي كتاب يوسابيوس؟ لماذا لا يكون العكس؟

ولماذا لا يكون كلاهما يسير على نهج سكولاستيّ معروف آنئذٍ؟

أي كلام بصراحة! إنه منطق دوريّ فجّ فهو افترض أن اطروحة أثناسيوس متأخرة ثم وجد كتاب يوسابيوس واقع قبل تاريخه الافتراضيّ فاستنتج ان أثناسيوس كان يحاكي يوسابيوس، فعاد ليستدل بما استنتجه من ذات افتراضه..

++ ثم لا أثناسيوس ذكر أنه يرد على يوباسبوس أو يحاكيه ولا العكس، وإغفال الذِكر من جانب شخص مثل اثناسيوس يزيد من ترجيح استبعاد أنه كان يقصد من أغفله، فإن أثناسيوس يحرص على ذكر حجج خصومه بدقة، بل وليس بعيداً فإن  يوسابيوس ذاته كان البابا أثناسيوس هو من احتفظ للتاريخ بنص رسالته لكنيسته ملحقاً في ختام دفاع البابا أثناسيوس عن مجمع نيقية،  كتبها يوسابيوس لتبرير توقيعه على قانون الإيمان النيقاويّ!!

(NPNF, op. cit., p.73 sqq. (Epistola Eusebii from Athanasius’ De Decritis.)

كان لهذا العمل التوثيقيّ المحترم من جانب البابا أثناسيوس فضل حفظ وثيقة نادرة على اجماع قوانين إيمان المعموديات بوحدة الإيمان المسيحيّ الصحيح حتى لم يبق للمبتدعين إلا تغيير معاني الكلمات بغير قدرة على الحيود عن نصها)

ألا يعلم د. فلتس ذلك أو بالأحرى ألم ينتبه له؟

+++ الخلاصة على كل احتمال:

كيف بالبابا أثناسيوس أنه يكتب أطروحة مفصلة متابعاً كتاباً آخر لخصم لا شك في خصومته، وهو الىن حسب الفرض هو البابا أثناسيوس بطل مجمع نيقية وصاحب الرسائل المطولة المفصلة في ترصد حجج الأريوسيين، كيف به يتغافل عن إثبات قصده بمتابعته لكتاب غيره دون ذكره وتوثيق فقرات منه؟

لا هو طبعه إن كان يرد على يوسابيوس ولا هي قيمته إن كان يقلده..

 

---- "وأخيرًا فهناك عبارة ذكرها القديس أثناسيوس في كتابه " ضد الوثنيين " تدل على أن هذه المقالة قد كُتِبَت قبل وفاة قسطنطين في عام 337م وكان قسطنطين هو آخر إمبراطور صدر الحكم رسميًا باعتباره إلها: ولا تعجب، بل لا تظن أن ما نقوله صعب التصديق، إذا ما قررنا أنه إلى عهد قريب - ولو لم  تستمر هذه الحالة للآن ـ كان مجلس الشيوخ في الإمبراطورية الرومانية يصوت للأباطرة الذين حكموهم من البداية لكلهم أو لمَن يشاءون ويقررون ليعطوهم مكانًا بين الآلهة ويأمرون بعبادتهم " ضد الوثنيين فصل 9:5" (د. فلتس، المرجع السابق، ص27، مع هامش43)..

+ أين الدليل؟ الحدث الذي وقع الكتاب بعده هو بطلان عبادة الأباطرة.. والكاتب يشير انها كانت إلى "وقت قريب".. وهذه العبادة بطلت بعد قسطنطين رسميّاً وفي الواقع فإنها عملياً قد بطلت بعد إعلان قسطنطين نفسه انحيازه للإيمان المسيحيّ أو على الأقل بعد مرسوم ميلان القاضي بحرية العبادة التي معها ستبطل تلقاءً عبادة كثيرين للامبراطور..

فلماذا تكون الأطروحة المكتوبة "بعد وقت قريب" من بطلان هذه العبادة،

لماذا تكون مكتوبة بعد خمسة وعشرين سنة من بطلانها وليس بعد خمس سنوات؟

 

---- ثم يقدم دليلاً به على وجهٍ ما بعض الوجاهة ولكن يحمل معه وجهاً أوجه وله كل الوجاهة:

 "ثالثًا: يذكر القديس أثناسيوس في بداية الجزء الأول من كتابه هذا، أنه لم يكن بين يديه في الوقت الحاضر مؤلفات معلّمينا لنبعث إليك كتابة ما تعلمناه منهم عن الإيمان.(هامش44)

 يقود هذا القول إلى التساؤل: إن كان القديس  أثناسيوس قد كتب هذه المقالة وهو شماسًا للبابا الكسندروس، فكيف لم يكن متاحًا له إمكانية الوصول لمثل هذه الكتب الهامة وهو الشماس الواعد في الكنيسة؟" (د. فلتس، المرجع السابق، ص27-28)..

+ صحيح.. نقطة تساؤل وجيهة.. كيف إذا تماشينا مع افتراض كتابة الاطروحة في زمان شباب أثناسيوس الشماس السكندريّ كيف لا يعرف هذا الشماس الشاب تلميذ مدرسة الإسكندريّة الأنبغ أن يصل لكتب المعلمين، ولكن،،،،،

الأوجه والأدعى للتعجّب هو التماشي مع افتراض تأخر زمن الكتابة ليكون على يد البابا حامي الإيمان بطل مجمع نيقية ومعلم المسكونة، كيف يسوغ ابتلاع عبارة أنه يحتاج للوصول لكتب معلمين غيره! بل ويأسف لمن يراسله أن كتابته له ناقصة من هذه الحيثية، متى وفي اي ما كتبه البابا اثناسيوس وهو البابا حامي الإيمان أنه استشهد بمعلمين غيره؟

++ بل الواقع أنه كان يدافع عمن سبقوه ويشرح مقاصدهم إزاء تهجمات ومغالطات الأريوسيين،

لا أنه عاد لهم هو ليستعين ويستشهد بتفاسيرهم وشروحهم..

(منهج المرجعيّة الذهبيّ للبابا أثناسيوس-- ولاسيما فقرة نظره لتضارب ظاهريّ بين البابا ديونيسيوس ومجمع أنطاكية الحارم للساموساطيّ،

ورابط مباشرلـملابسات شرحه لفقرات البابا ديونيسيوس, وأيضاً

  NPNF, op. cit., De Sententia Dionysii, pp. 1740175; On The Opinion of Dionysius, ibid, p. 176 sqq;

cf. ibid, De Decritis, ch. 6: Authorities On The Supprt Of The Council:Theognostus, Dionysius of Alexandria, Dionysius of Rome; Origen.)

"حجة" د. جوزيف فلتس "اتسعت" هذه المرة!!  

+++ وبالمناسبة فإن الاحتجاج في الشرح بالآباء بدأه الأريوسيين وهذا معلوم لكل المطلعين على تاريخ الكتابات الآبائية ولم يظهر هذا المنهج بالارتكان لمرجعية آبائية إلا مع جدليات البابا كيرلس الأول ضد الإنطاكيين ولاسيما النساطرة..
++++ ثم ما كان أسهل على البابا أثناسيوس أن يُذكِّر الكاتب بعلة امتناع وصوله للكتب التي هي منفاه،

ولكنه لم يذكر شيئاً من هذا، ولا يمكن أن يكون قد قصدَ ترك الاستنتاج لد. فلتس.. 
+++++ إذاً معنا الآن صعوبتان متضادتان في اتجاهي ترجيح متعاكسين...  فأيهما أقرب للتصوّر:

^ أن كتباً لم تتوفر للشماس الشاب أثناسيوس-- إن كان هو كاتب الأطروحة، بفعل أي عائق،
وما أكثر العوائق التي لا تقوم حاجة لتعيينها لكونها عارضة؟

^^ أم أن البابا أثناسيوس حامي الإيمان وصاحب الأعمال المتوفرة الوفيرة الشهيره من رسائل ضد الاريوسيين وضد غيرهم من المبتدعين إلى عشرات الرسائل الفصحية، فأين في أيها كان يستقي في دعم شروحه من "معلمينا"،

خلا حينما كان ينقل فولاً مبتدعاً يتمحك في أحد الآباء الأسبق منه فيقوم مدافعاً عن الآب لا مستشهداً به..  

حجة طريفة من د. فلتس لاسيما وهو يبالغ في نبوع الشماس الواعد حتى يقلل فرصة عجزه عن الوصول للكتب، والأطرف منها أن ردها بنفس حماسه "للشماس" أثناسيوس ولكن بتوجيهه "للبابا" أثناسيوس، والبابا يكسب الشماس في مباراة "المبالغة" هذه إذ عدم حاجته للكتب وعدم تصوّر عودته وهو البابا بطل نيقية إلى نقل أقوال سابقيه وفيم؟ في الرد على الوثنيّين الذين كان الرد عليهم قد تجاوزه الزمن وغطت عليه حروب البدع في الزمن المتأخر الذي قدّره د. فلتس (او اتبّع فيه رأياً شاذاً معروفاً)، تفوقت عدم حاجة البابا أثناسيوس لهذا على عجز الشماس عن الوصول لها مع صعوبة كليهما..

 

----- يحيل د. فلتس رأيه عن كتابة البابا أثناسيوس للأطروحة قبل وفاة قسطنطين للعلماء المعروفين تليمونت وتشوارتز وكاننجيسّر (د. فلتس، المرجع السابقن ص28).. ليست أمامي أعمالهما الآن ولكن إن كان هنالك ما أضافاه للتدليل على هذا الرأي واهمله د. فلتس فهذا أمر عجيب لو كان،

 

+ وأما المعقول أنه أورد أقوى ما قدماه بجانب ما جاد هو به، إذ لا أظن أن دليلا ذا بال كان د. جوزيف فلتس سيفلته لو اطّلَع عليه، فيكون الرد على ما عرضه يشمل جميع من استشهد بهم..

 

------- بعد كل هذا تبقى أدق الملاحظات فنيّةً في خط استدلالات د. جوزيف فلتس، ، وهي ملاحظة الوجه المنعدم في "حججه"!
+ إذ أغفل د. فلتس التقييم الموضوعيّ المضاد للبرهان الأقوى ضد النظرية التي انحاز لها، الذي هو  خلوّ الرسالة من أدنى إشارة صريحة واجبة للأريوسية، مكتفياً بمواجهتها بما اعتبره حججاً "قوية" وهي "القوة" التي تم اختبارها فيما سبق..

وبصرف النظر عن الآراء هنا أو هناك فإن التقصير في مواجهة البراهين المضادة هو عيب بحثيّ خطير!

 

@ وفوق الكل: كيف يُعقَل أن يكتب البابا أثناسيوس في نهاية ثلاثينيّات المئة الرابعة كتاباً تفصيليّاً ضد الوثنيّين؟ يليه بجزء تفصيليّ للبرهنة على الإيمان المسيحيّ؟ هل كان منفصلاً عن زمانه؟ وعن معركته؟ وحتى بغير النظر لملعركة ضد الأريوسيّين، فأي تحدٍّ  مثّله الوثنيون وقتها حتى يسترجع جدليّتهم؟ أجّلت هذه الملاحظة الأقطع للنهاية حتى لا أصادر على متابعة تفاصيل "منطق" د. فلتس.....

 

وكتقييم شامل لهكذا محاولة من د. فلتس يظهر أن أقصى ما يمكن لأصحاب افتراض أن الأطروحة مكتوبة بعد مجمع نيقية أن يعرضوا النقطة بين ما يوافق ولا يعارض، فما الذي حوّلها لقائمة نقاط الإثبات!؟! لا شئ إلا ما يُعمي الأذهان المنطقية ويسوقها إلى "تسجيل"، والأحرى لـ"التقاط"، أية نقطة تصدفهم، ومعروف ما ذاك!

إنه الغرض الذي يستبدل بالمنطق المرض..

 

(وبالمرة فهذا رابط لمحاولة مختزلة مبكرة لرصد مشكلة النظرية التي انحاز لها د. جوزيف فلتس)..

 

 

 

2

أصالة الكتاب

 

انتهى النظر في تاريخ الكتاب لإثبات بكوره قبل مجمع نيقية بل قبل اندلاع البدعة الأريوسية أصلاً.. وإلى أن افتراض عكس ذلك يقوم على "أدلة" عكسية ومفرطة الركاكة!!
ولكن... تكرر من وقت لآخر في سطور ذلك الفصل التنويه أن هذه النتيجة المحققة عن تاريخ كتابته هو تحت شرط أن يكون الكتاب صحيح الانتساب إلى أثناسيوس..

وأما مع قبول تغيّر زمن الكتاب فيلزم بالضرورة تغيّر كاتبه!!

وحالها يصير أقوى الاحتمالات هو ما ظنّه بعض شبه المعاصرين للكتاب أنه منتَحَل وملفق الانتساب للبابا أثناسيوس بعمل الأبوليناريين!!!!

 

وهذا الفصل في فحص أصالة أطروحة "عن تجسد الكلمة" هو عمل غير مسبوق،ويأتي ممن يراجع وينظر ويرصد الخطأ (شخصي المتواضع)، ولم يأت، كما هو حريّ، ممن طالما تهوعوا في الاستشهاد بهذه الأطروحة على أنها من أقداس الوحي أو لا تقلّ، فيما هم متغافلون أو لعل أكثرها كان غافلاً، والمؤكد أن جميعهم كان كسولاً عن طرح السؤال البديهيّ بمراجعة أصالة ما يستندون عليه هكذا استناد أعمى...

 

في هذا الفصل ثلاثة أسئلة:
هل الأطروحة ذات الجزئين عن "ضد الوثنيين" و"عن تجسد الكلمة" هي بقلم أثناسيوس الشماس السكندريّ الشاب؟
وهل من يستشهدون به بإفراط من "المستيكيين" أو حتى من "الرسميين" نظروا هذه القضية الرئيسة أو حتى فكّروا فيها أو هل علم بعضهم بها أصلاً؟

وهل لهذه القضية تأثير ما على قيمة محتوى الكتاب؟ فإن كان فما هو؟

 

2. 1. 1 تشكيك مبكر

لقد قام للتشكيك في هذا مصدر معاصر للكتاب نفسه!!

ونسبه لأتباع الأسقف أبوليناريس صاحب البدعة المعروفة باسمه..

واشتهر هذا المصدر بعنوان ترجمته اللاتينية
Adversus fraudes Apollinaristarum (ضد أخطاء الأبولينارية)،

وهو مصدر مجهول الكاتب ولكن موثوق القدم والمعاصرة لفترة النشاط المتأخِّر للمدرسة الأبولينارية في مطالع المئة الخامسة بعد الميلاد..
(إضافة لاحقة: ظهر سنة 2017 كتاب ضم ترجمة إنجليزية لهذا المصدر منسوباً لـ"ليونتيوس البيزنطيّ"

Leontius of Byzantium: Complete Works, Edited by Brian E. Daley, Oxford Early

Christian Texts, Oxford University Press,  2017)

 

2. 1. 2 التشكيك لا يخلو من عناصر جدية ودعم

فما مدى جدية شهادة هكذا مصدر؟

لاستكمال النظر يجوز رصد ثلاثة علماء آبائيات أخذوا هذا المصدر بجدية ووجدوا في كتاب "عن تجسد الكلمة"،

ما يوافق منفعة الأبوليناريين في جدالهم:

, Lemaître (1741), Corleone (1877) and Münsinger (1895)

Cf. Cothalic Encyclopedia, Appolinairianism

وهؤلاء بحثوا في تفاصيل الكتاب ووجدوا توافقاً ما مع مبادئ فكرة أبوليناريس وانتهوا لترجيح أن الكتاب من عمل الأبوليناريين..

ومن يرغب في الاسترسال مع هذه الفكرة فليرجع لتلك الأعمال..

ولكن لا عبرة قاطعة بأسماء ولا بعدد لترجيح الحكم في قضية موضوعية ما..

سأعرض باختصار من جانبي بعض ملامح أبولينارية واضحة في كتاب تجسد الكلمة..

وسأخضعها للنظر الموضوعيّ المتأني لتقدير مدى كفاءتها في اعتماد افتراض انتحال الكتاب..

فيلزم أولاُ تلخيص نظريّة أبوليناريوس:

نظريّة أبوليناريس يمكن استقراؤها بدقة من الردود عليه من محصلة رسالتبن منسوبتين خطئاً للبابا أثناسيوس مع رسالة وكتاب لغريغوريوس النيصيّ، فمع الحرص من رد غريغوريوس النيصيّ في مواضع ظهر أنه لا يضبط فهمه لها، حتى أنه اتهم أبوليناريس بالتعليم بسابق وجود جسد الرب قبل التجسّد، وهو غير معقول من واقع استقراء نظريته عبر كافة الأعمال المضادة فوق كون الفكرة مخالفة لصُلب إشكاليته التي أقام نظريته لحلها المفترض، وعلى كل حال فمن تدقيق الاستقراء لكل المكتوب ضده يمكن الاطمئنان لخلاصة العرض التالي لعموم فكرة أبوليناريس:

بعدما اعتمد الأسقف أبوليناريس تقسيم الإنسان بحسب التقسيم الشهير السابق لسقراط عبر كتابات أفلاطون، إلى جسد ونفس لحميّة (بهيميّة) ونفس عاقلة (تتمثل ثلاثتهم في المعدة وما أسفلها حيث تتلخص حاجة الجسد، والقلب حيث النفس اللحميّة، والمخ حيث النفس العاقلة)، فمن هذا التقسيم (وهو موافق لتقسيم الجسد والنفس والروح بلا إشكال) أقام أبوليناريس فكرته على عمودين:

أن النفس اللحميّة هي معمل الخطية والنقص، وتشوِّه بحالها ذلك الروح الإنسانيّة ذات الوعي أو الذهن (نوس)، وهذا لا يليق بالرب.. فينبغي أن يكون له بديل إلهيّ عن روحه الإنسانيّ المشوَّه بعمل النفس الإنسانيّة، والبديل هو لاهوته-- هكذا فكَّر..

وعموده الثان لفكرته أن الاتحاد الإلهي بالطبيعة البشرية في التجسد هو اتحاد ينتج عنه شخص واحد لا شخصان متحدان والشخص الواحد يلزمه ذهن واحد ونفس واحدة لأن اتحاد ذهنين معاً لا يمكن أن يؤول لذهن واحد بسيط لأنه يبقى في حالة إثنينية دائمة بحسب طبيعة النفس والذهن..

ولم يكن صعباً عليه الانتقال من فكرة سقراط إلى دعمها بشواهد كتابيّة لا تخالف أصل الفكرة بحسب ما سيجتهد فيه من تفسير إلا في التسميات (وهي ما تاه فيها كثيرون من الشارحين فصاروا يخبطون عشواءً بين التسيات من روح وجسد وذهن فيما هم يحاولون شرح نظرية أبوليناريس)

فالحل لدى أبوليناريس من المشاكل المظنونة هي أن التجسد كان اتحاد لاهوت اللوغوس مع جسد بشريّ خالْ من الروح و(بالتبعيّة الذهن) الإنسانيّ، هكذا لدى فهم أبوليناريس حلَّ لاهوتُ اللوغوس الأزليّ محل الروح (والذهن بالضرورة التالية بحسب تصويره) في الكيان الإنسانيّ للكلمة المتجسد.. "لوغوس الإله بديلاً عن لوغوس الإنسان" هو باختصار الحل لمشكلتي أبوليناريس المظنونتين..

عن نقطة اتهام أبوليناريس بالتعليم بأزلية ناسوت الرب (وفي تقديري هو سوء فهم أو خلط بين تعليمه وتعليم متصلين غير أكفاء):

Anna M. Silvas, Gregory of Nyssa: The Letters, Brill, 2007, 144, 151. (preexisted humanity)

وعن نقطة "افتراض أن الذهن هو الروح أو فقط في الروح" في نظريّة أبوليناريس:

Gregory of Nyssa, op. cit., 143, 162 (nous is spirit).

وعن النقطة الرئيسة في "افتراض خلو ناسوت الرب من الذهن الإنسانيّ" في نظريّة أبوليناريس:

no intellectual capacity as to humanity, the question concerning the soul f Christ apo1 8b 8d

See also, Dragas, V. Rev. George Dion (1983) St. Athanasius' two treatises contra

Apollinarem, Durham University, pp. 208-209.

Later addition: Cf. Gregory of Nyssa, Robin Orton (translation), Anti-Apolinarian Writings, 2016. 

ثم هذا رابط لموضع محجوز لإضافة لاحقة لبحث دقيق عن عدم أصالة كتابين منسوبين لأثناسيوس ضد الأبوليناريّة،

مع فضول ميدة عن براءة وضديّ تعليم أثناسيس لتلك البدعة:

http://www.copticyouth4holybook.net/atha-anti-apo.htm

 

وأما إظهار خطأ خط تفكير ابوليناريس فمتوفر على كل وجه، ومع مشاكل فهم غريغوريوس النيصيّ له كما يبدو ومشاكل بعض منطق رده، فإن بكلامه ما يكفي لإظهار كل معايب نظريّة أبوليناريوس حتى لا يُغمَط حقه.. ومن جانبي المتواضع ألخٍّص رد مشاكل أبوليناريوس أن عموده الأول عن حتميّة فساد الذهن البشريّ تحت وطأة النفس اليشريّة هو كلام مخالف للصحيح وللكتاب المقدس (رغم شيوعه حتى لدى خصوم أبوليناريوس ما خصمّ من قوتهم ضده ومنهم غريغوريوس النيصيّ نفسه)، فليست ثمة "حتميّة" أصلاً، لأن مشكلة البشر كانت سقوط آدم قبل ارتقائه للمستوى الروحيّ لا حتمية سقوط كل نسله في الخطية، ومن نافلة القول أنه حتى بفرض وجود تلك الحتميّة فكيف بها تواصل وجودها مع اتحادها بلاهوت الرب؟ بينما تجديد الإنسان هو أصل من أصول مقاصد التجسّد؟! فلو كان حتماً على الذهن أن يفسد بفعل النفس مع كل البشر حتى يتم تجديدهم بعمل الفداء فليبدأ الرب مع الذهن منذ قبل فساده ويقوده محمياً من الفساد حتى يتمم الفداء ويقدم نموذج الإنسان الجديد بعد تمجده بالقيامة، ما المشكلة في هذا التفكير حتى لم يقبل بحتمية فساد الذهن لدى الإنسان الأول الساقط؟

والعمود الثاني لدى أبوليناريس عن استحالة اتحاد الكامل بالكامل هي فكرة غارقة في فقر استقراء نماذج الاتحاد، فكيف تكون فقيرة بينما النظر هو في تجسّد الرب الإله الفائق على العقول؟ ومحاولته الاستشهاد بـ"1كو15: 46" ليست بالجودة التفسيريّة الملزمة..

لو أحسن أبوليناريس النظر حتى في نماذج الاتحاد الماديّ المعتاد، وليس الحديث بعدُ عن النظر لهكذا اتحاد كيانيّ عجيب كما في التجسّد الإلهيّ، حتى الاتحاد بين المواد فليس كله ماديّاً فقيراً كما بين بين قطعتي لوحة خشبيّة يلزم نقص في كليهما عن الشكل النهائيّ حتى يتم باتحادهما معاً..

لم يفكر مثلاً في اتحاد صورتين متماثلتين بالتداخل معاً فتكون النتيجة ثورة واحدة لا تزيد بشئ عن الصورتين منفردتين، أو اتحاد صورة صغيرة بصورة كبيرة عبر الإسقاط الضوئيّ، فكل عناصر محتوى الصورة متماثل في الاثنتين مع اختلاف حجمهما ومع اكتمال كلتيهما في احتواء كل عناصر الصورة فإنهما متحدتان عبر المنظور، وهذا مثال كان يمكنه استيعابه بمجرد الخيال وإن لم يعش حتى اختراع آلات التصوير ولا شاشات العرض السينمائي.. ثم مثال هو الأقرب لحال التجسد: إن حواس النظر والسمع والاستيعاب لهما نسخة جسدية ونسخة روحيّة، وكلاهما متماثلتان كاملتان بالقباس لبعضيهما البعض، ومع ذلك فهما متحدتان معاً وبرهان أن البصر والسمع والاستيعاب لا يتوقفون على الجسد أن الروح بعد مفارقتها للجسد ترى وتسمع وتحفظ ذات وعيها السابق..

فكم وكم يكون ظهور شخص الرب الإله في صورة آدم التي أعدّها قبل كل الدهور لتكون صورة ظهور اتضاعه ومحبته؟ هل يمتنع اتحادهما لأن قطعتي jigsaw puzzle لا تتحدان بغير نقصيهما عن صورة اتحادهما؟

وأما استشهاده بـ"1كو15: 46" فجيد وكريم أنه اعتنى بهذا الإصحاح الذي بفواته فات الكثيرين الكثير وفسدت شروح أكثر، ولكنه للأسف قرأه وهو تحت وطاة فكرة خاطئة مسبقة لديه ففسره خطئاً ثم طبقه خطئاً، وفاته أنه شاهد ضد فكرته تمام الضديّة،  فعلى مستوى تفسير الشاهد فهو لا يتحدث عن "اتحاد" الحيوانيّ بالروحانيّ مع بقاء كلاهما على حاله، وهي صورة الاتحاد التي انحصر أبوليناريس فيها، ولكن عن "ارتقاء" الأول للأخير بغير ذكر للاتحاد بين كيانين! وهذا عمل تجسد الرب أنه يرقِّي الإنسان على صورته الروحيّة عبر اتحاده هو اتحاد (لا يمنعه فقر نظر ابوليناريس لنماذج الاتحادات) بصورة العبد..

 

وفوق ذلك فإن النظر لنتيجة ما سبق من أخطاء يُظهِر تضارباً مع ديمومة التجسد،

لأنه إن كان كلامه صحيحاً يكون وقت موت الرب بالجسد معناه مفارقة اللاهوت للناسوت، حاشا.. ولم تصل أطروحة "عن تجسد الكلمة" لأي من هذا ولا تُلتَمَس منها فرصة للوصول إليه إلا بتحميل الكلام ما لم يُقَل فيه..

وخلاصة الأمر في النظر لنتيجته هي القول الأثناسيّ المعنى الغريغور-نيصيّ  الصياغة (حقه لا يُهضَم مثلما تُراجَع أخطاؤه):

"الرب خلص من الإنسان بقدر ما اتحد به"..

(وازيد فوق هذا القول إن التجسّد لم يكن فقط لمعالجة مشكلة سقوط ولكنه غرض مسبَّق وبرهان على أن أصل خلقة الإنسان كان صالحاً للارتقاء مثلما هو قابل للسقوط، وهو المعنى الكتابيّ الذي فات الجميع من كل الفرقاء وعبر ازة هذا عددها من خلط الجدليات وتغربها عن الكتاب، وهو خطأ لم تترأ منه بما يكفي أطروحة "عن تجسد الكلمة" ومعالجتها في هذا الفصل هنا)..

 

القصد أن أصول ما جدَّ من مشاكل أبوليناريس مع حلولها ليست من مشاكل أطروحة "عن تجسد الكلمة"،

ولكن،،،،،

تفكير أبوليناريس قام على أسس معهودة في الفكر السكندريّ، وإنما أضاف هو "إجابة جديدةً" للأسئلة!!

وبلغت قوة اتصاله بالفكر السكندريّ أن كاتباً متصلاً بهذا الفكر هو غريغوريوس النيصيّ عندما تصدّى للرد عليه وصل لما جعله يضطر للتسليم بأن الرب كان قريباً من تصوير أبوليناريس ولكن فقط قبلما تمجّد بعد القيامة،

فهكذا وصفه جميع من درسوه بجديّة أنه كأنما صار أوطاخيّاً قبل القيامة ونسطوريّاً بعدها،

 

وقبله فإن أستاذه اوريجن تعهد نفس الأسئلة بإجابة أخرى حين قبل فكرة خلق الانفس قبل الأجساد،

والتشابه واضح مع وجود فارق بيّن إذ يحرص اوريجن على عدم خلط الطبائع بينما يشط أبوليناريوس في نتيجته لحد معاداة ما حرص اريجن عليه..

وافترض عدم سقوط نفس واحدة من نفوس البشر، وتلك هي ما اتحد معها الرب!

كلام فارغ من حق التعليم المسيحيّ وإن قاله أوريجن وإن كان تحت وطأة جبروت تراث أفلاطون في زمانه،

فحتى من وقف ضد أبوليناريس كان موقفه من أفكاره ليس باتراً!!

والنقطة الظاهرة في كل هذه الشواهد أن أعمدة تفكير أبوليناريس هي سكندرية بامتياز..

وكتاب "عن تجسد الكلمة" سكندريّ بامتياز مع مرتبة الشرف..

ومشكلته في اتصاله بشطط الأفكار هو صمته عن مبادئها، ولكنه يس الصمت اللزم بقصد العكس، وإنما يصح أنه صمت عدم الانتباه لمشكلة لم تكن قد ظهرت أصلاً، وينبع من تركيز الشارحين السكندريّين على إبراز اللاهوت واتحاده بالناسوت لا في طبيعة الناسوت المتحد به..

ولكن أن يُتَّهَم سكندريّ فضلاً عن أثناسيوس بالأبوليناريّة الصريحة أو النصفيّة حتى فهذا ما ليس لا يقوم برهان عليه بل يظهر من بعض كلام البابا أثناسيوس ومن تبعه من السكندريّين ما يعاكس هذا..

إذ يلحظ جميع المتآلفين مع الإنتاج السكندريّ خلوّه من النظر لطبيعة "ناسوت" الرب حين كلامهم عن تجسّده، فهو تجسّد وحين يصير الكلام عن "التأنّس"، وهو لاحق  بحسب قانون الإيمان، فيبقى الكلام مركزاً في "العجينة البشريّة" بغير مواجهة لقضيّة النفس الإنسانيّة أوالروح الإنيانيّ به..

ولن يخلو غالباً أمر أي أطروحة سكندرية تتكلم عن "الكلمة" من تعبيرات ولاسيما تشبيهات يجوز فهمها بالمبالغة أو بإضافة تفسير لاحق من القارئ أو حتى تكون بقصد الكاتب لا بمبالغة القارئ المغرض، لن يخلو الأمر من هكذا عبارات.. ومن هذا سآتي بأكثر الفقرات اتقراباً ظاهرياً من الفكرة الأبولينارية من أطروحة "ضد الوثنيين" التي هي بمثابة الجزء الأول من أطروحة شاملة تنتهي بالأطروحة المعروفة موضوع النظر "عن تجسد الكلمة"، إذ ترد فقرات تتكلم عن الكلمة عاملاً في الخليقة عمل النفس في الجسد ("رسالة إلى الوثنيين"، فصل 42 فقرة1)، وفي فقرة قريبة يتكلم عن الكلمة تعمل عمل العقل في الإنسان (المرجع السابق فصل42 فقرة7).. ويعود لتشبيه عمل الكلمة في الخليقة بثلاثة أمثلة أقربها للالتباس التشبيه الثاني (المرجع السابق، فصل43 فقرة2)..

 

ولكن كل هذا لا يخرج عن تشابه مبدئيّ بين كُتّاب يحرثون في نفس التربة.. لا يفيد هذا التوافق بينهم حتماً في كل الأفكار،

ثم حتى لو أفاد فهو لا ينفي أصالة الكتاب فلا مانع أن الفكرة الخاطئة وجدت طريقها في شبابه..

ولا يبعد الأمر عن الاستشهاد "العدميّ" بخلو الشرح من ذِكر وجود ذهن أو روح بشريّ في ناسوت الرب،

أو لا يمنع حتى استشهاد بعضهم (من الأبوليناريين) بعبارة هنا أو هناك لدعم مبدأ من مبادئهم في ساحة جدلية نقاطعت فيها المعطيات السكندريّة مع معظم بنية فكرتهم، وأبوليناريوس وإن كان انطاكيّ المنشأ فقد انقلب بفكره كما هو معروف وصار سكندريّاً بل وجانحاً عن أصل خط السير أيضاً..

كما لا يبعد احتمال أن من يرد عليهم وجد أن الأقرب له عدم تصديق أصالة الكتاب من قبول نسبة الفكرة لعمل يحمل اسم البابا أثناسيوس (وقتها)، ومن النظر في احتمال خطأ التفسير الأبوليناريّ أصلاً، ومن ثمَّ ترك شهادته المعاصرة تلك أن الكتاب (مثل غيره مما عدّده) من انتحال الأبوليناريين..

 

إن مشكلة عدم الوعي والتحفظ السكندريّ تلك ومعها برهان عدم صحة تجاوزه لحد البدعة،

كما يظهر بملاحظاتي العاجلة في الرسالة إلى أبكتيتوس..

فمع قصور بعض تعابير هذه الرسالة الخطيرة، كتكرار الإشارة لناسوت الرب بكلمة "الجسد" (ما يفتح الباب لمظنّة أن الكاتب يقتصر في فهمه للناسوت على جسده)، وكلامه غير الدقيق عن "مفارقة الكلمة للجسد" (فقرة 5 وفقرة 6 من الرسالة والمرصودة في النقاط "5-1، 3؛ 6-1" في ملف ملاحظاتي العاجلة المشار له أعلى السطر)، فمع كل هذه الملاحظات غير المريحة والمفتوحة بقوة لفهم المعنىً خاطئاً (على بعدين: أي مخالفاً للصحيح في ذاته ومخالفاً لقصد الكاتب)، فإن ملاحظات معاكسة في الفقرتين "7" و8" من الرسالة، والمرصودة في فقرات "7-1،2،3؛ 8-1، 2" من ملف ملاحظات شخصي التواضع السابق الإشارة له، وكلها تفيد بقوة بانفتاح الكاتب على ناسوت كامل شاملاً النفس والروح (أو بالأحرى النفس ككيان متماهٍ مع الروح حسب بعض الأفكار السكندريّة التي وإن وقعت كخطأ في ذاتها ولكنها تقوم كبرهان على براءة السكندريّين وبالأحرى اثناسيوس من نظرية أبوليناريس)، ومن شواهد هذا ما ورد في كتابين من الطريف أنهما نُسبا لأثناسيوس نفسه رغم ثبوت عدم صحة هذا لاسيما مع براهين مزيدة قدمتُها في كتيب صغير..

وهذا نص ترجمة آليّة إلكترونيّة (بدوافع العجلة وتوفير الطاقة، مع تعديل خاطف من جانبي لمفردات معدودة لحين مراجعة كافة ترجمة الدرافت) لفقرة "5-3" من الأصل الذي كتبتُه بالإنجليزيّة، وهو التعبير الأكثر إشكالاً ظاهريّاً بتقديري  في دائرة تقاطع تعابير أثناسيوس مع أبوليناريس، ومغ هكذا ابتعاد في التشابه فبالتحليل الدقيق يظهر عدم وجود موضع لنظرية أبوليناريس في تعليم البابا أثناسيوس:

- (5-3) "هذا الجسد هو الذي وُضع في القبر، عندما غادره الكلمة، ولكن لم ينفصل عنه، لكي يكرز، كما يقول بطرس،

أيضًا للأرواح المسجونة." (ما سبق بين علامتي تنصيص من الفقرة الخامسة رسالة البابا أثناسيوس إلى إبكتيتوس قوسين من NPNF, op. cit., p. 572)

خطأ في تعبير  "لقد تركه الكلمة (أي جسد يسوع)".

إن ما ترك الجسد هو الروح البشرية. ويبدو أن التعبير يحاول التوفيق بين اختلافات المعنى من خلال إسناد كلمات

مختلفة لمعاني مختلفة بدقة، بحيث لا يعني نفي أحدهما التخلي عن تأكيد الآخر.

إن هذا من حيث المبدأ أسلوب لغوي جيد للتوفيق بين معاني تبدو متعارضة في حين أنها ليست كذلك في الواقع، ولكن

هذه المرة لا توجد حاجة في المقام الأول لمثل هذا التلاعب بالألفاظ فيما يتعلق بالاتحاد بين جسد المسيح وألوهيته (التي

أشار إليها الكلمة بدقة)، لأن اللاهوت متحد جيدًا بالجسد والروح ولم يكن موته أكثر من انفصال روحه البشرية عن جسده البشري.

ظاهريًا يبدو الأمر وكأنه أخطأ في فهم الألوهية على أنها روح بشرية، وهي زلة لفظية مؤسفة تثير الشكوك في الأفوليناريين على عكس الحال كما سيتضح لاحقًا في النقاط (7-1، 2، 3؛ 8-1، 2)، إلى جانب هذا التعبير نفسه المجاور للتعبير الخاطئ حيث قال "الكلمة ... لم ينفصل عنه (الجسد)."

والآن وعبر النظر الممعن في كل هذه النقاط المشار إليها على نحو شامل، يقوم الاستنتاج المطمئن أن التعبير المُشكِل هنا خرج للأسف من

الارتباك الذي يعطي تعبيرًا سطحيًا خامًا (غير دقيق) لمعنى صحيح!

من المثير للاهتمام، إذاً، أن نضع هذا الارتباك تحت التدقيق. من الصعب جدًا أن يحدد أثناسيوس الألوهية بالروح البشرية،

ومن ناحية أخرى من المستحيل أن يعتبر أن الروح لم تترك الجسد لأنه من الواضح جدًا أنه كتب هنا وفي أعمال أخرى عن الموت الطبيعي لإنسانية المسيح.

فإذ امتنع قصده لأي من ذينك الخطئين، يقوم السؤال" من أين جاء إلى القول "انفصل الكلمة عن الجسد"؟

من المحتمل جدًا أن أثناسيوس كان متأثرًا بالفكرة الأساسية الصحيحة التي تقول إن لاهوت المسيح، باتحاده بكل إنسانيته،

كان في روحه التي تركت جسده وكانت لا تزال في جسده أيضًا. ولكي يجمع بين جانبي فكرة اتحاد اللاهوت بالعنصرين

المنفصلين لإنسانية المسيح (عند موته)، فقد نظر إلى كلمتين وفقًا للتقنية النموذجية المذكورة أعلاه

(كما فعل في شرح كلمة homoousios بدلاً من monoousios - وهي تقنية تأتي في كثير من الأحيان مشوبة بمقاطع بادئة وحروف جر يفوتها دقة الإفادة بمعنى مقصود نقيّاً من غير المقصود، ولكنها تخبر في سياقها عن بعض التمايز الحقيقي الذي اعتقده الكاتب. انظر https://www.mediafire.com/file/rud3covwggc82ml/mono.jpg/file) والآن وقد انجرف إلى هذه التقنية اللفظية، فقد أخطأ في فهم "رحيل اللاهوت" ووحدة اللاهوت مع الروح الراحلة، وهو تعبير غير موفق غير مقصود! وبعد كل هذا، يجب للدقة والأمانة ملاحظة أن ذلك كان ليس خطئأً فقط من حيث إمكانية إساءة تفسيره بسهولة، بل إنه في حد ذاته تعبير,خاطئ عن المعنى الصحيح.

ثم كان من المثير للسرور أن اطلاعاً لاحقاً على صدى هذه الرسالة وقع على استعمال الأسقف إبيفانيوس لها (كرد على بدع متصلة بالأبوليناريّين تنكر ناسوت جسد المسيح، وإن كانت ناشئة في تقيري عن الشطط وسوء الفهم لنظريّة أبوليناريس الخاطئة والمبتدعة على كل حال):
(Epiphanius, panareon, III, 77, 2.6 and 3.1.)
كما ظهر، من "استجوابه" "فيتاليوس" على رأس أولئك الأبوليناريّين، توافق شبه تام مع تجميعي المتواضع أعلاه لنظرية أبوليناريوس، خلا عض التضاربات الظاهر حى يستقيم المعنى أنها من ارتباك استعمال الكلمات بمعنى محدد للكلمة الواحدة
(Epiphanius, panareon, III, 77, 22-24.)

 

(إضافة لاحقة: هذا رابط للكتيب الخاص ببراءة البابا أثناسيوس من نظرية أبوليناريس،

مع اثبات كونه ليس هو مؤلف الكتابين الشهيرين ضدها:

Http://www.copticyouth4holybook.net/atha-anti-apo.htm

وهنا رابط لملف الملاحظات لنقاط خالية من الإتقان عبر نقاط قوة رسالة البابا أثناسيوس إلى ابكتيتوس:

https://www.mediafire.com/file/20c4swdwxpfqntf/on2epictetus.txt/file

ثك انظر أيضاً أصول الإشارات السابقة هنا:

Dragas, V. Rev. George Dion, op. cit., v.3 p402, The teaching of apo1 on the suffering and

death of Christ, apo1:16; See also ibid, p.405.)

Also, based on a theological truth believed by Apolinarianists as well that the Christ's

Diviniy did not leave His body, the author of apo2 cites Luk23:46 and Johl9.:30 to

argue that the Christ's "human" spirit was not His divinity.

(Ibid, The death of Christ in Apo2, Apo2: 16, v.4, p.415)

 

إذاً ليس فقط نقاط قوية تثبت براءة البابا أثناسيوس من نظرية أبولناريس، بل فوق هذا ظهر مزيد من الرفض السكندريّ لبدعة ابوليناريس من واقع الكتابين المنسوبين للبابا أثناسيوس والذي وإن لم يكن قد كتبهما، كما هو ثابت عندي، فإن مجرد نسبتهما إليه فوق كونهما سكندريّتين، يكفي لترجيح الإفادة أن صٌلب تعليم أثناسيوس لم يتورط، شهادة فهم معاصريه، في بدعة أبوليناريوس..

فإذ كنتُ هكذا  مدقِّقاً جداً في فحص أقل الإشارات الممكنة للأبوليناريّة في رسالة البابا أثناسيوس إلى إبكتيتوس، فلم يثبت منها ذلك،

بل توفَّر فوقها ما توفّر من إشارات معاكسة، فإن ما في اطروحته "عن تجد الكلمة" لم يزد عن تلك الإشارات القاصرة دون إثبات المظنون فيها من واقع من يضيفون افتراضات للقصد..

ليس إذاً في أي من أعراض مكلة القصور تلك، لا في عوامل التشابه مع الأبولينارية ولا في اتهام خصومهم لهم بانتحال الكتاب، ثمة "برهان" على أن الكتاب غير أصيل، والصحيح أنه أصيل الانتساب للبابا أثناسيوس وقتما كان الشماس الشاب أثناسيوس!!!!

وأدلة الترجيح قوية:

 

2. 1. 3 الكتاب أصيل ترجيحاً

أما خلاصة أدلة ترجيح أصالة الكتاب فهي:

= إن خلوّ الأطروحة من ذِكر بدعة أريوس صراحة أو حتى ضمناً (وهي ذات الملاجظة شبه القاطعة لتعيين زمن كتابة الأطروحة كسابق على مجمع نيقية) يضعف جداً من افتراض انتحالها، لأن الأبوليناريّة انتعشت بعد أريوس وكخصم خصيم له..
== ومن ذات الملاحظة تقوم ملاحظة أقوى في تضعيف افتراض الانتحال، لأن من ينتحل على اسم أثناسيوس يعنيه أثناسيوساً البابا معلم المسكونة، وحريّ به أن يثري عمله بإشارات توجب هذه الصفة له! فأما أن العمل مكتوب بكل ما يخلو من هذا وبكل ما يفيد أنها أطروحة ساذجة مبكرة فهي بعيدة بأمان عن افتراض انتحالها من أبوليناريّين أو من ي من كان من الفرقاء!!

=== وبمعيار الجدوى فإن العمل لو كان منتحلاً لكانت جدواه فقيرة جداً بمقارنة الانتفاع به مقابل مجهوده!! إنها لفّة طويلة لافتراض تزوير الكتاب.. الأبوليناريّ الذي يريد ترويج نظرية معلمه ينطلق من إغراء قويّ بوضع مادة يجابيّة توافق نظريّته حتى مع حرصه على عدم المبالغة فيها لتحاشي إثارة شبهات الانتحال، لا أن يُغرِق العمل بالتوافق العدميّ بانعدام ذِكر ما يخالف نظريّته، حقيق بهكذا مُنتحِل التركيز بدرجة أكبر في نقاط افتراق نظريّته عن نظريّات خصومه، لا أن يقاربها من حيث أصول جذور مبادئ خط سيرها، كما هو حال كل الأعمال الدعائية المغرضة الملفقة النسب التي وإن بعدت عن المباشرة حتى لا تنكشف فإنها لا تبعد عنها كثيراً بحيث يصعب استيعاب الاستشهاد بها على عقول كثيرين..

فأمّا وحال أطروحة "عن تجسد الكلمة" التي تبدأ بـ"ضد الوثنيين" ثم تعمد لإجابة أسئلة موعوظية مطولة عن الفداء أكثرها في دائرة المقبول من الجميع، فإنها "لفّة طويلة" لكي يستشهد بها الأبوليناريين بفقرة ما لدعم عنصر ما في نظريتهم..
==== كما أن بدء الأطروحة بمضادة الوثنيين والإطالة في هذا الجزء قد عبر زمنه بعد مجمع نيقية وما عاد ليجد جمهوراً يدعم الكتاب.. صحيح أن قضية الوثنية لم تكن قد اختفت ولكن صحيح أيضاً أنها كانت قد توارت عن عناية الصراع بين الكنيسة وبين المبتدعين، والإطالة في جزء كبير نسبياً "ضد الوثنيين" يرجح بكور الكتاب عن افتراض زمن أبوليناريّ، ومن ثم  متأخر، له..

===== المصدر المجهول الذي نسب الكتاب للمدرسة الأبولينارية كان واضح الانهماك في مجادلة الأبوليناريين، وقد نسب لهم تلفيق عدة كتب مشهورة وقتها، وفي هكذا مجادلة فإن من الطبيعيّ أن  كل فريق يستشهد بما يدعم موقفه عبر تفاصيل الجدال والطبيعيّ أن من تعجزه شهادة ما في خضم النقاش فإنه لعله يلجأ للتشكيك في أصالتها..

فليس ثمة إثبات قاطع لأي اتجاه هنا.. الذي حدث أن صاحب كتاب "ضد أخطاء الأبولينارية" رصد عدة كتب يستشهد بها الأبوليناريين لإثبات أفكار لنظريتهم.. وكان رده عليهم باتهامهم بانتحال الكتب على اسم أثناسيوس وغيره من الثقات..

وإذاً فصاحب كتاب "ضد أخطاء الأبولينارية"، المصدر الذي شكك في أصالة اطروحة "عن تجسد الكلمة"، لم يخلُ ادعاؤه من مصلحة جدلية..

وأما الكتاب نفسه فليس به طرح مباشر لصريح بدعة أبوليناريس وإنما توافق في بعض أسسها، واستعمل تشبيهات يمكن الخروج بها عن حدود وجه التشبيه فيها، ممن يقرأ قراءة رغبوية، وهو أمر لا يثير الاستغراب لمن يدرس حال الفكر السكندريّ واتساع جذوره التي تميل لتغليب "اللاهوت" في شرح شخص الرب الكلمة المتجسد ويتصل بأصولها بدع معروفة أبرزها بدعة أبوليناريس وبدعة أوطاخي..

 

====== لم تظهر أيّة إشارة لرفض الأطروحة باعتبارها أبوليناريّة في مجمع القسطنطينيّة 381 الذي حرم أفكار أبوليناريس، ومع الانتباه أن مهندس الدعوة للمجمع كان ديودور أسقف طرسوس الأبرز تشداً لمجمع نيقية والذي يعنيه جداً من ثمَّ تبرئة البابا أثناسيوس من هكذا كتاب حال كونه أبوليناريّاً منتحلاً فكان المجمع هو موضع هكذا تبرئة ولكن لم تظهر،

ولا ظهرت أيّة محاولة لتبرئة البابا أثناسيوس ولا الاستشهاد به من حيث هذه الأطروحة حتى في حدود المتوفر من جدليّات غريغوريوس النيصيّ "الحادة" ضد أبوليناريس طيلة ثمانينيّات المئة الرابعة بعد مجمع القسطنطينيّة، فإما أن هذين المخلصين لأثناسيوس وجدا الكتاب به فعلاً نزعة أبوليناريّة فتجاهلاه من باب تحاشي إثارة القلق--، أمر غير معقول والزمن كان أصلاً زمن قلق واعياد لإحراج الخصوم بمواقف المشاهير المعتبرين ولاسيما أثناسيوس (تكرر تبرئة بعض الفرقاء لأنفسهم واتهام خصومهم بالاستشهاد بأثناسيوس طيلة صراع البابا كيرلس الأول ضد نسطور وكتابات ديودور ثيودور، وظهر املزيد نظرياً من هكذا استشهاد في كتابات ثيودوريت، وقبلها حتى منذ استشهد ذهبيّ الفم بقانونيّة رفع الحرم عنه قياساً على أن البابا أثناسيوس أبطل حرمه مجمع أصغر من المجمع الذي حرمه)،

أو أنهما لم يجدا فيه ما يثبت أبوليناريّته بما كفي الغرض أصلاً، وفي الحالين فإن انتحال الأطروحة لم يكن احتمالاً لديهما، أو أنهما لم يسمعا عنه،

كما أن الأبوليناريّين لم يستشهدوا به، وما أغرب أن يتوفر عمل أثناسيّ به ما يغري الأبوليناريّين،

ثم لا يوسعون خصومهم المنتمين أكثر منهم لأثناسويوس،  استشهاداً به!!

فلو صحّ بعد هذا كونه منتحلاً من فعل بعض الأبوليناريين لكان زمن كتابته متأخراً جداً ويطال المئة الخامسة، وهذا في غاية الصعوبة تصديقه لأنه في هذا الزمن المتأخر نسبيّاً فمن يجتهد لتدبيج عمل ضد الوثنيين بهكذا تفصيل (الامر الضعيف الاحتمال أصلاً لكتابته بعد مجمع نيقية علىاي زمنٍ كان)؟ لاسيما حين يكون الكاتب يقصد دعم مدرسة مسيحيّة في صراع نظريّ عَقَديّ مع مسيحيّين؟ من يفكر هكذا؟

الأرجح بما يوافق طبائع الأمور أنه لا هو فكَّر ولا كان سيجد من يشتري عمله..

 

@ وتبقى ملاحظة أن "انتساب كتابين لأثناسيوس كرد من جانبه على الأفكار الأبوليناريّة" هو أمر لم يظهر في كل النظر سلباً ولا إبجاباً، لأنهما منسوبين خطئاً له، والصحيح المقطوع لديّ أنهما من عمل لاحق متأخر يحاكي أسلوب أثناسيوس من بعض التلاميذ السكندريّين،

وعرض براهين هذا غير المشبوقة تحت التجهيز في عمل سيكون حين يكتمل بعون ربنا هنا:

أثناسيوس ضد الأبولينارية وإن لم يكتب ضد أبوليناريس

http://www.copticyouth4holybook.net/atha_anti_apo.htm

 


& خلاصة نظري المتواضع بتمام الموضوعيّة في أصالة أطروحة "عن تجسد الكلمة للبابا أثناسيوس هي:

استبعدُ إذاً انتساب "عن تجسد الكلمة" لغير أثناسيوس الشماس الشاب لاسيما لمصدر أبوليناريّ متأخر أو لأي مصدر متأخر..

وإن كان لغير أثناسيوس فسيكون لمجهول في زمن مبكر سابق على ظهور بدعة أريوس أيضاً،

وهو مجرد احتمال وأورده لاستكمال كل احتمالات النظر..

وأما الاحتمال "النحيف" انه لآخر غير البابا أثناسيوس ومكتوب متأخراً فإنه وقتها يكون أما عمل واحد يعيش خارج زمنه ويكتب للا شئ،

أو.... عمل في منتهى الخبث الفائق على المعتاد كتبه أبوليناريون بإحكام للإيحاء بأنه قديم سابق على مجمع نيقية.. واستبعد هذا بقدر ما لا يلجأ الملفقون لكل هذا الالتفاف مقابل تحقيق مصدر يخضع للأخذ والرد ويحتاج لشارح معه لإظهار قصد المخادع منه، لا يدل مباشرة على مقصدهم..

 

2. 2  قصور أم تقصير؟

عن قصور أو تقصير المستشهدين بـ"عن تجسد الكلمة" من الفرقاء عن النظر في فحص أصالة الكتاب أسوق هذه الفقرة..

من بديهيّات العمل البحثيّ هو فحص أصالة العمل موضوع البحث او مصدر الاستشهاد..
ولكن ولا واحد من فرقاء الصراع الدائر في كنيستنا كان بكفاءة او ربما بشجاعة النظر في هذه القضية مع كتاب "عن تجسد الكلمة" المنسوب للبابا أثناسيوس..
النظر الوحيد الذي عبر بي كانت إجابته هازلة ولم يتكرر أكثر من مرة واحدة فقط حين أجاب د. بباوي في حوار له مع أسقف قبطي مجهول على تحدي "الأصالة" أن التشكيك في أقوال الآباء (في العموم) أمر هزليّ كمثل اتهام الكتاب المقدس بلحوق التحريف به..

لا أحد سأل ولا أحد واجه السؤال بجدية حين سُشِل مرة واحدة نادرة ولا أحد حتى ساق طلعته على مهل دون تريث،

كأنما كتاب "عن تجسد الكلمة" وحي من السماء مضمون أصالةً ومحتوىً..
صحيح أنني أرجح أنه أصيل ولكن مع أصالته المرجحة فإن لإثباتها تكلفة تخصم من محتواه:

 

 

2. 3 تكلفة ترجيح أصالة الكتاب

الكتاب ترجيحاً وترجيحاً قوياً وقوياً جداً كتبه أثناسيوس الشماس السكندريّ الشاب في وقت ما بين 316 إلى 319 ميلادية..
ولكن الترجيح ليس مجاناً..

لأن الوصول لهذه النتيجة عبر بحقائق انفتاح "مدرسة الإسكندرية" على أفكار مفرطة في قضية الطبيعة الواحدة ولم يأت دخان التشكك في أصالة الكتاب بغير نار عدم اتزان الشروح السكندرية (المبكرة على الأقل مع استثناء فترة أثناسيوس الذهبية بعد مجمع نيقية حين كان الاتزان قد وصل لقمته في عصر المجامع الثقيل)..

الكتاب أصيل ولكن ما دعا للشك في أبوليناريته؟

كان يمكن للمصدر الذي شكك في أصالته أنه يشكك، بدلاً من ذلك، في "فهم الأبوليناريين له".. ولكن تشكيك ذلك المصدر في أصالة الكتاب يفيد أنه فهم من كتاب "عن تجسد الكلمة" ما فهمه خصومه الأبوليناريون..

صحيح الكتاب ليس أبولينارياً، وصحيح أن كلامه يمكن تفسيره بما لا يفيد الأبوليناريين،
ولكن صحيح أيضاً أن ما سبق من تقرير صحته هنا لم يكن واضحاً لدى من شكك في أصالة الكتاب..

معنى ذلك أن الشرح غير حصيف بما يكفي ومعنى ذلك أن به من الخطأ المبدئيّ ما يمكن أن يصل للخطأ الأكبر لمن يُركِّب أخطاءً جديدة فوقه..

وهذا ما طالما أقوله على مشكلة التعليم السكندريّ (المشمول الآن فيما يدعونه التعليم الآبائي) في نواحي انفتاحه على أخطاء أفلاطون  التي هي ذاتها نواحي شططه عن المرجعية الكتابية.. فمع قوة الوعي السكندريّ لمخالفة الفلاسفة في بعض مبادئهم للثيولوحي والأخلاق المسيحيّة، وصراحة تبرؤهم منهم، كما يظهر بقوة ومبكراً جداً ها هنا في ذات أطروحة "عن تجسد الكلمة" (في الفصل الثاني ولاسيما الفقرة الثالثة)، فمع هذا فإن جسم تفكير أفلاطون ومفرداته ومبادئه تملأ  التراث الليتورجيّ والتفسيريّ السكندريّ بل وحتى ذات هذه الاطوحة "عن تجسّد الكلمة"!! موضع الإشكال في التأثر بخط سير المنطق وركائز استدلالاته وأقل القليل المفردات الشهيرة، حسناً تبرئوا من بعض مبادئ الأفلاطونيّة وياليتهم وعوا لأخطاء خط سيرها وفرضيّات استدلالها..

 

 

 

 

3

لقطات نقدية لمتن أطروحة "عن تجسد الكلمة":
مشاكل شروح يُعمِي التعصّب عنها!  وشهادات أصالة يبتهج الإيمان بها!!

 

 

 

فهرس:   تقديم   *   العناصر الأربعة   *   تعبير "صورة الـله"   *   خلق الشر   *   قصد التجسد   *   توصيف حكم الموت  

الاستشهاد بالكتب غير القانونيّة   *   المدعوة "ورطة إلهية"   *   التجديد والخلود   *   لكي نصير نحن إلهاً!!   *    السر المكتوم   *   الخبر السار

 

 

 

إن كان الكاتب هو أثناسيوس، كما أميل بحسب ما سبق عرضه من عوامل ترجيح في الفصل الثاني،

فإن الكتاب مبكر جداً في زمن كان عمر البابا أثناسيوس لم يتجاوز العشرين، كما ثبت شرطياً في الفصل الأول،

فإذاً يكون الكتاب أطروحة طموحة كتبها شماس فتى حدث نابه غيور لتعليم مدرسة الإسكندرية التي هو أحد أنبغ تلاميذها..

لا يتوقع القارئ ما هو أبعد من أطروحة شاب نابه يعرض خلاصة تعليم مدرسته مع بعض الجهد من جانبه، بطبيعة الأمر، في التأليف والعرض..

 

وليس بعيداً عن هذه الفكرة التشكيك المعاصر تقريباً للكتاب في أصالته (المعروض موثقاً في الفصل الثاني من هذا الدرافت)، من حيث أن الأعمال ذات المحتوى الراسخ يصعب تصور انتحالها ولاسيما على أسماء مؤلفين كبار (ولا أكبر ف مانه من حامي الإيمان البابا أثناسيوس)، فإذاً يأتي التشكيك في أصالة الكتاب داعماً للتنبيه أن محتوى الكتاب ليس قطعة قريبة من مستوى كتابات الوحي مثلاً كما يظن الكثيرون في غمرة الحماس العاطفيّ أو التكرار التلقينيّ..

 

ومن هنا لا تكون إشكالات الكتاب مفاجئة ولا مثيرة للقلق (الواقع أنه من حيث المبدأ فإن الأخطاء، وحتى مع كتابات زمن النضوج لكبار الآباء، لا ينبغي أن تثير القلق)..

ويوجز هذا الفصل عدد من أبرز نقاط الخطأ في الأطروحة الأشهر التي بقلم الشماس الشاب أثناسيوس، وفي كل مرة مع النظر في الدلالة المرجعية التي هي قضيتي العظمى في كل ما يخص تعليم الآباء:

 

 

3. 1 العناصر الأربعة!!!!

 

"أما عن العناصر الأربعة التي تتكون من طبيعة الأجساد أي الحرارة والبرودة، والجفاف والرطوبة، فمن ذا الذي اختل توازنه العقلي فلا يعرف أن هذه الأشياء كائنة ً مرتبطة ببعضها، ولكنها إذا فصلت عن بعضها وأخذ كل منها على حدة فإنها تميل فعلا إلى أن تلاشي حتى بعضها بعضا وفق القوة الأعظم في العنصر الأوفر. لأن الحرار ً تعدمها قوة الحرارة، تلاشيها البرودة أن كانت هذه الأخيرة بكمية أغزر، والبرودة أيضا والشيء الجاف بتشبع بالرطوبة، والرطب يجففه الجاف"

 (رسالة إلى الوثنيين،  فصل27 فقرة7، انظر أيضاً نفس المرجع فصل42 فقرة2؛  ترجمة الشماس حافظ داود- لاحقاً القمص مرقس داود)

 

معروف أمر "نظرية الطبائع الأربعة" كمحاولة تفسير لطباع الخليقة المادية، والتي ختم على قمة استعمالها أرسطو بتصوير الكون كله دوائر متتالية من تلك العناصر،

والتي لا حاجة لإثبات سذاجتها فضلاً عن خطئها..

 

ولكن ملاحظاتي الدالة هنا أن الإيمان كان ينحو لطلب برهنة لا لزوم لها من نظريات فاشلة.. وليس فقط المشكلة في اعتماد خطأ دون الفلسفة ودون العلم،

ولكن في الخطأ الاستدلاليّ.. هنا أثناسيوس يدلل بهذه الفقرة على عدم استحقاق الطبيعة بكاملها للعبادة من حيث اعتمادها على بعضها البعض وعفها تجاه بعضها البعض،

مبطلاً بعض النظريات الوثنية في هذا الشأن.. عظيم ولكن هذه الملاحظة الطيبة لا حاجة لإثباتها بالإحالة لنظرية فاشلة..

 

إذاً منتوجات "الآباء" ينبغي من ثمَّ مراجعتها، وكيف لا وهذا خطأ ساذج يفيد بتأثير العلم الحاضر والفلسفة المتزامنة معهم عليهم حتى في شرحهم للإيمان، والأوقع أنه صادر من تاج "الآباء" أثناسيوس حامي الإيمان، الذي بلا أدنى شك في فائق قيمته، والتي حتى لا يفهمها ولا يتبعها ولا ينتفع بها من يتمحكون به من "الآبائيين الجدد" (وتلك قصة طويلة لا مجال هنا للاستفاضة فيها)..

 

 

 

3. 2 خلق الشرّ: من الخالق أم ماذا؟ ولماذا؟

 

لا جديد هنا فالفكرة تكرار لنظرية "عدمية الشر" بحسب النكهة السكندريّة لثنائية الخلق..

الفكرة باختصار هي إحدى نظريّات ـ"تبرئة" الرب من خلق الشر،

أفلاطون افترض أن المادة شريرة أو دونية، وان القيمة لعالم المُثُل، ولما كان "ثيو" طاهراً فقد برأه أفلاطون حتى من خلق المادة! ففيما طلب تكريمه افترض له عدم الانفراد بالأزلية إذ صارت المادة "غير المخلوقة" أزلية معه دون انتباه..
وزاد أن "ثيو" خلق إله وسيط صانع "ديميورغوس" ليخلق من المادة..

وماني اتبع النظرية السهلة القديمة المألوفة ان هناك خالقين احدهما للخير والىخر للشر والصراع جارٍ بينهما..

ولكن الفكرة التي سادت في مدرسة الإسكندرية هي تبرئة الرب من خلقة الشر من حيث ان الشر لا وجود له أصلاً لأنه عدم!

 

وهكذا ظهرت تلك الفكرة غير الموافقة في أطروحة "عن تجسد الكلمة:

"فإذ احتقروا التفكير في االله ورفضوه، وفكروا في الشر وابتدعوه لأنفسهم كما أشرنا أولاً (إحالة لشرحه عن ابتداع الإنسان للشر في رسالته ضد الوثنيين كما يظهر في الاستشهادات التالية" (تجسد الكلمة، فصل4 فقرة4، ترجمة د جوزيف فلتس، المرجع السابق، ص10-11؛ أيضاً: فصل5 فقرة3 نفس المرجع ص13)..

وما أجمل الإشارة له سبق أن فصّل قصده منه في مصدر قريب جداً من أطروحة "عن تجسد الكلمة"، في الأطروحة السابقة لها والمتكاملة معها "ضد الوثنيين"، والتي فيها بدأ عرض الفكرة مبكراً (ضد الوثنيين، فصل2 فقرة1)، واستمرّت متابعة العرض من الفصل الثالث حتى الثامن،

نافياً أن هناك إله آخر خالق للشر (آمين) وذلك من حيث نفيه أصلاً لوجود حقيقيّ للشر (خطأ كبير)..

وأتوقف عند فقرة تختصر المعنى:

"اذا ثبت أن البشر من البدء اخترعوا أو دبروا وتوهموا الشر لأنفسهم" (رسالة إلى الوثنيين القدس أثناسيوس الرسوليّ، ترجمة الشماس حافظ داود- لاحقاً القمص مرقس داود، فصل7 فقرة5)..

ومن المثير للملاحظة والاستيقاف أنه في استدلاله بنظرية "المبادئ الأربعة" النار والبرودة والرطوبة والخفاف أشار أنها مع تضاربها الطبيعيّ فإنها تتوافق معاً بقوة الكلمة (المرجع السابق، فصل42 فقرة20)، وكان قد سبق وأشارلنفس انلظرية متكلماً كيف أن الرطب يخفف الجاف رطوبته (المرجع السابق، فصل27 فقرة 7).. والشاهد هنا أنه اعتبر للرطوبة وللجفاف طبائع وجواهر ذات وجود، ورغم أن الرطوبة والجفاف ليست طبائع وإن كان لها وجود فكان بالأولى أن يعتبر الشر ذا الطبائع الظاهرة والآثار الملموسة أن يعتبره ليس عدماً!!

 

ومع ذلك، مع مخالفة الفكرة لصريح وضيح شهادات الكتاب المقدس ومخالفتها للمنطق السليم بما سبق التنبيه له من مغالطات ساذجة،  بقيت الفكرة حتى يومنا ويروجها البعض ويشطون بها حتى قولهم الصريح القبيح بفناء جهنم (رغم أنه غير موجود إذ هو شر ومخالف لصلاح الرب حسب زعيقهم!)، وقولهم بخلاص الشيطان (هذه منطقية، على إجرامها، إذ طالما لا جهنم في معتقدهم فأين يسكون جزاؤه؟!)..

وفي كل جدلياتهم فإن لديهم، حسبما يسهل الاستقراء من مُلقَّناتهم، عدوان: الشواهد الكتابية والمنطق السليم..

ولهم من ثم صديقان: المغالطات، واختطاف نصوص آبائية لاسيما سكندرية (ولا حتى بهذا تجد كل بدعهم دعماً إذ طالما يظهر فقر كبارهم في معرعفة منهج اثناسيوس وكل كلامه).. وسيظهر كل ذلك فيما سأعرضه تواً لعينات بارزة من عناصر إيمان أولئك بتلك الفكرة الغبية مع رصد أخطائها كتابياً ومنطقياً:

- أقلها أنها تخالف واقع الأمر الملموس أن للشر وجود حقيقيّ، الكراهية ليست مجرد عدم المحبة ولها جوهر معنويّ ونفسيّ في ذاتها،

-- وتفسر السلب على انه عدم في خلط مريع.. كانما المديون كالمفلس والمكروه كغير المحبوب والميت كالضعيف وهكذا،

--- وخطا منطقيّ بسيط من التناقض، ففيما تنكر الفكرة وجود الشر الذي لم يخلقه الرب، ومن ثم يكون جهنم عدماً لأن الـله لم يخلق جهنم حسب زعمهم،  فإن الفكرة تعود لتقول إن جهنم ستفنى!! كيف يفنى ما لا وجود له؟

---- وفي طلبهم لتسويغ فكرتهم يغفلون عن أنواع الوجود ويحصروه في معانٍ محددة، والأكثر أسفاً يحصرونه في أمثلة محددة بعينها:

----- ويعتمد أنصار تلك الفكرة على أمثلة فقيرة الاستقراء من نوع "الظلام هو عدم النور والصمت هو عدم الكلام إلخ إلخ"، ويفوتهم أن الإظلام هو فعل له وجود معنويّ وله تأثير ماديّ ملموس.. وهو ليس عدماً على أي وجه.. يفوتهم أن غياب النور ليس لمجرد عدم النور ولكن ربما يكون من فعل تغييبه وعدمه هو نتيجة إعدامه أي منعه، وكلها أفعال جوهرية لها كيانها المعنويّ النفسيّ العقليّ ونتائجها المادية.. لو كانت عدم فالعدم لا يأتي منه شئ،

 ----- وتخلط الفكرة، فيما تخلط، بين الوجود والحياة، فكل موجود لديها حيّ لأن بحسب تعبيرات بعضهم "الوجود شركة مع الـله"، ولهذا يتوافقون مع فكرة فناء جهنم ولكن لا يتوافقون مع قول الرب إن أولئك يقومون قيامة الدينونة مقابل قوله إن الأبرار يقومون قيامة الحياة، ويقوتهم فهم أن الوجود ليس دائماً نعمة وأن الوجود في نار جهنم نقمة،

ولكن بالمناسبة إن فاتهم المنطق هنا فلم يفتهم إنكار ان الرب ينتقم، ولا يردعهم قول الكتاب "لي النقمة أنا أجازي يقول الرب" متكرراً في العهدين،

------ وتنتهي الفكرة  لنتائح مخزية توافق مبادئها ولكن لا توافق الكتاب ولا توافق أدلتها المنطق، فقط هي نتائج توافق مبادئ تلك الفكرة، وأكثرها فجاجة "خلاص الشيطان" و"فناء الجحيم"،

------- وفكرة خلاص الشيطان معهم لا تخلو من تضارب دالّ، لأنه حينا كنت أناقش بعضهم وهم يتكلمون عن محبة التله للجميع وأنه لا يعذب احداً فأنتهي لإحراجهم بالسؤال: "هل تحبون الشيطان؟" فتتوقف حماستهم ويقولون بصوت قلق "نحن لا نكره أحداً"، وهكذا إجابة إما نكوص بقصد الإفلات من المواجهة، أو تخبط مع باقي متلقناتهم إذ أنهم يقولون كما اتضح من عرض هذا الفصل إن الشر عدم والكراهية هي عدم المحبة، فإذاً إجابتهم وعوا او لم يعو وراغو ام واجهوا هي أنهم يحبون الشيطان الذي سيخلص بمحبة الرب!!!!!! وهذا ما توقف دونه أوريجن (الفقرة "2" من هذا البوست تامة الشرح والتوثيق ) وهدم بنفيه ضمناً كل ما سبق له قوله في بدعة أبوكاتاستاسيس، ثم قبل الكل معنا هنا أثناسيوس الذي لم يقل هكذا داهية وإنما الكاد استوقف الواحد معه مبادئ فكرة عدمية الشر..

-------- أخطاء تلك المنظومة النظريّة (وبالأحرى زائغة النظر) دقيقة ولا ينتبهون لها، حتى متى نبّههم واحد كان الوقت قد تأخرّ عليهم نفسيّاً (أكرر نفسيّاً فمشكلة ضحايا هكذا منظومة في الدائرة القبطية في العصر الحديث تجاوزت المبادئ النظريةو القديمة إلا عناصر نفسانية تخص زمننا ومعاركه)..

أبرز تلك الأخطاء خلطهم بين السلب والعدم (او بتعبير آخر بين العدم والإعدام!!).. الإعدام يفضي إلى العدم ولكنه هو ذاته فعل محسوس له وجود وكيان وآثار ظاهرة في تدمير مفعوله..  وهذا الخطأ يقود إلى إثنينية الخلق رغماً وان لم يفهمو هم هذه فغيرهم سيفهم ولو قبل مبدأ خطا سيرهم فإنه سينتهي مانوياً.. لأن تسميتهم للشر عدم مع حقيقة وجوده سيدعو المفكرين الذين يتورطون في أول هذه الفكرة إلى التساؤال: فمن يعدم هذا العدم؟ ولما كان "الإعدام" عملاً له عامل فسيكون للشر إذاً فاعل أصليّ، وإذ نفوه عن الرب فمن يفعله من البداية؟ أي من يخلقه؟ لا منجاة لهم من الانتهاء للمانوية وإن بدئوا طلعتهم بافتراض أنهم ضدها..

--------- ومن أخطائهم النظرية الخلط بين التبدير والقصد.. ويتهربون من نتيجة صعوبة تدابير الرب على الأفهام بحيلة أنها "بسماح منه" وليست "بإرادته"!! حيلة فاشلة فالرب لا يسمع رغماً عن إرادته ولا خارج إرادته وسماحه هو عمل إراديّ منه، وإنما فاتهم التمييز بين "التدبير" والقصد" والذي به تستقيم أفهام الصورة كلها، فتدبير الرب في وقت ما قد يبدو معاكساً لاتجاه قصده ولكن ذلك لحكمته في التعامل مع خليقة ساقطة بالخطية قبلاً، ولكنهم لا يفهمون عمل "المهندس" هذا، فلا غرابة أنهم يستثقلون التدابير الغلهية على الرب الإله نفسه إذ يرونها مقاصد ولا غرابة أنهم يبررون الرب بمعرفتهم ثم لا عجب أن محدثيهم انتهوا لعدم الارتياح لمطلقيّة تعبير "الرب الإله ضابط الكل"!!

---------- على كل هذا فالفكرة الأسيفة تنتهي لعكس مقصدها، كغيرها من النظريات زميلاتها الطالبة لـ"تبرئة" الرب من خلق الشر، إذ لا تقدر على الإفلات من نتيجة أن هناك شر فإن لم يخلقه الرب ينسبونه بإصرار لرفض الإنسان للرب وهكذا يكون خالق هذا الشر هو الشيطان أو البشر.. وهكذا يكون الرب ليس هو ضابط الكل ويكون الكتاب المقدس لا يقصد ما يقوله وهذا يصل لكبير بلاويهم......

--------- كل ما سبق أكوام على أن أكبر أكوام مصائبها في كل ذلك هو مخالفتها لصريح وضيح الكتاب المقدس عن خلق الرب للشر هكذا صريحاً..

ويحاول أصحاب نظرية أن الشر عدم التمييز في تفسيرهم بين الشر وبين البليّة أو المشاكل الطبيعية كزلزال وبراكين وهكذا..... ولكن بلا منطق، ومنذ متى كانوا محبين للمنطق؟ لانه عندما يقصد الرب إرسال حدثاً طبيعياً مؤذياً أو مدمراً لمن يقعون تحت طائلته كما يقول عاموس النبيّ صريحاً عن الرب "هل تحدث بليّة في مدينة والرب ليس صانعها؟"  (عا3: 6) فكيف لا يكون هذا شراً وكيف لا يكون مقصوداً بحسب تدبير الرب وكيف لا يكون الرب صانعه في حين أن الرب عبر الأنبياء يفيد بكل هذا لمن يحب فهم المكتوب والاتكال والتسليم للرب؟

---------- وشواهد خلق الرب لكل شئ شاملاً الشر تترى، ولكن هذا أخطرها وأشهرها ولذلك أجّلت إيراده لختام الفصل:

هذا شاهد في وجه الجميع:

"لِيَعْلَمُوا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنْ لَيْسَ غَيْرِي. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ"

(إش45: 6-7)!!

& ومن يتمحك في الرجوع لأصول الكلمات لن تسره محاولته لأنه سيجلب مشكوراً مزيد من إيضاح خطا تلك الفكرة، حينما يجد أن كلمة "خالق" هي ذاتها الواردة في خلق الرب للسماء والأرض (تك1)..

&& بل الأكثر إثارة للنظر أن النبوة في إشعياء تكرّر بدقة كل مفردات الخليقة الأولى كأنما لتأكيد القصد المقصود أن الرب هو الخالق مغلقاً محاولات المراوغة اللفظية،

&&& وبالمرة فإن نفس الفقرة هي المتكلمة عن عدم أحقية الجبلة أن تحاجج جابلها في صنعته (إش45: 9) وهي ما استشهد به بولس الرسول في إصحاح سبق قصد الاختيار الأخطر (روم9)، الذي الكلام عنه كثير وعسير وللأسف لم تقف مدرسة الإسكندريّة كما هو حال الجميع تقريباً من المتأثرين بالخلفية اليونانية الأفلاطونية، ولم تتريث فيه فخالفت صريح تعليم الكتاب، ولكن هذا لا يعفي المحدثين المتمحكين في "الآباء" كمرجعية لهم، لأن السكندريين الكبار الأوائل أنفسهم ومقدامهم في القيمة البابا أثناسيوس ذاته،  لم يتخذوا مرجعية إلا الكتاب المقدس، فلم يخطئوا في مرجعيتهم على خلاف حال المتحكين بهم، وإن أخطاوا في تفسيره تأثراً بتيار فلسفيّ جارف.. ومثل محدث مثير عن حال الخطأ ،الشاطح حتى، في التفسير ولكن دون التعدى على مصداقية أنبياء ورسل الكتاب المقدس في إيصالهم رسالة الرب تمثله تلك السقطة الأسيفة التي انزلق فيها تفسير "الأب متّلى المسكين" عن الجحش الذي دخل الرب عليه أورشليم، فإذ لم يراعي أصول الكلام وانحاز لتفسير غربيّ من نوع "آتينا بجديد" فإنه عاد ليهدم فعليّاً كل كلامه بقوله إنه لا يقصد أن الإنجيليّ متّى قد أفاد بشهادة خاطئة!! حتى مع شططه احتفظ بدرجة تراجع عن التطاول على مصداقية كُتّاب الكتاب المقدس..

لا أقول هذا لتخفيف خطأ ما، ولا أقوله ترحاباً بأن يساوم أحد في معتقده بحسب رضا الناس، وإنما أقوله تفسيراً للحال ورصداً له، ومن المرصود هذه النتيجة المثيرة أن المحدثين من أتباع تلك المنظومة الموهومة شطّوا في تعاملهم مع الكتاب المقدس حتى لأبعد من أخطاء مرجعيتهم شاملة "الأب متّى المسكين"، ولعل ذلك لعجزهم مراراً عن مواجهة الكتاب المقدس بموروثهم من تلك المنظومة التي كان حرياً بهم تركها هي لا المساومة مع الكتاب المقدس..

------------ كل هذا من شواهد كتابية وبراهين منطقية وحتى من صحيح ما قاله الآباء لا يحبه فريق "الآبائيين السكندريين المحدثين" أعني قادتهم ولا عبرة بجمهورهم المنضوي تحتهم وخلفهم نفسياً، وعلى ذلك تطوروا وابتعدوا عن "مرجعيتهم الآبائية" فحين كان الآباء يتخذون من الكتاب المقدس مرجعية قاطعة ساطعة لهم، وإن اعتمدوا على الترجمة السبعينية بأخطائها، وإن أخطأ بعضهم في تفسير الشواهد بما يوافق مبادئ فلسفات بشرية خاطئة، فإنهم ولاسيما البابا أثناسيوس لم يشكُكوا قطّ، فضلاً عن أنهم لم يشكّوا، في عصمة المكتوب، ولكن الآبائيين المحدثين لثقل مخالفة الشواهد الكتابية لمنظومتهم فإنهم يستسهلون الكلام عن تطور وعي كُتّاب النبوات وتسجيلهم لها بحسب مرحلة وعيهم القاصر...... وأي كلام يقلل من عصمة المكتوب الذي لا يمكن أن يُنقَض..

------------- وأما حين يأتي الحديث عن كشف مغاطلة منطقية ساذجة يكررون عبارة فاشلة من نوع "الإيمان بالروح وليس بالأقيسة المنطقية"!!!!

^ خلاصة الفصل الثقيل تكراراً، أحسبه لازماً، هي:

غلمان من يصدّرون الآباء كمرجع رجيع وبوصلة المسار الوحيدة لا مرجع آخر بدونه إلخ إلخ (شاملين الأب متى بالمناسبة)، فإنهم سرحوا لعدم قدرتهم على مقابلة وضوح الكتاب المقدس في عدم إتاحة أية تربة لخلوط بدعتهم، ولذا ولغيره انفتحوا على "الكوتاليك" ممن يستسهلون هكذا كلام.. فتوقعوا منهم سماع التطاول على عصمة الكتاب المقدس، لا كمن يشرب الماء ولكن كمن ينفث البخار للدفاع عن نفسه

في حين أن الآباء ذاتهم وإن شاب تفاسيرهم الأخطاء الطبيعية المتوقعة في ظروفهم فإن مرجعيتهم كمبدأ ساطع قاطع كان الكتاب المقدس وحياً نقياً من الرب، وحتى الأب متى وإن شط وراء أفكار لم يضبطها كما ينبغي فإنه توقف عند نتيجة ان كلامه يشكك في مثداقية الإنجيل وتضارب مع نفسه بنفي هذا، وكل واحد تُمتَحَن أعماله بنار ويخلص من خلصت نيته ولكن القش في عمله سيحترق..

 

+ والآن صحيح التفسير عن خلق الشرّ لكيلا تبقى لهذه الفكرة الخاطفة الإغراء، على فشلها، أية شوكة:

التدبير يقود إلى القصد (الغاية) ولكنه هو نفسه مؤقت وليس غاية فاعله كالمهندس يحفر لأسفل كثيراً في حين أنه يقصد رفع المبنى لأعلى كثيراً جداً..

مثال لذلك خفة ضيقتنا الوقتية (تدبير الرب لنا في هذه الحياة على الأرض) تقود لثقل مجد (غاية الرب لنا)..

وفي تدبير الرب فإن كل خليقته من جنوده حتى الشيطان يجند من يقبل ويجند من لا يقبل رغماً عنه بتحويل مقاصد ذاك إل عكسها (أي لا يكتفي الرب بنقض أعماله كأنها لم تحدث ولكن يستعملها هي ذاتها لتحقيق مقاصده التي هي عكس مقاصد أعداء الخير).. نعم حتى الشيطان من خليقة الرب وله دور في تدابير الرب وإن كان دوراً معكوساً سالباً ولكن لا ينسى الفطن أن سلب السلب إيجاب فالرب يستعمل السلب من الشيطان سلبياً فيحوله لطريق الرب ذاته مخيباً قصد الشيطان!!!!

أمثلة ذلك الشخصية يبرز في بدايتها أيوب الذي أتته تجربة ظهر في النهاية أنها من الرب لترقيته في حين ظهر أولاً أنها من الشيطان حسداً.. الرب استعمل الشيطان لتجربة أيوب، اما الشيطان فاندفع لطلب التجربة حسداً واما الرب فأظهر في أيوب وله عجائب العهد الجديد في مثل نبويّ شخصيّ فريد..

مثال آخر هو داود حين كُتِب إن الشيطان دفعه لإحصاء الجنود (عمل افتخار وتباه واعتداد بالقوة البشرية) ما أغضب الرب فحكم عليه الحكم المعروف بتخييره بين مجاعة أو مطاردة أو وباء (1أخ21)، في حين كُتِب أيضاً في سٍفر آخر أن التجربة كانت من الرب لغضبه على الشعب (2صم24).. 

وليس أوضح في الأمثلة من تصريح الرب بطلب روح ردئ لغواية آخاب (1مل22: 14-25)..

وما تجدر ملاحظته كيف أعلن ميخا أن كلامه هو كلام الرب وكيف تحققت نبوته وفشلت نبوة صدقيا ابن كنعنة ما يلهم الواحد بتسميتهم "قرون ابن كنعنة"!!

(محدش يستعمل التعبير دا بدون الإفادة بمصدره لغيرتي على الحقوق الأدبية لتعبيراتي)..

لا تفسير لهكذا أمثلة إلا بفهم أن الرب هو خالق كل شئ وضابط الكل.. وفهم أن تدبيره يوافق مقاصده ولكنه ليس هو عين المقاصد وإنما هو عمل مؤقت بحكمته العالية لبلوغ مقاصده بحسب مشيئته وموافقة صفاته البارة العادلة..

وأما الاستنتاج الخاطئ القائم على عدم فهم ما سبق من مبادئ جليّة فإنه يقود وحتماً إلى عقيدة ثنائية الخالقَيْن: واحد للخير وآخر للشر..

نعم حتى فكرة "عدميّة الشر" التي يظنونها منجاة لهم من بدعة ماني وما سبقه من تراث عقائديّ عن الإله الشرير الخالق للشر،

فإن هذه الفكرة تقود لإثنينية الخلق حتماً، وتقود لكل ما سبق من أخطاء مرصوة في بداية الفصل..

الرب خالق الكل وضابط الكل وتدبيره وإن كان قاسياً حيناً فمقاصده مفرحة كل حين وهو في كل شئ طيب تدبيراً ومقصداً..

 

 

 

3. 3 قضية تعبير "صورة الـله"

 

(سأتجاوز عن مقدمات واستدلالات أطروحة "عن تجسد الكلمة"، لاسيما في الفصل الخامس، بشأن كون الإنسان "فيه الكلمة" و"على صورة الـله" فتلك قضية تطول فوق الطاقة المتعجلة هنا.. وسأكتفي برصد قضية تعبير لغويّ لا يتوقف على كونه اختلاف تعبير ولكنه يعود على المعنى بالتشويه حتى حينما يكون قائله قد بدأ وهو يقصد المعنى الصحيح)..

 

سؤالان في هذه القضية.. الأول: هل الملائكة ليسوا على صورة الـله؟

والثاني: هل يجوز تسمية الإنسان أنه "صورة الـله"؟ أم يلزم وفقط تسميته "على صورة الـله"؟

الإجابات الصحيحة: أما عن الملائكة فإن جارى الواحد التفسير الفقير الشائع أن الإنسان على صورة الـله في العقل والإرادة وما إليه من حدود الفهم فهذا يُلزِم بالقول إن الملائكة على صورة الـله.. ولكن الصحيح أن "صورة الـله" هنا تفوق مجرد العوامل الروحية والنفسية في كيان الإنسان وتشمل جسده الذي سبق الرب وأعدّه لكي يظهر فيه، ولهذا فالملائكة ليسوا على صورة الـله بالمعنى الأعلى لقصد هذا التعبير..

 

أما الإنسان فبكل وضوح يجوز تسمية الرجل أنه "صورة الـله" بنفس قوة تسميته "على صورة الـله":

+ فمنطق اللغة يجيز لأن ما يكون على الصورة فهو صورة،

++ والرسول بولس ليس فقظ أجاز بل نفّذ!! "الرجل ... كونه صورة الـله" (1كو11: 7)،

(وأما عن قضية اختصاص الرجل دون المرأة بكونه "على صورة الـله" فتلك قضية أخرى لا يتسع لها درافت مركز كهذا)..
+++ والخلط هنا الذي يدفع البعض للتشبث بعدم تسمية الإنسان أنه صورة الـله" يأتي من التيه اللغويّ في محاولتهم للتنبير على الفارق بين صورة الـله وصورة الإنسان.. والصحيح ان ضبط التعبير عن الفارق ليس في لفظ "صورة" الذي يتّسع وباللزوم للإنسان، ولا في التمحك في حرف الجر "على"، وإنما يكون في فهم المعنى.. والمعنى أن صورة التله هي الأصل وصورة الإنسان هي النسخة المخلوقة على حسب الأصل، فيكون الفارق بيس بين "صورة" و"على صورة" وإنما بين "الصورة الأصل" والصورة النسخة".. 

 

فأين هذان السؤالان في أطروحة حامي إيماننا بالكلمة أثناسيوس؟

كان أثناسيوس هنا في طريقه لاستبعاد كل البدائل، خلا الكلمة ذاته، للفداء وتجديد صورة الإنسان.. فاستبعد الملائكة لأنهم ليسوا صورة الـله واستبعد الإنسان نفسه لأنه على الصورة وليس الصورة ذاتها (عن تجسد الكلمة، أثناسيوس السكندريّ، فصل13 فقرة7)..

أما عن نفيه أن الملائكة هم صورة الـله فهذا صحيح في المعنى الأعلى للكلمة كما سلف الشرح، وهو لم ينف صريحاً أن يكونوا على صورة الـله من حيث الإرادة والفكر.. ونفي شئ محدد لا ينفي كل شئ معه، ولاسيما أنه سبق في فصل 6 وتكلّم عن كون صورة الـله في الإنسان متمثلة ان فيه "الكلمة" ولا يمكن إنكار ان الملائكة مخلوقات متكلمة أيضاً وفيها الكلمة.. فهو لم ينفي كون الملائكة على صورة الـله من حيث المستوى السطحيّ لفكرة الصورة وإن كان التمييز بين مستويات الصورة غائباً بحكم الخطأ السكندريّ الكبير بالنظر للوجود الأزليّ كنعمة وشركة، وليس هذا موضوع هذا الفصل.. هنا أنظر لضبط التعبير الخاص بكلمة "صورة الـله"، وهنا لم يخطئ أثناسيوس بنفي الصورة عن الملائكة حال القصد غير العميق للصورة..

 

وأما عن الإنسان فلم يقل إنه "لا يجوز تسميته صورة الـله" نفياً مبدئياً مطلقاً هكذا، ولكن قال في سياق بعينه إنه "ليس هو الصورة" (قاصداً أصل الصورة) و"لكنه عليها".. وكل هذا صحيح في ذاته..

 

الواقع أن أطروحة الشاب النابغ أثناسيوس لم تخطئ في إجابة أي من السؤالين موضوع النظر في هذا الفصل، ولكن تركت الفكرة ممكنة الإيحاء بإجابات خاطئة.. ولا تعدم الحالة أعذاراً قوية تبرر الكاتب هنا من قصد أي تعبير خاطئ مظنون.. فقد كان يتكلم موجهاً ومكثفاً التوجه نحو فكرته فلم يكن في طريقه لهذا ترف التفرع لتحاشي كل فهم خاطئ لأي فكرة وسيطة.. كان يكفيه أن يأخذ من فكرته الوسيطة دليلها الذي يحيله قُدُماً نحو قصده ولا يتوقف معها لينفي أي فهم خاطئ.. صحيح كان يمكن صياغة التعابير بإحكام أكثر ولكن عدم هذا لا يحمّل الكاتب استكمال كلامه بالضرورة بكلام من عنديات القارئ..

 

 

وملاحظتي على إساءة استعمال أطروحة "عن تجسد الكلمة" مع الانحراف أصلاً في المرجعية من الكتاب للآباء، هي أن المحدثين لم ينهجوا نهج أثناسيوس الذي هو نهج البحث عن المعنى وعدم الاستغراق في الجدليات اللفظية.. هذا المنهج الأثناسيّ واضح ساطع قاطع بارق خارق في حديثه حتى عن قانون الإيمان ذاته حين قبل من لا يقبلون الالتزام بلفطة "اومواوسيوس" لكونها غير كتابية أو لسابق حرمانها من مجمع أنطاكيّ مبكّر ضد الساموساطيّ، لهم هذا الرفض عند البابا أثناسيوس طالما كانوا مؤمنين بقصد المعنى الذي هو مساواة ووحدة الابن الطبيعية مع الآب..

فلو كان أتباع المرجعية الآبائية بأي درجة تبعيتهم كانت، على نفس نهج البابا أثناسيوس لكانوا اكثر حرصاً من التهور في إطلاق مُطلَقَات جامدة يحاسبون الناس عليها بتوتر كأنها اكتشفات في الإيمان، في حين أنهم لا فهموا اللغة ولا قرئوا الكتاب بعناية، حتى أنهم اختطفوا تمييز البابا أثناسيوس بين الصورة الأصل وبين الصورة النسخة ونقلوه من سياق الشرح الاستدلاليّ إلى قاعدة نصيّة قاطعة.. نعم لم يحسن أثناسيوس الشاب صياغة استدلاله بما يغلق الطريق على سوء الفهم، ونعم ربما كان غير واعٍ بالإشكال اللغويّ التابع، ولكن على الأقل لم يطلق العبارة القاطعة تلك "الأنسان لا يجوز تسميته صورة الـله"،  وهو ما فعله المختطفون لكل النصوص الآبائية دون تريث،

وهذا نموذج لذاك: http://www.mediafire.com/download/oqff2lj8d2fp77q/anbaraphaelverse-prolonged.wmv،

ورابط لموضوع متصل محاضرة بعنوان "صورتي عنده هي من صورته عندي"، ورابط لموضوع غير مسبوق عن آدم المثال البكر للمسيح،
و
ريبلاي عن تعليم أثناسيوس عن "صورة الـله"، ثم يجمع الكل رابط لكل المجموعة التي تناقش تعبير "صورة الرب الإله"..

ولكن وإن كان نصيّاً فليس ثمة ثبوت لخطأ بتصريح في إجابة أسئلة الموضوع فإنه بعد ذلك ستظهر الفكرة الساذجة أن صورة الـله" تنحصر في المعنى الأدبيّ من القداسة والمحبة ولا انتباه لحقيقة أن آدم هو مثال سابق زمنيأ للمسيح!! ستظهر الفكرة الساذجة مدفوعاً بها للرد على بدعة مضادة هي "انثروبومورفيزم" تلك التي تمكنت من أذهان ساذجة في المتوحدين في البريّة كما هو معلوم من تاريخ حركة الرهبنة، ومن شواهد الدفع بتفسير "صورة الـله" في حدود الفصد الأدبيّ الأخلاقيّ كرد لبدعة "انثروبومورفيزم"، ولعلها كانت الفكرة محل الاعتقاد قبلاً وهي صحيحة بلا شك في ذاتها وإن عابها قصورها عن إدراك أبعاد المعنى، من شواهد هذه الفكرة بعد زمن البابا اثناسيوس هو ما نُسِب دون تشكيك في أصالته للبابا كيرلس الأول في رسالته ("83" في مجلد رسائله) إلى كالوسيريوس (بمثابة مساعد بابويّ للبابا كيرلس الأول) أسقف أرسينوي (ليست قرية "أرض شرود" بجوار السويس حاليا،ً ولا أرسينو التي في كريت وغير المعروفة الموضع الدقيق لها الآن، وإنما هي "الفيوم" الحالية لكون الرسالة تذكر ذكر بدعة "انثروبومورفيزم" من زائرين من جبل "القلمون" "Calamon" وهو  القريب من الفيوم وبه دير انبا صموئيل المعترف المشهور) Calosyrius bishop of Arsinoe

ولم يغفل "ألبان بتلر"، رغم نزوع عمله للإبجاز، اختصاص الإشارة لهذه الرسالة، من بين عشرات مراسلات البابا كبيرلس الأول، لاعتبارها الثيولوجيّ في:

Rev. Alban Butler, The Lives of the Saints, Cyril of Alexandria, 1866. vol. I.

 

إذاً التفسير الرائج لـ"صورة الـله" الغائب عن أصل المعنى الممسك بطرف ساذج، وإن كان صحيحاً، من أطرافه، فهذا التفسير الرائج لم يعدم نقطة ظهور سكندريّة قديمة، وهوما لم تنفرد به الناحية السكندريّة على كل حال، ولكن ومع كل تفسير صحيح جزئياً وممسك بطرف لاحق لأصل المعنى الخطير لكون الإنسان "صورة الـله"، وأيّاً كان حجم قدمه ورواجه، فهو لن بكون أقدم من الكتاب المقس ولا أحقّ منه بالرواج، وبغير فهم أن آدم هو مثال مسبق للرب الإله في ظهوره بالجسد الذي هو بدوره- أي الجسد الإنسانيّ معادل ماديّ للتعبير عن الطبيعة الإلهيّة غير المنظورة الجوهر، بغير فهم أن آدم هو صورة المسيح ومثاله لا العكس فقد ارتبك فهم كثير من عمل الرب منع الإنسان وبالتالي كثير من شواهد الكتاب والتي منها الشاهد الأكثر قوة في الموضوع "عب1: 6" والذي امتنع صحيح تفسيره عن كل مفسري كل الأزمنة وكل الأمكنة لغياب رأس كل الفكرة..

 

 

3. 4 قصد التجسد

 

وفي طريق استدلاله عن لزوم التجسد، ترد هذه الفقرة المألوفة عن ربط سقوط الإنسان كعلة (وحيدة) للتجسّد:

 "لأنه من الضروري عندما نتحدث عن ظهور المخلّص بيننا، أن نتحدث عن بداية خلق البشر، ولكي تعلم أن نزوله إلينا كان بسببنا، وأن تعدِّينا استدعى تعطف الكلمة، لكي يأتي الرب مسرعًا لمعونتنا، ويظهر بين البشر. 3ـ فلأجل قضيتنا تجسد لكى يخلّصنا، وبسبب محبته للبشر قَبِلَ أن  يتأنس ويظهر في جسد بشري" (تجسد الكلمة لأثناسيوس السكندريّ، فصل4)

- يقول صريحاً: "كان بسيينا وإن تعدينا استعدى تعطف الكلمة لكي يأتي..."!

وبقدر تمكن الكاتب من التعبير عن قصده فإن قصده هنا صريحاً وضيحاً هو جعل سقوط الإنسان العلة الوحيدة والمباشرة للتجسد..

وهذا ادعاء افتراضيّ بلا وجه حق ولا دليل!!

ليس فقط يخلو الكتاب المقدس من هكذا تعليل قاصر، بل إن كاتب الرسالة إلى العبرانيين يكتب ناقلاً من التقليد اليهوديّ الصحيح (وليس كل تقليد صحيح) كون آدم هو مثال سابق، من حيث مجرد خلقه، للبكر، أي الرب (عب1: 6)..

 

وفي المقابل كان بعضهم (ممن للأسف ينتسبون لدير أنبا مقار) قد أصدروا كتاباً يسوقون فيه فكرة أن الرب كان سيتجسد أصلاً حتى لو لم يسقط آدم!!

-- ونكتتهم انهم يستشهدون بالبابا اثناسيوس، وإن لم يقدموا نصاً بعينه يفيد المعنى، فضلاً عن انهم تحاشوا تماماً الفقرة الواردة هنا من اطروحة "عن تجسد الكلمة".. كله عندهم أثناسيوس وليست المرة الوحيدة فقد سبقهم د بباوي في كتابه "أثناسيوس في مواجهة......" ونسب إلى البابا أثناسيوس ما طال حديثه فيه دون شاهد أثناسيّ واحد، وعاد فختم كتابه بكلام عن شرح الثالوث مخالفاً لغة ومنهج ونتائج شرح البابا أثناسيوس في فقرات مطولة لم يتعرض لها ولعله لم يقرأها أصلاً او قراها ولم ترق لغرضه..

 

ولكن هنا السؤال:

بصرف النظر عن مخالفتهم لمرجعيّتهم، وفي املوضوع: ألا يوافقون هكذا كلام شخصي المتواضع عن رفض افتراض أن التجسّد كان بعلة سقوط الإنسان؟

ولا حتّى هذا!!!!

إن مجرد افتراض المستحيل مستحيل.. وعبث!!

وهم يفترضون المستحيل وأين؟ في حقائق الإيمان وتعليم الكتاب..

ليس عن أي مستحيل أسوق هذه القاعدة ولكن عن المستحيل الذي ليس له مثائل يُقاس عليها..

والذي هو حال سقوط آدم.. لا يملك الواحد نموذجاً يمكن الاستنتاج من قياسه يماثل عدم سقوط آدم..

 

فلا فرصة لمن يدعي أن التجسد كان لا يحتاج للخطية ولا فرصة لافتراض أن الخطية هي ما استدعت التجسد.. كلاهما يفترض ما لا يجوز له دخول منطقة افتراضه أصلاً..

إنما يعلمنا الكتاب أن الرب قد أعد صورته مسبقاً وخلق آدم مثالاً سابقاً له، وأن آدم أخطأ، وأن ظهور الرب في الصورة التي أعدّها لمحبته وتواضعه منذ الازل قد شملت في عملها مباركة الإنسان وفدائه وتهيئته لحلول الروح القدس فيه، وتحقيق كل مقاصد الرب..

هذا هو حق الإيمان كما هو بغير فرصة لافتراضات المستحيل لان كل عناصر القصة معدة لدى الرب في سبق قصد اختياره وختام تحقيق مقاصده..

 

إذا خلاصة الفصل خطآن: الأول في أطروحة "عن تجسد الكلمة"، والثاني عند المتعبدبن له:

- خطا أطروحة "عن تجسد الكلمة" هنا متكررة وظهرت في كتابات البابا كيرلس الأول وباقية حتى الآن في الشروج الدارجة للتجسد والفداء!

-- ويقابلها خطأ من يفترضون أن التجسد كان سيحدث "حتى لو لم يسقط آدم" كأنما عدم سقوط آدم محتملاً ويمكن بناء استنتاجات على احتماليّته!!

(وهذا الخطأ من الخبث بحيث أنه ينبع من أو يقود إلى عدم تقدير ال3ليب واعتباره مجرد علامة محبة ولا اكثر من فرصة يستعملها الرب لإعلان موته تمهيداً لقيامته! واولئك يلضمون تلك الفكرة بقوة مع هوسهم بفكرة التجديد والتأله بشطح فوق القانون، وكلا المعنيين إيمانيين بلا جدال،

ولكن بغير الصليب السر المكتوم منذ الدهور الذي لم تره عين ولم تسمع به أذن قبل الإيمان به،

بغير الصليب لا يبقى من معنى للتجديد إلا خَبَل "المستيكيّة" إياها ..

وهنا يزيد مع أخطائهم خطأ نمحيكها نسبتها للبابا أثناسيوس، والذي في حين لا يقبلون نسبة أي خطأ له، على أساس أنه معصوم لديهم وإن أنكروا صوريّاً وإن جهلوا فعليّاً أن ملقنيهم ينتقون عن وعي من البابا اثناسيوس والبابا كيرلس الأول ويتركون لأتباعهم افتراض أنهم معصون لتأمين نظريتهم في وعي أولئك،  فإنهم رغم هذا يفوتهم أثمن صحيحه، ورغم الرغم لا بكتفون بل يزيدون فينسبون له أخطاءهم بغير وجه حق في كثير من الأحيان والتي منها هذا الحين..

 

نفكّك مذهل بين خطئين يبديه د. بباوي (إضافة لاحقة على الدرافت بعد كتابة خطوطه بسنوات)
هذا
من أوراق د. بباوي التي جدّت وقد أتى مصداقاً للمفهوم السابق التوقع، وهكذا كتب بالحرف:

في كتابه المكتوب كرد فعل في زمن قلق كتب د. بباوي في أسوا كتبه "أثناسيوس ضد التعليم الوسيط ...." ص73:

"وفي كتاب تجسد الكلمة يبدو من الواضح ان اثناسيوس لا يضع الصليب بمثابة المركز الذي تدور حوله الأحداث . (!!!!) وإنما هو يضع التجسد ويجعل التجسد هو الدعامة الأولى والأساسية . ولذلك عندما يشرح الخلاص يقول إنه يشرح أسباب تجسد او تأنس المخلص (فص 10: 6) وإن الحياة قد تجددت وتمت قيامتها بتأنس كلمة الله 0ف 10: 5 - 16: 6) . وحتى التشبيهات السابقة كلها تدور حول سكنى الملك في المدينة، او حضور صاحب الصورة أمام الرسام لكي يجدد اللوحة التي تشوهت.. وهذه كلها تؤكد أن دعامة الخلاص الأساسية هي تجسد ابن الـله واتحاده بالجسد . وانه بهذا الاتحاد كما مر بنا تحقق الخلاص"! انتهى المنقول من كلام د. بباوي وعلامة التعجب الأسيفة خارج النص المنقول وداخله من عندي، فما ذاك الجنون الذي كتبه؟ أثناسيوس لا يضع الصليب موضع مركز أحداث الخلاص؟!؟ خلاص ليس محوره الصليب؟!؟ ورأى هكذا أثناسيوس؟!؟ وذلك واضح!؟!؟!

الواضح ان كلام د. بباوي هنا هو غلط ابن غلط وزوج غلطة ما كتبه د. بباوي والصحيح: لا تحقق خلاص بدون الصليب، ولا أثناسيوس رأى ولكن د. بباوي وفريق بدعته رأوا فيما يرى الغائم (لا خطأ مطبعيّاً)..

في الصفحة السابقة (ص72) من كتابه يسبق د. بباوي بالرد على نفسه، إذ أورد ما جاء في أطروحة "عن تجسد الكلمة" لأثناسيوس عن القيامة كموعد عدم الفساد وعن الصليب كعلامة الظفر على الموت وأثبت موضعها في أطروحة أثناسيوس ذاتها (ف23: 6)، فهل لديه خلاص بغير ظفر؟ وهل لديه خلاص بغير موعد عدم فساد؟ أم لعل القيامة لا حاجة لها للصليب وان الصليب "مجرد علامة" لا أنه هو الظفر نفسه..

لا بل د. بباوي يرد على ما سيقوله بعدها بفقرة إذ يثبت بالنص "الصليب هو ظفر على الموت وفساده (ف19: 3)"!! هل انتبه د. بباوي لما كتبه واورده هو بنفسه؟ هل الظفر على املوت وفساده عمل جانبيّ في الخلاص وليس هو مماهاة الخلاص ذاته لا مجرد "محوره"؟

وقبلها في رأس  ص72: "المسيح هو حياة الجميع لأنه سلم جسده إلى الموت نيابة عن الجميع" (فص37: 7)".. هل "محور الخلاص" لا يمر بموت الرب النبابيّحسب تعبير أثناسيوس الذي نقله د. بباوي في قبالة موضع سقطته؟

لم يقصِّر د. بباوي في سبق تكذيب ما أزمع السقوط فيه بوضع الصليب موضع اللامحور في الخلاص، وإن ما كانت ثمة حاجة لمجهوده هذا لأن بديهيات أطروحة أثناسيوس من بدايتها تجعل تصوره فوق مستوى الخبل، إذ مبكراً جداً قبل الفصول 10 و16 التب استخرج منها دز بباوي سوء فهمه، في فصل 4، سابقاً بستة فصول واثنتي عشرة فصلاً على الفصول المُنتَقَاة المُختَطَف فهمها بكل تهور وغشومة من جانب د. بباوي، كان كل محور الإشكالية التي يحلها هي "موت المسيح على الصليب كلوم للخلاص"، وبصرف النظر عن مدى جودة الشرح وإتقانه، فالثابت أنه كان يرى من بداية الكتاب أصلاً أن الخلاص في الصليب وأن التجسد كان خطوة تجاه الصليب، وطالما ذكر ذلك ريحاً اولاً ثم ذكره مبكراً قبل النظر في قضية التجسد، فإذاً فالأساس لدى أثناسيوس في الخلاص هو موت الرب المُحيي على الصليب، وإن رأى د. بباوي غير ذلك فله أن يرى ولكن ليس له أن يرى نيابةً عن أثناسيوس ما لم يره أثناسيوس..
هكذا إيجاد "مساومة" بين التجسد والصليب وأيهما أهم وأيهما محور الخلاص والآخر ثانويّ، هكذا مساومة تساوم بين محبة الرب الظاهرة في الصليب ("ليس لاحد حب اعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" "يو15: 13") وبين تواضعه الظاهر في التجسد (ليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح الذي وهو في صورة الـله لم يحسب خلسةً ان يكون معادلاً  لـله لكنه اخلى ذاته آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وُجِدفي الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب "في2: 4-8)، ولا أبدع من الشاهد السابق عرضه البادئ  بالتجسد والمختوم بالصليب، لينتقل منه للقيامة والصعود وتملّك المسيخ، كأنما أصحاب المساومة بين التجسد والصليب هم شركاء اولئك المساومين بين الصليب والقيامة فهل أغبى من التساؤل إن كان المسيح قد افتدانا بالثليب وحده وقام بعدها لزوم شخصه ام أنه افتدانا بالقيامة وحدها وصُلِب فحسب لكي يقوم؟ فهكذا تفكير يساوم بين أعمال الرب العجيبة المتصلة الملتحمة عضويّاً المختمة بعضها بعضاً المحفوظة في معرفة إلهيّة أزليّة لتحقيق مقاصد إلهيّة أبديّة قدمها الرب للإنسان، هكذا مساومات افتراضيّة لا أغبى منها في فهم الرب ومقاصده، فالتجسد مقصد من الأزل أزمع الابن التشبه بلاخوته في كل شئ مثلما الصليب الذي به بروح أزلي قدم الابن نفسه ليجد فداءً أبديّاً!! وفي حين أن
التجسد معلن مسبقاً وظاهراً  في مثال آدم الأول المخلوق على صورة الابن الوحيد في الجسد ما أعجب الملائكة وسجدوا له مثلما انتظره البشر إذ كان مفهوماً من صوت الروح القدس في النبوات، في حين تحقّق هذهالرهبة للتجسّد الإلهيّ كما يحق له،  فلا يقل الصليب بل يزيد رهبةً فوق رهبة في مقياس القصد الإلهيّ إذ هو السر المكتوم منذ الأزل ولو جاز التقارن لكان الصليب هو الأول من حيث رهبة سريّته، ولكن لا يفكر الواحد هكذا ويفهم أن كل عناصر عمل الرب محوريّة حتميّة مُحتَّمَة الواحد للآخر إذ أن هذا التجسد لهذا الصليب وهذا الصليب لهذا التجسد وكلاهما لهذه القيامة.. كيف جاز لـد. بباوي أن ينسب لأثناسيوس ما لم يقله وما رد هو عليه بنفسه في موضع قريب من سطقته تلك، وكيف حتى لو قالها أثناسيوس- حاشا- كيف يقبلها هو؟!

على أنه مع ابتداع الرأي في ذاته أولاً، وفجاجة نسبته لأثناسيوس ثانياً، فإن تضارب د. بباوي نفسه يزيد الأمر عبثيّة ما يدعو الواحد للنظر في أي تفسي افتراضيّ لعقلنة الحال على أي حال، فلا يجد الناظر إلا افتراضاً واحداً: أن د. بباوي لم ينس رأيه الذي استغرق فيه طويلاً حتى غقل (أو تغافل) أولاً عن خطأ أطروحة "عن تجسد الكلمة" المضاد لمنظومته هو نفسه، وحتى أصر ثانياً مع كل فريقه على مماهاة شرح أقناسيوس بشرح منطومته الرافضة لأنسلم والتي تخترع لأثناسيوس ما لم يقله، فإذ هذا رأي د. بباوي في كلام أثناسيوس (على خلاف ما هو عليه كلام أثناسيوس) فإنه هكذا على الأقل بحسب ما يعلنه منسوباُ لأثناسيوس فيكون الصليب وموت الرب هو عامل في الفداء، وإذ يصعب تجاهل د. باوي هذا وهو يتكلم الىن عن تجيسد بلا ثليب فلا يبقى له، حتى يخرج من افتراض التفكك المريع، إلا افتراض أنه يقصد أن الفداء هو في التجسد وإنما زاد عليه الثليبلا من حيث لا لزوم ولكن إذ زاد على التجسد فقد تداخل "بالمرة" في عمل الفداء الذي لم يكن يحتاج الصليب بالضرورة غذ يكفيه التجسد لتجديد البشر.. كلام غير محتمل لذوي الإيمان ولكن لا غيره من افتراض لاستبعاد افتراض التفكك المرضيّ لدة د. بباوي.. إما أنه قصد هذا أو أنه في حال تفكك يصل به إلى الاستغراق في اختراع تفاسير لا معقولة لـ"الورطة الإلهية" لدى شرح أثناسيبوس مخالفة لصريح كلام أثناسيوس ويقابله الايستغراق في اختطاف فقرة كانما لم يرد غيرها ولم ترد هب نفسها متأخرة ليثبت بها عدم لزوم الصليب اكتفاءً بالتجسد.. بكلمات مريرة أخيرة: إما تفكك مريض بين شرحين خاطئين لكلام أثناسيوس أخدهما بدعة بغيضة، أو هي بدعة مُركَّبة تعفيه من مظنة التفكك على حساب زيادة البدعة ابتداعاً..

وبقيناُ فكفاءة د. بباوي الذهنيّة أعلى من سقوطه في هكذا تضارب وتفكك، ولكن لا املك نفس اليقين بشان معتقده الذي حرص على عرضه مفككاً ربما لتوهانه هو او بقصد إتاهة من يتابعه فلا يمسك عليه جُمَّاع فكرته!!
ألم يكن هذا كلامي أن الغرض مرض والبدع المستيكية التهاويميّة الموهومة تتيه أرجح العقول؟ أو تصل بهم حيث يجدون من اللزوم أن يتركوا من يتابعهم تائهاً؟ أو تصل بضحيتها لكلي الأمرين؟!؟ وخلاصة القول على اي حال من أي افتراض أن د. بباوي (وليس وحيداً كما سيظهر في السطر التالي) لا يجد الصليب لازماً للفداء ويزيد فينسب تلك الخيبة لأثناسيوس بغير وجه حق أو فهم!

وبالمناسبة فقد سبق هذه السقطة من د. بباوي ما عَرَضَ لي من إرهاصات لها متمثلة في كتيب من إنتاج المقاريّين يفترض أن الرب كان سيتجسد حتى لو لم يسقط آدم، فإذاًُ سيكون تجسداً خلواً من الصليب، أليس كذلك؟ لعلها فاتته ولعلها كانت قصدهم الذي لم يصرّحوا به!! وأيّاً كان أمرهم فقد علّقتُ عليه فور قرائته أن ثمة مستحيل يجوز افتراضه ولكن المستحيل الذي لا يوج مثيل له فافتراضه غير ذي معنى وليس فقط غير ذي موضوع لأن انعدام المثائل يعدم أي تصور يمكن بناء قياس أو استنتاج عليه..

والآن فلا كلام أفدح في عبثيته وغربته عن التعليم المسيحيّ من ذاك، ويالها من سقطة تعيسة لـد. بباوي حين يتكلم عن تجسد كافي بغير صليب، وإذ بلغ التيه هكذا مدى فلا عجب أن يحاول واهماً مسحها في أثناسيوس، مرجعيّته المُدَّعاة بغير وجه علم!!

 

وبالمرّة بمناسبة "المرجعية الآبائية" لديهم المحصورة تقريباً في اثنين أثناسيوس وكيرلس، فلقد فات بعض المنسوبين لدير أنبا مقار ممن تكلموا بتلك الفكرة المُختَرَعَة غير الذكيّة مثلما فات د. بباوي أن ليس فقط لم يقل أثناسيوس بذلك، بعكس ما افترض له د. بباوي، ولكن مرجعيتهم الأخرى البابا كيرلس الأول قال في شرح ثيولوجيّ مفصَّل في رسالته الأولى (رسالة "45" في مجلد رسائله) إلى سكسنسوس أسفف ديوقيصرية في الفقرة "9 " إن تجسد المسيح كان لعلاج سقوط آدم وتجديد طبيعته التي فسدت وأفسدت طبيعة نسله بسقوطه، ونفس المعنى يصل له خط سير شرحه تلقاءً في الكتاب التاسع لتفسيره لإنجيل يوحنا للأعداد "13: 18، 20" حيث يظهر أنه دائماً يرى آدم قبل السقوط كان في طبيعة بارة يعيده خلاص المسيح لها كما هي،  وإن كان قد أخطأ في افتراض أن سقوط آدم هو ما أورث الإنسان الطبيعة الفاسدة التي- حسب الفهم الخاطئ ذاك المخالف لشرح الكتاب المقدس لطبيعة آدم- كانت فاسدة قبل السقوط ومن أصل جبلتها، والصحيح أن الطبيعة الفاسدة كانت لآدم الأول منذ خلقته نفساً حيّة متحدة بتراب كما يفيد سفر التكوين ويشرح بولس الرسول في "1كو15"، ولكن بهذا الخطأ فقد ثبت حتماً أن فهم البابا كيرلس الأول للتجسد أنه لم يكن ليحدث لو لم يسقط آدم فيحتاج لتجديد طبيعته من حيث أنه يفهم ان طبيعته كانت جديدة قبل سقوطه!! على ان هذا الخطأ أثبت يقيناً ان البابا كيرلس الأولى لم ير في التجسّد داعياً إلا سقوط آدم الذي حسب خطئه كان في طبيعة لا تحتاج لتجديد قبل سقوطه!! فمع كون هذا خطأ فالشاهد هنا أن مرجعيّتهم المُدَّعاة منهم، البابا كيرلس الأول، يخالفهم أو بالأحرى هم يخالفونه ويفوتهم مخالفتهم له، وقال نفس المعنى بشأن التعزية في مشاكل الكنيسة الحادثة وقتها كما هو معروف منبهاً أن المشاكل حتى الخطايا تجلب البركات من الرب إزائها ضارباً المثل بآدم أنه إن لم يكن قد سقط ما كان المسيح قد تجسّد (وهو بدوره الافتراض الخاطئ العكسيّ لافتراض التجسد بدون سقوط آدم، فالتجسد كان حتميّاً مثلما الصليب مثلما طبيعة آدم الفابلة للسقوط) ولكن الشاهد هنا مرة ثانية هو مخالفتهم لصريح قول البابا كيرلس الأول المتكرر في غير موضع باكثر من مقاربة)!! فكيف بأصحاب فكرة التجسد بدون سقوط آدم أولئك كيف بهم أمام شخصَيْ مرجعيتهم الكبيرين البابوين أثناسيوس وكيرلس الأول؟ فإن كان في شرحهما قصور عن الانتباه أن طبيعة آدم قبل السيقوط لاتصلح ولاهي المقصد، ولم يقصّر الواحد في مراجعة ذلك (هنا وهنا في هذه الورقة كمثال)، فإن حتى خطا القصور هذا يتضارب مع خطيئة المتمحكين بهما الغريب فادح الغربة عن الإنجيل!!
إذاً فإن أخطاء شرح قديمة معهودة ظهرت في انتاج البابا كيرلس الأول تثبت على أدعياء المرجعية الآبائية أخطاءً جسيمة غير معهودة فوق ادعائهم مرجعبة ليس لهم فيها..


على كل حال سأفسر ما اختطف د. بباوي تفسيره رغم كفاية ما ثبت من كلام أثناسيوس في أطروحته الشهيرة لتكذيب فهم د. بباوي.. ومن نافل القول ان دفاعي هنا ليس عن شخص أثناسيوس ولا افتراض لعصمته وإلا فما هذها الكاتاب كله الذي اكتبه لمراجعة مصادر وروافد الدخيل في التعليم مما ظهر في اطروحة الشماس أثناسيوس السكندريّ؟ إنما التفسير لوضع كل شئ في موضه الصحيح بغير تلويش لـ"هبش" أية فقرة ولصقها بأي ادعاء يُنسَب على غير حق للآباء، ما يُشَتِّت البلهاء لأبعد مما تشتتوا إليه..
فماذا قال أثناسيوس في فصول 10  و14 و 16؟ قال الكلام الخاص بالتجسد لأنه كان يتكلم عن التجسد، وقدم أمثلة تصويرية للتجسد ومعلوم أن المثل له حدود في التمثيل،
ولما كان الصليب من توابع التجسد زمنياً وفعلياً فإذاً كل ما للصليب كان قد عبر بالتجسد بالضرورة، فيكون نسبة عمل الصليب للتجسد لا إشكال فيه ويكون أن انحصار الفصل في النظر في التجسد يجعل اتجاه النظر إليه مفهوم ومعقول بل ولازم دون التزام بالإلحاح علىلزوم الصليب الذي هو في سياق هذا الفصل قد صار من إيضاح الواضح..
فإن كان ثمة خطأ لأثناسيوس ههنا فهو أنه لم يراعِي تدهور حال الأجيال اللاحقة وأشفق على أسلوب كتابة أطروحته من سماجة التفصيل الفصيل بغير لزوم إلا مراعاة الفهم العويل!

 

 

 

3. 5 توصيف حكم الموت!! أو قضية "لسعة الكبريت"

 

قبل الإغراق في القضية الكبرى المدعوة اصطلاحاً رائجاً "الورطة الإلهية" تجدر الإشارة بعدسة مبكرة لنقطة بعينها فيها، وهي ما أدعوها "قضية لسعة الكبريت"..

معروف أن فكرة "الآبائيين" الجامحة عن "لطف الـله" وعدم خلقه للشر إلخ تغطّي على كل باقي أفكارهم بصحيحها وخطئها.. ومن ذلك شرحهم لتحذير الرب لآدم بالموت حال مخالفته للوصية أن الموت ليس عقوبة ولا نقمة ولا التحذير منه توعداً ولكنه تنبيهاً لمكمن خطر.. ههنا تحديداً اتفق معهم بأسبق مما علمت أن هناك من انحرفوا عن مرجعية الكتاب من نوعهم.. وهي فكرة طالما أحببتُ شرحها بتشبيه لطيف مبكراً جداً جداً (حين لم تكن مصادر متوفرة لدى الواحد أصلاً من أي من الفرقاء وما توفر لم يكن مقنعاً):

"تحذير الرب لآدم من الموت كمثل أم تحذر طفلها ألا يعبث بأعواد الكبريت وإلا سيعاني من الحروق".. هي، الأم، هنا تطبق عليه عقوبة اللسع لمخالفته وصيتها بداهةً.. هكذا تحذير الرب لآدم.. ومن هنا استلطفتُ التفريق اللفظيّ بين العقوبة التأديبية والعقوبة الانتقامية والعاقبة الطبيعية..

لا خلاف هنا مع أولئك،  وإن كانوا التقوا معي في هذه الفكرة كالتقاء مسارين مختلفين منبعاً ومقصداً في نقطة مشتركة.. وبعض أولئك طالما سرّهم تكرار شرحي المتواضع والاستعانة به.. معروف موقفهم من هذه الفكرة إذاً..

ومعروف بالمثل شغفهم المحموم بأطروحة "عن تجسد الكلمة" حتى أنها صارت لديهم بكل لجاجة وسماجة وجهالة كانها فوق الكتاب المقدس وأقلهم انحرافاً يعتبرها مثله فقط..

على أنهم مع جمعهم لرأيهم (الصحيح)، وشغفهم (غير الصحيح)، فإنهم لم يواجهوا نقطة ربما لم يستوعبوها أصلاً وربما غالط فيهم من التقطها!!:

إذ هكذا شرح أثناسيوس الشاب السكندريّ موقف الرب من عقوبة الموت على آدم حال مخالفته للوصيّة:

"الـله... حكم عليهم بحكم الموت الذي سبق إنذارهم به"

(مقصود أخد النص من ترجمة أحدهم: "تجسد الكلمة، ترجمة د جوزيف فلتس، مؤسسة القديس أنطونيوس، نصوص آبائية- 83 طبعة ثالثة 2004، فصل4  فقرة4 ص10)،

"لأنه (أولاً)، من غير اللائق طبعًا أن الـله بعدما تكلم بشئ مرة يتضح أنه فيما بعد كاذب، أى أن الـله بعد أن أمر أن الإنسان يموت موتًا، أن يتعدى الوصية ولا يموت، بل تبطل كلمة ااـله. وسيكون الـله غير صادق إن كان الإنسان لا يموت بعد أن قال الـله إنه سيموت....  لكن إن كان هذا هو ما يجب أن يحدث، فمن الناحية الأخرى نجد أنه لا يتفق مع صدق الـله الذى يقتضى أن يكون الـله أمينًا من جهة حكم  الموت الذى وضعه، لأنه كان من غير اللائق أن يظهر الـله أبو الحق .2 كاذبًا من أجلنا" ( "تجسد الكلمة، ترجمة د جوزيف فلتس، المرجع السابق،  فصل6 فقرة3 ص15، فصل7 فقرة1 ص18")..

 

واضح بلا جدل إلا لدى فقراء الفهم وربما الضمير أن فكرة الموت لدى اثناسيوس الشاب هي عقوبة تعسفية خارجة عن ذات الخطأ..

- "الـله حكم عليهم بحكم الموت ... بعد أن أمر أن الإنسان يموت موتاً... حكم الموت الذي وضعه"، هو أمر وحكم ووضع حسب فهم الشارح هنا وليس تحذيراً من مشكلة كيانية روحية..

ليس الموت إذاً، حسب شرح أثناسيوس هنا،  مشكلة حاقت بآدم من ذات فعله بسقوطه في براثن عدوه، ولكن المشكلة، حسب شرح أثناسيوس هنا، هي أن الرب "أصدر حكماً" ولا يليق به التراجع عنه..

الموت عقوبة تعسفيّة وليس عاقبة طبيعية حسب هذا الشرح..

 

أخطا هنا الشماس الشاب الغيور أثناسيوس في فهم القضية بدقة، وأخطأ المتمحكين به خطئين/ تناقض وغفلة جميعاً: متناقضين مع مرجعية أنفسهم وغير منتهبين أصلاً لهكذا تناقض..

 

 

 

3. 6 الاستشهاد بالكتب غير القانونية!!

 

في معرض عرض فكرة "عدمية الشر" وعدم خلق الرب له فقد ورد استشهاد الشماس أثناسيوس، تلميذ مدرسة الإسكندريّة الأوعد، بسفر الحكمة!!

وهو من الكتب المدعوة خطئاً "قانونية ثانية" وهي ليست قانونية عبر كنيسة الرسل وكنيسة الآباء وقبلهما كنيسة العهد القديم ولا تحظى بشهادة الرب فوق الكل..

على أي درجة أصلاً..

على أن الخبر الطيب هنا أن البابا اثناسيوس نفسه في رسالته الفصخيّة سنة 332م، ولا تشكيك في أصالة الرسالة الفصحيّة المذكورة، نفى قانونية أي سفر من تلك التي سُميَّت لاحقاً وخطئاً بالقانونية الثانية وتم اعتبارها من القانون بغير وجه حق!!

 (انظر هامش40 في كتاب من عمل المؤلف: "ليست قانونية ولا ثانية" ، وهامش13 في النسخة الإنجليزيّة من نفس الكتاب،

والرسالة الفصحيّة كاملة متوفرة هنا:

Pope Athanasius, fourth paschal letter, 332 A.D., paragraph 2; NPNF, op. cit., p. 1233;)

لقد تم ظلم الكنيسة الأولى بالإيهام بأنها كانت تقبلها كقانونية، بينما قد اعتبرها بعض الآباء (كيرلس الأورشليميّ مثلاً، كتباً أبوكريفية أي يلزم عدم استعمالها على أي وجه، وأما البابا اثناسيوس فكان صاحب الموقف الهادئ إذ اعتبرها ذات محتوى طيب ونافع ولكن ليست قانونية بحسب إيمانه بما تسلّمته الكنيسة....

 

فإذاً يكون استشهاد اشماس أثناسيوس هنا بكتاب منها على اعتبار كونه كتاباً طيباً في أفكاره، لا قانونيّ من الوحي، جاز من ثم الاستشهاد بما يوافق فكرته منه، مثلما عاد فيما بعد، وهو "البابا" أثناسيوس، في أحد أعماله ضد الأريوسيّة ليستشهد بسفر يهوديت

(NPNF, op. cit., p. 1233 Pope Athanasius, fourth paschal letter, 332 A.D;)..

أو احتمال آخر أنه في بكوره لم يكن قد اولى قضية قانونية الاسفار عناية معرفته حتى انتهى أمره بإعلان الحكم الكنسيّ الدائم لقانون أسفار العهد القديم (وبالمرة أسفار العهد الجديد التي كانت الرسائل الصغيرة فيها حديثة العهد بالتيقن والاطمئنان من قِبَل كنائس المكسونة بها كما يليق بتسلّم سفراً رسوليّاً في كنيسة لم تكن الرسالة مكتوبة لها مباشرةً)..

 

فضّلتُ بالمرّة عدم إفلات الإشارة لهذه القضيذة، ليس لنقد الكتاب نفسه ولا كاتبه، ولكن على العكس لإثبات براءته من فكرة خاطئة قد تنشأ لدى غير المدققين فيظنون أن البابا أثناسيوس يعتبر تلك الأسفار قانونيّة..

 

وكإضافة لاحقة يقوم هذا العمل الشامل ليس فقط بغثبات عدم قانونية تلك الأسفار ولكن بإثبات براءة الكنيسة كلها شرقاً وغرباً يوناناً ولايتيناً ولغات سامية من الاعتراف بقانونية تلك:

http://copticyouth4holybook.net/a_deuterocanonical.htm

وبالمرة هذا فصل لا يترك شذرة في استشهاد البابا اثناسيوس بسفر يهوديت:

http://copticyouth4holybook.net/a_deuterocanonical.htm#a12

 

ومن دواعي الراحة في هذا الفصل عدم توفّر حاجة لنقد أخطاء أحد من المتمحكين في الآباء إذ ليس في منظومتهم ابتلاع لقانونية تلك الأسفار وكيف يكون وهم لا اعتبار عصمة للكتاب المقدس لديهم أصلاً، كولا دواعي لنقد شهادة الآباء أنفسهم، إذ أن الخطا هنا ينحصر في قرار كنيسيّ خاطئ دخيل اتّبع وهم مجلدات السبعينيّة وسطوة كنيسة روما متأخراً جداً..

 

 

 

3. 7 المدعوة "ورطة إلهية"

 

"الورطة تكون حين يُعجَز عن الحلّ، ف بما أن هناك حل للفداء لدى الرب وبما أنه يعلمه منذ الأزل فليست هناك ورطة!

فقط يجوز تسمية الموقف ورطة من وجهة نظر الإنسان الساقط الذي يرى من زاوية سقوطه تضارباً يعوّق حل مشكلة سيقوطه،

وفي تعبيرهم عن يقين وجود "ورطة" فإنهم: يخطئون، ويصحّون، وحينما يصحّون فإن بعضهم يشطّون...

التضارب بين الرحمة والعدل لدى الأسقف أنسلم...

بين الرب وانغلابه من تحنّنه لدى البابا كيرلس الأول...

بين كرامة الرب وصدقه لدى أثناسيوس شاباً في هذه الأطروحة (عن تجسّد الكلمة).. تذكّروا أن الكاتب هنا هو أثناسيوس في بكور شبابه يكتب كتلميذ نابغ يعبّر عن فكر مدرسته..

وبين كل هذه التعابير، ومع التنبّه لكونها من زاوية نظر الإنسان ساقطاً، فأنا أنحاز لتثرية النظر في تعبير "الرحمة والعدل" لأنه يمكن تشفيته من أي شطط وله امتياز فوق كل التعابير أن له تأصيلاً كتابيّاً"

 

بمختصر هذا الكلام تكلّمتُ أولاً في رؤوس أفكار تلقائيّة في اجتماع شباب، ذلك كان في "سانت مارك دي سي" في اجتماع الشباب، وكانت مناقشة جارية عن ترجمة إنجليزية للكتاب بتقديم سي إس لويس، (كانوا يبيعونه بتسعة دولارات واقتنيت نسخة J لازلت أحتفظ بها

St. Athanasius On The Incarnation, translated and edited by A Religious of C.S.M.V., ibid),

 

وطُلِب مني التعليق فقلت باختصار ما يفيد، ولعلّ الآن فسحة لبعض تفصيل التعليق والشرح...


^ تعليقات:

 

& كانت هذه النقطة، إذاً، عن المدعوة "ورطة إلهيّة" من واقع كتاب "عن تجسد الكلمة"، كانت هي بداية تعاملي الكنسيّ مع الكتاب..

 

&& كان بالإجابة المختصرة التلقائية، في حدود ظروف المناقشة المفتوحة بالاجتماع، كلام مفاجئ،

ولاسيما نقطة التنبيه أن الكاتب هو أثناسيوس الشاب ويلزم تقييم الكتاب في هذه الحدود،

&&& وكان بكلامي المتواضع ما سبق وكان قاصماً لما سيجدّ بعدها مؤخراً من خطاب "الآبائيين الجدد" بإلصاقهم فكرة "الورطة الإلهية" بالأسقف أنسلم كمقابل، حسب شرحهم المفتعل، لكلام البابا أثناسيوس متمثلاً في أطروحة "عن تجسد الكلمة"،

بينما الفكرة ظهرت لديه بنسخة ذات مفردات سكندريّة عن "الصدق" و"الكرامة"!!

مثلما عادت لتظهر في كصلاة قسمة وثيوطوكيّات الأجح أنها من إنتاج البابا كيرلس الأول عن أن "تحنن الرب غلبه"!

وبعد كفاية حديث ذكريات الموضوع يأتي دور الدخول فيه، فمع فقرة شرح مفصّل قليلاً تصحح كثير من الشرح الخاطئ الرائج شمالاً وجنوباً...

^^ شرح وتصحيح شروح:

+ من حيث الموضوع فلا ورطة ولا إشكال.. لأنه بالمنطق تكون ثمة مشكلة طالما لا حل ولكن المشكلة محلولة بالفداء أولاً، بل وأصلاً كان الحل معلوماً ومعداً لملء الزمان لدى الرب منذ الأزل.. إذاً بطلت المشكلة بوجود الحل، التي لم تكن موجودة أصلاً لدى الرب الإله ولا حتى لبرهة..

++ وأما عن الكتاب فيلزم الانتباه أن الكاتب هو "الشماس الشاب أثناسيوس" كأنما يقدم أطروحة لمدرسته فلا ينبغي توقّع ما يزيد عن أطروحة شاب حدث غيور..

وعلى ذلك فلا إشكال ضخم أن الكتاب تبنى الفكرة اللامنطقية تلك في شرحه (وإن ظهرت نسختها عنده صراعاً بين صدق الرب الإله وبين حقه الأدبيّ بدلاً من صورتها المألوفة الرائجة كصراع بين الرحمة والعدل)..

+++ وإنما المشكلة متوفرة بالفعل من نقطة نظر الإنسان الساقط إذ لا يمكن إلا لمعاند تجاهل حقيقة التضارب الملغز بين الرحمة والعدل وكلتاهما لاشك صفتان واجبتان في الرب، وأيضاً مشكلة التضارب بين قداسة الرب وبين عدم ذنب الإنسان الذي وُلِد في الخطيّة وبطبيعة فاسدة لا تليق بقداسة الرب مع كون هذا الإنسان لم يخطئ على شبه تعدّي آدم.. التضاربات لا يمكن إنكارها، والإنسان يعانيها ولا يتوهّمها.. ويترجّى حل المستحيل من الرب بقدر رجائه وإيمانه، وشعاره هو قول المرتّل:
"الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلاثما"
(مز85: 10)، ولحين تحقّق حلمه وحصوله على هذا الحل فإنه سيبقى ناظراً للمشكلة من زاوية السقوط.. وهنا فإنه بقبوله لفداء الرب تزول المشكلة من نظره بالتبعية ويتركها وفقط لمن لايزالون ينظرون للرب من الوضع ساقطين وهم غير مؤمنين بتجسده وفدائه..

 

++++ ما سبق هو وصف للحال بكل دقة.. والآن مع محاولات الشارحين للتعبير عنها:

ويكفي اختصاص أنسلم وأثناسيوس:

 

& لمّا كان هناك تضارباً ما محسوساً وحاول الجميع التعبير عنه، ووجد انسلم في الإشكال الرئيس الأبرز (بين الرحمة والعدل) مدخله لتعليل الفداء بالصليب..

# مواطن قوة شرح أنسلم أن له شواهد كتابيّة قويّة حتى وإن لم يستعملها هو نفسه.. وأنه بسيط بساطة الصحة إذ ليس خاطئاً قطّ في صٌلب منطقه..

ومن يهاجمونه فإنما يهاجمون لحساب شرح آخر بدون إظهار خطأ حقيقيّ فيه..

- وأما نقطة ضعف شرح أنسلم فهو أنه انحصر في الفكرة فلم ير الرحمة والعدل من وجهة نظر الرب ليظهر أنهما يعملان في خط عمل واحد لا متضاربين، وهكذا فإن شرحه عمَّم الحال من وجهة نظر الإنسان على الرب مغمطاً إظهار روعة عمل الصليب الأشمل من مجرد فداء إنسان أسير للشيطان.. بعدل وبرحمة الصليب ما هو أكثره: بهما دينونة لرافضيه ولإبليس ولجنوده وبهما تجديد للإنسان، وكل ذلك عدل ورحمة من عمل الصليب لمن يراهما من زاوية الرب..

-- وأما المآسي الفادحة لخط شرح أنسلم فلم يظهر في عمله هو نفسه، ولكن تورّط فيه، وورّط من ابتلعوا منه، من تلقّفوا فكرته وشطحوا بها. فبلغوا حد التجديف دن دراية حين تكلّموا عن مسرّة الآب بإيقاع نار الغضب على ابنه في الصليب- حاشا للآب والابن، فمسرّة الآب لم تكن بإيقاع غضب على البارّ وحده الذي على الصليب، وإنما كانت للسرور المووع أمامه وأمام ابنه جميعاً بإقامة عدل ورحمة الصليب..

 

 

&& على أن الشرح السكندريّ قاربَ الفداء من مدخل لا يخلو من التأثّر بالتنزيه الأفلاطونيّ لصورة الرب الإله، وبهكذا مقاربة تغييب لمحبة الرب الإله للإنسان باعتباره العامل الرئيس في كل القصد (فمع كون المحبة حاضرة في التشبيهات التالية ولا سيما تشبيه "الملك وابنه والرسام" ولكن غيابها في صدارة البرهنة على لزوم التجسد يُخِلّ بكفاءة الشرح، ومن المفارقات المعتادة مع من ادعوهم  "الآبائيين" أنهم يتضاربون مع هذا النقص في الشرح السكندريّ بتمسكنهم بخطأ يشط في الناحية المعاكسة حيث بتمسّكون من ضمن ما يتمسكون في شرحهم للفداؤ بأنه "حب في حب" على سبيل دعمهم لرزل شروح الفداء الرائجة)..
ثم تزداد التفاصيل الفنيّة للمشاكل مع السؤال اللازم هنا: "حسنٌ هو وضع تنزيه الرب نصب أعين الكاتب، ولكن كيف كان تطبيق هذا "التنزيه"؟

لقد ظهر خطىن في عرض أثناسيوس للفكرة.. خطأ منطقيّ وخطأ ثيولوجيّ:

- الخطأ المنطقيّ ساذج إذ طالما أنه من كرامة الرب الإله ألا يكسر كلمته فلماذا قالها أصلاً وهو العالم بكل شئ؟

-- والخطأ الثيولوجيّ مثير ودقيق!! أنه يستعمل لغة ترجّح أنه يقصد أن الموت الذي كلّم الرب آدم عنه هو:
"تهديد" وليس "تحذير"!!

ومن ثَمَّ فإن الموت الذي نال آدم من جرّاء الخطيّة هو:

"عقوبة تعسفيّة" ولبيست "عاقبة طبيعيّة"!!.. أي حكم لا علاقة كيانيّة بينه وبين الخطيّة التي استوجبته، ومن ثَمَّ يجوز التراجع عنه أو تغليظه بإرادة من حكم به..

المثل الذي استعمله هنا للتفريق بين نوعي العقوبة هو طفل تحذّره أمه أنه إن لعب بأعواد الكبريت ستلسعه النار، والأم هنا لا تهدِّد ابنها أنها ستلسعه بالنار إن خالف تحذيرها وإنما تحذّره أن العبث في ذاته مع النار سيجلب عليه لسعها..

ولكن ما ظهر في أطروحة "عن تجسّد الكلمة" انحاز بغير عناية إلى تصوير كلام الرب كتهديد وتصوير عقوبته كعقوبة تعسفيّة قابلة للتراجع عنها:

"لأنه (أولاً)، من غير اللائق طبعًا أن الله بعدما تكلم بشئ مرة يتضح أنه فيما بعد كاذب، أى أن الله بعد أن أمر أن الإنسان يموت موتًا، أن يتعدى الوصية ولا يموت، بل تبطل كلمة االله. وسيكون االله غير صادق إن كان الإنسان لا يموت بعد أن قال الـله إنه سيموت. 4 ـ ثانيًا، كان سيصبح من غير اللائق أن تهلك الخليقة وترجع إلى العدم بالفساد، تلك الخليقة التى خُلقت عاقلة، وكان لها شركة في الكلمة" (ترجمة د. جوزيف فلتس، المرجع السابق، ص15، فصل6 فقرة3-فقرة4)..

فمع عبارة كهذه:

إما أنه يقصد تحويل التحذير إلى تهديد والعقوبة الطبيعيّة إلى تعسفيّة (وهو المعنى المرجح من قصد الكلام والخاطئ بداهةً،
أو أنه:
% لم يُحسِن استعمال لغة واضحة دقيقة (رغم وضوح العبارة في قصدها فإنني أتحسّب لكون الكاتب يقصد الاستدلال بالنتيجة على العلّة لا العكس، كان يقصد مثلاً أنه بما أن الرب قد أعلن أمراً فالأمر إذاً حتميّ الحدوث، وبما ان الـله لا يكذب فإذاً تحتّم موت آدم)،

%% على أنه كان القصد هو هذا،  إذاً لفقد "الحجة" من أصلها واحتاج لحجة تسد الفراغ لأنه بكون الرب لم يهدد بالموت وإنما مات الإنسان موتاً حتميّاً لتخليّه عن النعمة فلماذا لا يعيد الرب خلقته دون فداء؟ هذا هو من الأسئلة الرئيسة التي قامت الأطروحة أصلاً لإجابتها، والآن فبفرض عدم القصد الخاطئ فالسؤال يعود بلا رد سواء كان صحيحاً أم خاطئاً..

%%% وفوق هذا وذاك  فقد كان حقيقاً إن لم يقصد المعنى الخاطئ أن يفنده بوضوح لكون تفنيده في ذاته جزء من الموضوع،
--- كان ذينك خطئين ظاهرين في "الحجة" التي تعرض "الورطة الإلهيّة" من وجهة نظر سكندريّة بقلم أثناسيوس الشماس الشاب، وبالمرّة أشفعهما بالخطأ التابع من المدعين للتعبيّة للبابا أثناسيوس ولأطروحته الشهيرة "عن تجسّد الكلمة":
فالمفارقة في حال "المتتأبِّين الجدد" (أي المؤمنين بالمرجعيّة الآىائيّة لاسيما السكندريّة) العابدين لاسم أثناسيوس (وهو اسم كريم للغاية أكرم من أن يصير مرجعيّة على غير وجه الحق ولاسيما ممن يلفّنون اتباعاً اتّباع غنتاجه بشرح المُلقِّنين كأنما هو مكافئ او أعلى من الكتاب المقدس، فيما هم يخالفونه حتى في قانون الكتاب المقدس الذي شهد له ولا أقول وضعه)، ولا سيما لهذه الأطروحة التي لم يبذلوا عناء تحقيقها أصلاً،

فإنهم فيما يرفضون نسبة عمل المعاقبة للرب لرفضهم لصلاح العقوبة تقريباً على إطلاقها،

متبعين في ذلك الفكر الافلاطونيّ الذي ظهر أيضاً بقوة في الجزء الأول من هذه الأطروحة،

ومع ذلك لا يلتفتون لهذا الخطأ المضاد لخطئهم!!!! إنهم إذاً يبتلعون خطئين متناقضين معاً ولا أتعس!

 

مقابلة مختصرة بين "الورطة" في أطروحة "عن تجسّد الكلمة" السكندريّة

وعنها في "لماذا تجسّد الكلمة" للأسقف الإنجليزيّ أنسلم

(منقولة من درافت مراجعة مبكرة لكتاب أنسلم)

ستتكرّر كثيراً قضيتان:

& "العقوبة" (و"القصاص")،

&& وما يسمونه "الورطة الإلهيّة"!!

* فما هي "الورطة الإلهيّة"؟

* وما هو الفارق بين العقوبة المتعسفة والعاقبة الطبيعيّة؟

يصطلح المتخصّصون على تسمية التضارب الظاهر في فداء الإنسان بين موجبات فدائه وموجبات تركه للموت بـ"الورطة الإلهيّة" Divine Dilemma

وهذه بدأت في الظهور في الشروح في كتاب تجسد الكلمة..

ولكن خصوم أنسلم الجدد ينسبون تلك الإشكالية لشرح أنسلم ولا كأنهم قرئوا كتاب تجسد الكلمة حيث يقابل أثناسيوس بين "صدق الـله" و"كرامة الـله..

تلك "الورطة" ظهرت لديه في شكل تضارب بين تخلي الرب الإله عن صدقه برفع عقوبة الموت عن آدم، وبين تخليه عن كرامته بترك الشيطان ينتصر عليه ويقتنص آدم خليقته منه..

هناك ورطة إذاً لدى شرح أثناسيوس حدّاها هما "الصدق" و"الكرامة"..

و"الورطة الإلهيّة" بحسب الشرح السكندريّ تتحول لمنبع ورطات للمدّاحين بغير فهم له،  وفي مواضع لم يفكر فيهما أي واحد من أنصار شرح أثناسيوس، بل وتضرباهم في أُسّ ما يفتخرون به ويكررونه.. فهكذا ورطة لا تنتفع بمحاولة تحويلها للناس.. ولا بالشرح الرزين لنسبة الورطة إغلى الرب!

بستنكرون عادةً:

"هل هي ورطة وقع فيها الـله أـم بالحريّ الإنسان؟".. نعمة هي ورطة الإنسان ولكن الـله الابن تجسّد وصار إنساناً ليحلّ الورطة، فطالما قبل ان يحلّها فقد صارت ورطته من هذا النحو، وهكذا لا تبقى إشكاليّة في التعبير،وولكن بقبولهم لشرح أثناسيوس لا ينتفعون حتى بهذا الشرح، لأن الورطة بحسب توصيفها لدى أثناسيوس فهي ورطة خصّت شخص الرب ذاته من حيث تحديه شخصيّاً وليس من حيث قصده حمل سقطة الإنسان

على ذاته لتخليصه..

أليست المشكلة بحسب الشرح هي بين "كرامة الـله" وبين "صدقه"؟

إذاً فهي ورطته-- ورطة الآب شخصيّاً، حاشا..

إذاً فـ"حاشا" تأتي وفقط تأتي ممن يقبلون بتعقّل تسمية "الورطة الإلهيّة" وليس من الذين يرفضونها في حين يستندون لمرجعيّة تورِّطههم فيما هو أفدح مما يرفضونه..

(بحسب مظنّتهم-- إذ ما يرفضونه ليس فادحاص بل سليم طالما فُهشم فهماً صائباًّ)

المشكلة الثانية في شرح الورطة السكندريّة أنها تتكلم عن كرامة مقابل صدق، ولم تتكلم عن حب هو الأساس في قصد الرب لفداء آدم!!! ومن يبتلع هكذا نقص؟ ‘وهم من يقولون عن الفداء "حب في حب" مستخفين ورافضين لكل الشروج!!!!

صحيح أن كتاب "عن تجسد الكلمة" لم يهمل حب الرب كدافع لفداء آدم ظهر هذا في غير موضع لعل ابرزها مثل الملك وابنه والرسّام، والتشبيه بأب وابن يشمل بداهةً المحبة الأبويّة كدافع هو الرئيس في العمل، ولكن لنقص في شرح "الورطة" أنه لا يبرز المحبة كرأس الدافع للفداء وهو الدافع الذي حين يتوارى في الشرح حتى مع عدم إنكاره فإن تواريه إخلال معيب بالشرح.. هنا تقل مشاكل "ورطة" أنسلم عن "الورطة" السكندريّة، لأنها تضع الرحمة كمقابل للعدل، والرحمة وثييقة الصلة بالمحبة على كل حال..

والمشكلتان لهما ثالثة هي الأبرز، ولا تقل فداحة على منظومة المُعتَقَد الرائج

لدى أولئك "الآبائيين"!!!

إذ يزيد إشكال شرح أثناسيوس عليهم أنه يفترض ضمناً أن الموت عقوبة تعسفيّة قابلة للنقض، وليس عاقبة طبيعيّة مرتبطة ارتباطاً لازماً بترك آدم خضوعه للنعمة الحامية له من الموت.. ويمكن افتراض أن أثناسيوس لم يقصد ذلك وأنه إنما قصد أن استحالة فصل الموت عن الخطيّة دليله هو استحالة أن يكون الرب كاذباً، ولكن حتى مع افتراض هذا القصد فالشرح يقصر دون إيضاحه ويبقى به مشكلة كشرح.. هذه هي "الورطة" ذات الحدَّيْن لدى أثناسيوس، ولكن خصوم أنسلم الجدد يتجاهلون ويصبون نفثهم على أنسلم ويتبعهم ويكرّر من لا يعرفون شمال أنسلم من يمين أثناسيوس..

هذه "ورطتهم" مع أثناسيوس و"ورطة" الرب في فهمه..

هكذا فإن "الورطة" السكندريّة بها ثلاث ورطات في الشرح وتزيد دلالتهم فداحةً مع كون الزاعقين في الاستشهاد بالتعليم السكندريّ يتشبثون بأفكار "إنكار أي ورطة نظريّة في إشكالية القداء" و"استبعاد العقوبة" و"المحبة"، بتشبثون بضراوة تتجاوز وتشط بهم عن حدود ضبط المعنى حسب أصوله كتابيّاً ومنطقيّاً حتى..

إذاً هناك "ورطة إلهيّة" في شرح اثناسيوس، و"الورطة" تخص الآب مباشرة ولا يمكن لمن يقبل الشرح أن يتلاعب بالالفاظ فيقول "هل هي ورطة الـله أم الإنسان؟"!!

وأما أنسلم فقد ظهرت لديه "الورطة" ببساطة تعبيرات الكتاب المقدس، أي بين "الرحمة" والعدل"، وانساق وراء حدَّي "الورطة" دون حرص كافٍ وقد أعجبه تشبيه الحال بواقع العدل التجاريّ والمدنيّ في المحاكم وهو تشبيه مغرٍ خلا ما يستلزمه من حرص يستوجب التنبيه بل التنبير بوضوح على أوجه الشبه المقصودة دون تجاوز..

وسنرى مع أنسلم في الفصول التالية متى أهمل التنيه ومتى تجاوز بالفعل ومتى يكون من الظلم اتهامه حين تدعمه بديهيات القصد..

فكرة "الورطة" لم يخل منها شرح إذاً!!!!

ثم قبل أثناسيوس وانسلم  والجميع،فالكتاب المقدس به عرض لـ"ورطة" كانت محل دراسة مستديمة من اليهود بين "الرحمة" و"العدل" أو "الحقّ"..
والشواهد تترى، ويتوّجها قول المزمور:

"الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا" (مز85: 10)..

ويظهر بقوة هنا خلفيّة عناء الخلاف بين الفريقين: كأنما الحق لا يجد للرحمة موضعاً معه وكأنما الناس لا يدون سلاماً مع البرّ بل في حالة تهديد منه..

 

الخلاصة بعد هذه النتيجة الصادمة لمُلقّضنات الرائجة:

أدافع عن سيلامة الذهن في التعليم ولا أدافع عن انسلم الذي لا يعرفونه فيما يهاجمونه بأطروحة لا يعرفونها بدورها لأنها فوق ما أن بها أخطاء فإنها تقول بعكس الصحيح وبعكس الخطأ جميعاً في معتقداتهم التي تحتاج لمراجعة وتنقية مرجعية ومنطقية شاملة، وطالما سمع بعضهم مني إشكاليتي شرح الأطروحة السكندريّة حين انتظروا تفنيداً مني لشرح أنسلم، واحتاج الحال في كل مرة لكاميرا لرصد ملامح السائل..

 

 

 

3. 8 التجديد والخلود!!

 

ولا تخلو الأطروحة، وهو متوقَّع، من مُركَّب خطأ فهم الخلود أنه هو الحياة وأنه نعمة مطلقاً من الرب، وأنه من طباع اللاهوت وحده بحيث أن تمتع الإنسان به هو عطيّة "التألّه"، وأن الإنسان فقدها بموته بالخطيّة، كل هذا خطأ تتكرّر فكرته في الأطروحة (كما في كثير من المنتجات السكندريّة) تصريحاً وضمناً، وأثبت منها هذه الفقرة:

"لأنه (أولاً)، من غير اللائق طبعًا أن الـله بعدما تكلم بشئ مرة يتضح أنه فيما بعد كاذب، أى أن الله بعد أن أمر أن الإنسان يموت موتًا، أن يتعدى الوصية ولا يموت، بل تبطل كلمة االله. وسيكون الـله غير صادق إن كان الإنسان لا يموت بعد أن قال الـله إنه سيموت. 4 ـ ثانيًا، كان سيصبح من غير اللائق أن تهلك الخليقة وترجع إلى العدم بالفساد، تلك الخليقة التى خُلقت عاقلة، وكان لها شركة في الكلمة... كان يجب إذن أن لا يُترك البشر لينقادوا للفساد لأن هذا يُعتبر عملاً غير لائق ويتعارض مع صلاح الـله... تورط البشر في ذلك الفساد الذى كان هو طبيعتهم ونزعت منهم نعمة مماثلة صورة  فما هى الخطوة التى يحتاجها الأمر بعد ذلك؟ أو مَن ذا الذي يستطيع أن يُعيد للإنسان تلك النعمة ويرده إلى حالته الأولى إلا كلمة الـله الذي خلق في  البدء كل شئ من العدم" (المرجع السابق، ترجمة د. جوزيف فلتس، ص15-19، فصل6 فقرات3-4-10وفصل7 فقرة4)..

 

- للأسف ها هنا تأثر أفلاطونيّ واضح ينسب الصلاح ويصف الخلود بطريقة أفلاطونية خارج خط سير مقاصد الرب الإله!

العنوان رتّب الكلمتين ترتيباً موسيقيّاً، ولكن العرض سيسير بالترتيب المنطقيّ للخطأ المُركَّب:

 

& الخطأ الأول في فهم الخلود! وتصحيحه هكذا:

+ الخلود هو البقاء وليس هو الحياة بمعناها الروحيّ..
++ الخلود ليس دائماً نعمة فحينما يصير بقاءً في البكاء وصرير الأسنان يصير نقمة مستحقة..
+++ الرب قال صريحاً هذا: "
فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ" (يو5: 29)..

فلا فرصة لأحد أن يراوغ مع الحق الظاهر من قول الرب أن:

القيامة للجميع والبقاء للجميع ولكن ليست الحياة والنعمة للجميع..

 

&& الخطأ الثاني هو عدم الدقة في التعامل مع كلمة "التجديد"!! والصحيح يلي:

+ التجديد ليس عودة لما يُسمّى "برارة آدم الأولى" (فيما يروج في زمننا من تعابير)، أو إعادة آدم إلى "حالته الأولى" بحسب تعبير أثناسيوس هنا،

الصحيح أن الرب أتى لتجديد الخليقة بترقيتها لما كان قبل سقوطها..

++ أمر طيب هنا دقة تعبير البابا أثناسيوس عن حالة آدم الأولى قبل السقوط أنها "الفساد الذي كان هو  "طبيعتهم ونُزعَت منهم"

هذا من الدقيق النادر الانتباه له ويتوافق مع الشاهد البولسيّ الخطير،

ولكن "الحلو لم يكتمل" هنا لأن الكلام اعتبر أن آدم الآتي من الطبيعة الترابيّة الفاسدة كان خالصاً من الفساد بنعمة الرب قبل سقوطه، ونفس غياب الانتباه إلى أن آدم وإن كان حياً رغم فساد أصل طبيعته فإن حياته تلك نفسانيّة ترابيّة وليست هي غاية قصد الرب الروح، نفس غياب هذه الفكرة الدقيقة الرئيسة تظهرفي غير موضع لاسيما في مثل "الرسام" الشهير:

"وإن تلطخت الصورة المرسومة على الخشب بالأدران من الخارج وأزيلت، فلا بد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية لكي يساعد الرسام على تجديد الصورة على نفس اللوحة الخشبية، لأنه إكراماً لصورته يعز عليه أن يلقي بتلك اللوحة، وهي مجرد قطعة خشبية، بل يجدد عليها الرسم" (المرجع السابق، ترجمة الشماس حافظ داد، فصل 14، فقرة 1)..

المثل يفترض ضمناً ان المقصد هو العودة للصورة قبل فسادها، كأنما الصورة قبل السقوط كان هي "الأصل"، وهذا غيرصحيح، لأن الأصل هو آدم الثاني وعلى مثاله خُلِق ىدم الاولفي انتظار ترقية صورته،  ويظهر هذا حتى من حال الإنسان بعد المسيح وهو بعد في الجسد منتظراً التبني فداء جسده بالقيامة العامة!! لأنه إن كان الإنسان بعد المسيح وإذ نال منه الخليقة الجديدة الروحيّة التي على مثال صورة خالقه في حالتها العليا لا يزال يعاني من صراع الإنسيان الترابيّ العتيق فيه حتى يكتمل خلاصه بفداء الجسد (رو8: 23)، فكم بالأولى كان آدم الترابيّ قبل ارتقائه أصلاً إلى الخليقة الروحيّة الجديدة؟

لا لم يكن خالصاً من الفساد وإنما كان في نعمة النفس الحيّة في معيّة الرب ولكن كان بعدُ حبيس طبيعته الترابيّة وبداخلها نفس بروح غير قويّة بتصوّر الرب فيها على مثال العهد الجديد.. آدم قبل السقوط لم يكن الطبيعة التي يكتفي الرب بها لصورته ومثاله.. ليس أقل من الطبيعة الجديدة التي لم يكن آدم قبل السقوط قد نالها بعدُ..

+++ وهكذا يقول بولس الرسول صريحاً:

"هَكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضاً: صَارَ آدَمُ الإِنْسَانُ الأَوَّلُ نَفْساً حَيَّةً وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحاً مُحْيِياً. لَكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ وَبَعْدَ ذَلِكَ الرُّوحَانِيُّ. الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي

الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هَكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضاً وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هَكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضاً. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ أَيْضاً صُورَةَ السَّمَاوِيِّ." (1كو15: 45-49)..

هذا بوافق دقة أثناسيوس في تعبيره عن كون الإنسان (حتى قبل السقوط) آتِ من طبيعة فاسدة وإن بقيت في الحياة باتصالها بنعمة الرب،

على أن كلام أطروحة "عن تجسّد الكلمة" هنا يقصر عن متابعة قول الرسول الذى زاد فشرح ما حاد عنه كلام الأطروحة حين أفاد بكون طبيعة الإنسان قبل السقوط بعد نسمة الحياة فيه (لا في مجرد أصل طبيعتها) كانت لا تزال قاصرة وليست في ملء النعمة، وليست هي من ثَمَّ الحالة المطلوب العودة لها..

واضح بلا جدال إلا للعميان أن الإشكال ليس قط هو طلب العودة لحالة آدم قبل السقوط وإنما نوال ما كان آدم يترجاه فبدلاً من ارتقائه له سقط..

 

 

تكفي الفقرتان في المجال هنا، ومن يطلب الاستزدادة ومتابعة آثار هاتين الفكرتين، المُركَّبتَي الخطأ،

في حال ما يروّجه "الآبائيون الجدد" في الكنيسة القبطيّة فلطالب المزيد هذه الروابط:

ظهور تعبير الخلود كنعمة وكعكس للموت في رسالة للبابا كيرلس الأول،

مراجعة تعبير "برارة آدم الأولى"،

حوار عن الأثر الأفلاطونيّ في التعليم السكندريّ،

تفسير "تك2: 7" عن النفس الحيّة مقابل الروح..

 

 

 

3. 9 كي نصير نحن إلهاً!!

 

"لأنه (تأنس) صار إنساناً لكي نصير نحن إلهاً" (المرجع السابق، ترجمة الشماس حافظ داود، ص159، فصل54 فقرة4 هامش1)..

بفيد المترجم المدقق الشماي حافظ داود في (هامش1 المرجع السابق) أنها وردت بصيغة المفرد في معظم النسخ وبصيغة الجمع في نسخ قليلة..

وفي نفس الهامش أورد شواهد كتابية موافقة ولكنها وإن وافقت شكلاً فإنها في دقة الموضوع تختلف لأنه يشمل معها مز82: 6" وهذا خطأ يقع فيه كل من يتعصبون لهذا التعبير ويبحثون عن تأصيل كتابيّ له ويضمون بحسب عوائدهم هذا الشاهد اختطافاً قالبين به كل شرحهم نفسه والذي هو صحيح!! عندما صح شرحهم قسد استدلالهم عليه! (ليس المعنيّ هنا هو القمص مرقس داود وإنما هو مجرد تشابه معتاد في الخلط وقع فيه مثلما وقع فيه بعض عناصر تلك الفرقة "المتألّهة")..

على أنه أبدع بكل فهم يستحق كل تحية في ربطه للمعنى بشاهد "عب2: 9" ولو فهم الجميع وتوقفوا عند هذا الشاهد لكفى الطالب ووفى المعنى وشفى المعارك،

هذا مع إيراده للشاهد الرئيسفي الموضوع-- شاهد رسالة بطرس الثانية، والذي الكلام من أجله بسيط وله رابط ورابط ويكفي..

 

وأما د. فلتس فلا تخلو ترجمته للفقرة من حماس عقائديّ اتاهه عن بعض الاعتبارات الفنيّة، فيضيف تعبير "كلمة الـله" من عندياته، كما ينجاهل أو لعله جهلَ الظاهرة النصيّة التي أظهرتْها دقة ترجمة الشماس حافظ داود من مراوحة الكلمة بين المفرد والجمع عبر النسخ (التي شهد لها بالمناسبة د فلتس شهادة صالحة في بداية ترجمته هو: (فلتس، المرجع السابق، ص30-31)، ، ولا غرابة إذ هو أصلاً غيّر "الاسم" وحوله لـ"فعل" من عندياته أيضاً..

فهكذا يُورِد د. فلتس ترجمته للجملة المعنيّة:

"لأن كلمة الـله صار إنساناً لكي يؤلهنا نحن",

ويشفعها بهامش "5" الذي يشير فيه لفرط استعمال التعبير لدى غير البابا اثناسيوس من الآباء..

لا حاجة لتعبير "التألّه" بالبحث عن مصدر آبائيّ لدعمه على كل حال، فالكتاب المقدس به ما يكفي ويضع التعبير موزوناً بحقه..

 

فما هي قصة "التألّه" بين القول السكندريّ الذي كتبه الشماس أثناسيوس وبين الكتاب المقدس؟ وماذا للجميع وعليهم معه؟

+ أسبق تناول الشواهد الكتابيّة بالنظر في دقة الشاهد الآبائيّ هذا الذي يبدئون منه ولا يحسنون قراءته وبعضهم فيما لا يحسن قراءته فإنه لا يفوته أن يتلاعب في ترجمته.. فالظاهر اللفظيّ في كلام الشماس أثناسيوس هو إحالته لفكرة "التألّه" إلى لفظ الوحدانية لا الجمع!! هو هنا متأثر غما مباشرة أو في اللاوعي، وتابع على كل حال بكل قوة لفظيّة ومعنويّة لقول الرب "ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا,,, ليكوةنوا واحداً فينا كما أننا نحن واحد... ليكونوا مُكمَّلين إلى واحد" (يو17: 21-23)، وهكذا فالتعبير لا يحمل ما يجعلهم يطلبون ما هو خارج المكتوب ولا يدعم ما يزيد عن طاقة التفسير..

++ ++ وأما الشاهد الكتابيّ القريب لفظاً من الجملة المعنيّة فهو في قول الرسول بطرس:
"
بها تصيروا شركاء الطبيعة الإلهيّة"..

والمعنى بكل التصاق بالكلمة الأثبرة ظاهر بعمق وبساطة هكذا:

سلباً-- الابتعاد عن فساد شهوات العالم،

وإيجاباً-- التحلّي بصفات الرب محبة ومودة وتعفف وصبر وإيمان..

ولمن قد يقلق من اعتبار بعض هذه الصفات من خواص اللاهوت مثل الإيمان مثلاً فإن تجريد المعنى يجعل كل هذه الصفات هي عين صفات اللاهوت فالإيمان تجريد معناه هو الأمانة (مرا3: 23) وهو اليقين في المعرفة، وحتى لمن لا يستوعب هذا فيستطيع استيعاب أن كل الصفات المذكورة لازمة لاتصال الإنسان بالرب الإله كما هو مكتوب مثلاً "بدون الإيمان لا يمكن إرضاؤه" (عب11: 6)..

خلاصة القصد البسيط بغير ان يكون سطحياً حاشا، وبكل السهولة البطرسيّة،

فإن الرسول يتكلّم عن الطبيعة الإلهيّة من حيث أنها مجموع صقاتها التي تنعكس على المؤمنين حلول المسيح بالإيمان في قلوهم.. ولا أبسط..

+++ ومع التلخيص فالمرحلة الثانية في الرصد مع الشاهد الُانسيّ الذي هذا الفصل ينظر فيه هنا.. ومع كونه يقع وسط المنظومة السكندريّة المتأثرة أفلاطون فإن التعبير بلا أدنى إشكال، حتى أن التعبير ورد هنا نصير "إلهاً" بصيغة "اسميّة" لا "فعليّة" ولم يثر مع ذلك أية قلاقل لأي ناظر فيه، إذ ما هو إلا نظير مثيل لشعار لقول آخر للبابا أثناسيوس "أخذ الذي لنا وأعظانا الذي له".. مع تفسير الخلاص والفداء تفسيراً صحيحاً فإن هذا الشعار هو درة تاج الشرح..

إلى هنا والتألّه عند بطرس، باعتبار قبول تسمية "شركة الطبيعة الإلهيّة تألّهاً لا إشكال، هو اقتناء صفات الـله وهو عين الإيمان بكل بساطة، وعند أ4ناسيوس أتى في إطار شرح للفداء وشعاره "أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له" ولا إشكال قط بل الإشكال هو في رفض سيط هذا المعنى، وحتى "المستيكيّون" (في الدائرة القطيّة أعني) عندما يتكلمون عن التألّه يقولون إنه نعمة التبنّي ويستشهدون بالشاهد الرسوليّ ومعه القول الأثناسيّ السكندريّ.. وحين يخطئون فتتراوح أخطاؤهم بين استشهاد خاطئ بشاهد من العهد القديم أو تفسير غير صحيح لبعض شواهد العهد الجديد، ولكن في صُلب عرضهم لقصدهم بـ"التألّه" فلا يخرج عما سبق إلا إفراطهم وإلحاحهم في استعمال التعبير......

فأين المشكلة إن كان ثمّة مشكلة؟!
دعكم من ردود خصوم تلك الفرقة عليهم فهم لم يتكلّموا إلا أخطاء واختراع تفاسير مكّنت أولئك منهم نظريّاً..

وإنما خط سير مصائب أولئك مع "التألّه" سـعرضها بترتيب موضوعيّ بدءً من الأفدح حتى ما انتهوا إليه من مراوغة...

وقصة بحثي في الموضوع بدأت من ملاحظتي تشابه روح الكلام في التألّه (عقائدياً) مع "الصلاة السهميّة" (نسكيّاً) مع فكرة الأسرار (كنسيّاً)، ولم تكن مفاجأة إذاً أنني وجدت أن فكرة "التألّه" هي واحد من هذه الثلاثة الروافد التي عانت أصولها الطيبة من ابتداع في شرحها وممارستها لتلتقي جميعاً بكل مشاكلها لدى "الهزيخيين" ومنهم لاعتراف رسميّ إيمانيّ باطل من الكنيسة الشرقيّة EOC،  ومنها (تقديراً منّي) لفريق المستيكيّين القبطيّ، وليعدّ المُتابِع نفسه لحقائق مذهلة سأبداها من الأفدح للأقلّ فداحة والكل فادح:

---- (ما هو خارج القوسين في هذه الفقرة هو التعريف الرسميّ لـ"التألّه" بحسب ما استقرّت عليه رسميّاً "الكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة" EOC في نهاية مطافها معه، والذي اتابع مقاطعه بتعليق وجيز فوريّ عليها بين قوسين):

"التألّه هو بلوغ الاتحاد بالمسيح (إلى هنا جميل) عن طريق مداومة الأسرار الكنسيّة (هنا يخلط الجيد بالدخيل وغالباً ما يعودون للكتاب الذي يسمون كاتبه المجهول "ديونيسيوس الأريوباغيّ" (نقلتُ واستنتجتُ من الكتاب في الفقرة "13" من هذه النوتا ما يصدم كثيرين) وممارسة "صلاة يسوع" بقواعد وضعها "الآباء النُساك" (هنا يخترع شرطاً للتألّه من عنديّاته ويدعمه بعلم بلا قيمة ما من جهة الإيمان ولو كان لظهر في الكتاب المقدس بالضرورة وبما أن التألّه بحسب التعريف الطيب له هو الاتحاد بالمسيح وهذا لازم للجميع فإذاً وضع شرط خصوصيّ نسكيّ هكذا يزيد خطئاً من حيث المبدأ على خطأ "تكلّف محتواه"، إذ يختصر جمهور التألّه في مجموعة خصوصيّة دون بقية المؤمنين) وعلامة التألّه التي اختبرها ويختبرها "الحاذقون في العبادة" هي رؤية "النور غير المخلوق" (رؤية اللاهوت أكّد الكتاب المقدس وحتى في العهد الجديد مراراً وبكلمات تأكيديّة مزيدة على استحالتها للعين الجسديّة ولكنهم يتحجّجون بأن الطاقات غير الجوهر وهذهبديهيّة ولكن السؤال: من أين تكون إحدى هذه الطاقات هي نور غير مخلوق للاهوت يُرَى بالعين الجسدية؟ ومع مضادة هذا الوهم المخبول لظاهر وعمق كل الشواهد المتصلة فإنهم يلصقون افتراضهم لرؤية "النور غير المخلوق" بمشاهد كتابيّة فرضاً بلا استدلال تفسيريّ أو منطقيّ قطّ، وانما فقط يستعملون تمييزاً بين "الطاقات" و"الجوهر"  كانما هو اكتشاف، ولكن يفوتهم: 1- أن التمييز البديهيذ بين طاقات الـله وجوهره لا يجعل الطاقات تُرَى بالعين الجسديّة لأن طاقات اللاهوت ليست كالطاقة المادية المخلوقة وإنما هي طاقات أفعال الرب الإله كأن يريد فيكون ما يريد بظهور ما يريد إظهاره في في حيّز المخلوق فلا يرى الإنسان من مل لاهوت الرب إلا نتيجته المخلوقة، 2- افتراضهم لرؤية "الطاقات غير المخلوقة" لا يجوز أن يأتي هكذا افتراضاً وهم لم يقدموا شاهداً واحداً بتفسير بحق كلمة تفسير، 3- وحين تتوفّر كل الشواهد صريحاً وضمناً ضد إمكانية رؤية اللهوت بعيون الجسد ولا يملكون إلا افتراضهم للتمييز بين الطاقات والجوهر وافتراضهم رؤية الطاقات جسديّاً فإنما يفوتهم كيف فات الكتاب المقدس أن يعلن عن هذا التمييز في الرؤية ولا يترك لهم عناء اختراعه، 4- أمور كثيرة تفوتهم ولم تفت هذه الفقرة المسوقة في إطار تفنيد بدعة ظهور المسيح الشخصيّ قبل التجسّد)"..

انتهى أمر تلك البدعة التعيسة بعد حرمانها لفترة وجيزة باعتمادها كإيمان صحيح من الكنيسة السالف ذكرها، واتّخذت كنيسة روما موقفاً صحيحاً هنا بحرمان ذاك الخبل على أنها عادت في آخر الأيام للمجاملة وقبول المدافع الأكبر عن تلك البدعة "غريغوريوس بالاماس" كصاحب منهج متفرد ثيولوجيّاً يمكن قبوله.. ولا عجب أن ما بدأ قبوله من كنيسة ما خضوعاً لجماعات ضغط ينتهي بقبوله مجاملة من كنيسة أخرى على مخالفتها للكنيسة الأولى.. والبدع تتصالح لوقت.. ولكن الخبل خبل ولا مجاملة..

ولعلّ هذه الفقرة المُكثَّفَة تفسيريّاً ومنطقيّاً والمظهرة، بأنواع وطرق كثيرة، فساد تلك "الموهوميّة المصطنعة" توقِظ من له ضمير صالح وهم كثيرون...

--- بغير الكلام عن "الأنوار غير المخلوقة" يأتي حديث بعض المعاصرين عن "التألّه" من مقاربات مقبولة جداً.. من المقاربة عن طريق الإفخارستيا، وعن طريق بعض الشواهد الإنجيليّة عن الاتحاد بالمسيح وحلول الروح القدس، وعن طريق المعاني الرئيسة للإنجيل ولاسيما التبنّي.. ودائماً ما تنحصر استشهاداتهم خارج الكتاب المقدس بالشواهد "الآبائيّة" ولاسيما هذه العبارة في أطروحة "عن تجسد الكلمة" والتي عليها هذا الفصل..

وفي هذه الحدود المحكومة للشرح تظهر أخطاء أقل كثيراً في فداحتها مما سبق مما هو لدى "الهيزيخيّين".. أخطاؤهم في شرح "التألّه" هي من الانواع المعتادة:

---1: أول مشاكلهم المزمنة عبر تاريخ الكنيسة هي لصق المعاني البسيطة الروحية المباشرة كنتائج علمية لتعابير صياغات لها ظروف أُخرى وليست بالضرورة صحيحة في ذاتها أحياناً،وحتى ما يصح منها أو يوافق في سياق شرحٍ ما فلا ينتج منه "استنتاج" معانٍ بسيطة أُخؤرى خلا انهم ينحون لتعقيد البسيط لدعم عناصر منظومتهم المحتشدة عبر أفكار دخيلة.. ابسط مثال لذلك هو التمييز بين "الجوهر" والأقنوم" وهو تمييز غير متوفر لغةً (في اللغة اليونانية على الأقلّ) وطالما استعملهما اثناسيوس كبديلين بنفس المعنى، ولكن تمييز الفكرة بين "شخص" و"طبيعة" وتسمية الشخص أقنوم والطبيعة "جوهر" هي فكرة جيدة ودقيقة وبديهيّة ولكن يبقى لزوط الاصطلاح عليثها بوضوح لا افتراض أنها هكذا أصلاً في صُلب اللغة اليونانيّة، وهذا الانتباه لم ينبهه أحد منذ باسيليوس الكبير، على أنه في أيامنا الأخيرة تداخل لتمييز بين الجوهر والأقانيم في موضوعنا كـ"دليل" شارح على التفريق "بين الحلول والاتحاد وبين "الاتحاد الأقنومي" والاتحاد بالمواهب" وكلها اختراعات ما أسهل إظهار خلوها من أي معنى منضبط لفظيّاً ومنطقيّاً جميعاً، (وهذا أيضاً مثال لذلك به روابط مزيدة متصلة في متنه)، على أن مفاجأة كل شئ أن كلمة "جوهر" (اوسيّا) لا وجود لها في الكتاب المقس وعليه لزم أولئك أن يضرحوا بدقة المقصود من الكلمة والتأصيل الكتابيّ للمعنى الذييعلنونه للكلمة، وهذا لم يفعله ولا واحد.. فما علاقة كل هذا بـ"التألّه"؟ أن جدليّتهم في الحلول والاتحاد إن كان أقنوميّاً أم مواهبيّاً كله يحيط بشرحهم للتألّه وتفسيرهم للشواهد التي يدعمون بها القضيّة.. شرح فاشل منطقيّا@ وكتابيّاً هو أول أخطائهم..

---2: وثاني مشاكلهم هو عدم الاتّساق في العرض لدرجة النزق أحياناً.. بحسب قولهم إن "التألّه" هو "التبنّي"، فمع شرح هذا الموضوع وهو روحيّ بالدرجة الأولى يكون استعمال "تسمية خصوصيّة" له مجرد عنصر لاحق للفكرة لا أصل يبرزونه بإلحاح كانه شعار مقدس لاسيّما مع كونه بلا أصل لفظيّ في الكتاب.. ليكن أن يُسمَّى المعنى "تألّهاص"! جيد وكريم، ولكن أين عرض صُلَب الموضوع عن التبنّي وأين عرض التفاسير الروحيّة للمعاني كما وردت في الكتاب ومن حاصل شواهدها؟ لا يقدمون هذا لحساب مزيد من إبراز شعارهم المصطنع (مصطنع كلمة ليست عيبا ولكنها وصف لواقع وها التعبير الأثناسيّ ذاته يزهر بشكل مغاير فيقول "إله" وليس "تألّه).. إن المبالغة في تكريس تعبير مصطنع هو درجة من النزق ومتلف روحيّاً ونفسيّاً لمن يتلقّنه لاسيما في بكور عمره وضعف ذهنه.. إذاً هم يسوقون الشرح لهذه القضيّة بغير تناسق في وزن عناصر الشرح ما يقود المتلقفين عنهم إلى حالة هيام وأوهام محسوبة عليهم، ولكن ليس هذا عبثاً او بلا وعي يفعلونه:

---3: ذلك لأن من مبادئ أخطاء منظومتهم هي ابتلاع كل ما سبق ويلي رصده في بقية فصول المراجعات هنا، فإن كافة أخطاء تلك المرجعيّة بآثارها الأفلاطونيّة الغريبة عن الكتاب تقود لخيالات افتراضيّة ومخالفات تفسيريّة وغؤبة بل مجافاة وانتفاء مع بسيط الكتاب المقدس، وليس شرحهم "للتأله" استثناءً ولا أسلوبهم فيه أتى بغير وعي منهم لتأثيره.. إنهم يقصدون الإغراق في "الحالة التهاويمية" التي يسمونها "مرجعية لاهوتية آبائي" ويدركون أن لها خصوصيّة شعوريّة لا تستريح مع تفسير كلمة الكتاب باستقامة منطقية، وسبق اتلنبيه في فصول سصابقة على خصومتهم مع الكتاب والمنطق..

----4: أخيراً فقادتهم لم يتبرئوا من النسخة "الهيويخيّة التي شطّت أيما شطط في الكلام عن "التألّه".. موقفهم تجاهها الصمت المثير للتساؤل:

ما مدى الاتّصال "المُخفَى المقصود" لدى المنادين المعاصرين في الدائرة القبطيّة بالمرجعيّة "الآبائيّة" "اليونانيّة"، في شرحهم عن "التألّه"، مع الحالة "الهيزيخيّة" المؤسفة تلك؟!؟

لا يتوفّر له عندي شاهد ماديّ!! إذ لا أعلم من إنتاجهم إلا في حدود ما يعرضه عليّ السائلون ولكن بحسب التقدير فإن هكذا أمراً مثيراً لا يُظَنّ رجحاناص أنه قيل من أحدهم دون أن يقود لضجة وأسئلة، وفي حدود القليل الذي عَرَض لي من إنتاجهم فإن الآب متّى كان غير مستريح لتعقيد قواعد الصلاة السهميّة ولا عجب فإنها من أثر الرافد الأوغريسيّ الذهنيّ في تلك المنظومة في حين أن الأب متّى الرئيس هو تضخيمه النسبيّ للعنصر الروحيّ على حساب الذهن والمنطق.. وأما د. بباوي فإن كان يسهل إثبات إيمانه ببدعة أبوكاتاستاسيس عليه فإنه لم يتكلّم في التألّه عن حال الهيزيخيّين أولئك واكتفى باستشهادات محددة ولاسيما الاستشهاد بالموضع عينه في اطروحة طعن تجسد الكلمة" محل التعليق هنا في هذا الفصل.. يمكن تفسير كل ذلك أنه في حين يخفون ويراوغون في أمر اعتقادهم ببدعة فناء الجحيم لأنها محرومة في الكنيسة الشرقيّة حيث ياتي دعمهم الأدبيّ وغير الأدبيّ المتسع عن حدود الداشرة القبطيّة، فإنهم في المقابل يخفون قبولهم للخبل "الهيزيخيّ" ذاك لعدم استساغة القبطيين له، ولكن هذا مجرد تقدير بغير برهان ملموس.. قال لي بعض من كان تابعاً معهم قبلاً إنهم هيزيخيّون بلا جدال ولكن أقول إنه لم يتوفّر لي شاهد مباشر، فيبقى عليهم من الخطأ الثابت في هذه القضيّة ما سلف عرضه..

-- ننزل مع فداحة الأخطاء لمستوى أقل فداحة بقدر ما هو ساذج، أي مستوى الأخطاء الغلمانية في احتطاف الاستشهادات الكتابيّة.. ومن نماذج اختطافهم للاستشهاد بغير عناية تفسيريّة إلحاحهم في الاستشهاد بقول الرب: "أنا قلت أنكم آلهة" (يو10: 34) وهم هنا يغفلون أولاً ان الرب استشهد بكلمة قيلت لأهل العهد القديم (مز82: 6) في حين أنهم يُشرَح لهم معنى التألّه أنه التبنيّ الذي لم ينل تمامه بعد حتى أهل العهد الجديد (رو8: 23)، وقبل هذا فالشاهد يتكلم عن قضاة أردياء يحذرهم بالموت، لا مفديين أحياء إلى الأبد في الرب، وبجانب هذا وهذا فكلمة "إله" في العهد القديم لها من المعاني، ولاسيما في هذا السياق عينه، ما يجعلها ليست هي "دليلهم" أصلاً، وليس منتهى مفاجآت خيبة استشهادهم ذاك: فإن ما ورد عن "نصير إلهاً" في أطروحة "عن تجسّد الكلمة"، وهو واعٍ لقصده، لم يشر لهذا الشاهد على أي نحو على خلاف شوهدتهم هم له من عندياتهم ودون فهم لا لحدود المعنى في أطروحة الشماس أثناسيوس السكندريّ ولا للشاهد المحشور منهم، وإنما فقط توقفوا عند تشابه لفظيّ بغير اي توافق في المعنى!!!! ثم هذا نموذج حيّ لحوار من مثائل متكررة حول مشكلة الاستشهاد غير الموافق ورد فعل الضحية حين استفاقت، ثم هذا شرح مفصل أيضاً لخدمة ضحايا هذا المستوى من الأخطاء..

- وأسفل كل الأخطاء من رواسب الاختراعات والتفاسير المخالفة والافتراضات المُخترَعَة وعلى ظاقل القليل التكرار المُلحّ بخصوصيّة إيحائيّة للتعبير "التألّه" ما يخرجه عن معناه البسيط الذي يزعمزن أنهم يقصدونه لا أكثر، ’خر الكل من رواسب كل هذا تغشى حالة تنويم مغناطيسيّ على ضعاف الذهن أو مرهقي النفس.. نعم حالة تنويم مغناطيسي لا يخطئها من ينظر...

والسؤلل الخاتم: ما المشكلة في "نعمة التبنّي" التي دعت لكل تلك الشروح والصياغات إن كان الأمر هكذا لديهم بحق ووعي خلواً من الحالة التنويمية التهاويميّة تلك؟ ما المشكلة مع كون شاهدهم الرئيس "المُعلَن" من كتابات الآباء هو هذا النص الأثناسيّ عنوان هذا الفصل، فأتى مرةً بغير تكرار وبغير إلحاح متوتر بل وبغي ذات اللفظ الأثير لديهم، عارضاً إيّاه في منطق شرحه للفداء كغيره من الأفكار؟ ماذا هناك يحوِّل الموضوع معهم إلى قضيّة توتّر وتعقيد صياغات؟ لا يصحّ تحميل العلة للهجوم خصومهم على الكلمة فإن الشغف غيرالمتزن بهذا اللفظ ظاهر منهم قبلاً!!!!

وهكذا من رئاسة تلك البدعة، لأصدقائهم في الدائرة القبطيّة، لغلمانهم، لعموم الناس يخفّ ظهور الإشكال ولكن لا تنعدم آثاره الأسيفة حتى أهون درجاتها!

 

يبقى أن هناك ملاحظتين طيبتين في تلك المنظومة ما يزيد من الأسف على ما انتهت له!!
+ فمع أن هذا الاتجاه المتراكم به رافد طيب جداً يعود للإسقيط القبطيّ ويظهر في رسائل منسوبة اعتباريّاً لأنبا مكاريوس الكبير يظهر فيها رفض الروحانية الأفلاطونيّة النافية للجسد والمادة، ولعل من هذا الرافد ما ظهر بقصد في
بعض إبصاليّات التسبحة القبطيّة ولاسيما ابصاليّة الثلاثاء، فمع هذه النزعة الطيبة المتحاشية للشطط الأفلاطونيّ التهاويميّ فإن كامل المنظومة الهيزيخيّة تأثّرت بالأكثر بروافد من عالم المثُل الافلاطونيّ ما أنبت فيها المبادئ العقائديّة المخبولة تلك..

++ ثانياً  في بعض شروح تلك المنظومة يظهر ما سبق التنبيه لأهميّة العناية به.. يتذكّر القارئ المتابع حين كان التنويه إلى أن خطا التعامل مع الخلفيّة الأفلاطونيّة ليس الانتفاع بالجيد منها في الشرح ولكن الانسياق وراءها بدلاً من توجيهها نحو ما اشتهته ولم تدركه عبر الطريق المسيحيّ الفاعل بحق.. يلمح المتابع للمنظومة "الهيزيخيّة" هذا الملمح إزاء جدلهم ضد خصومهم ينتبهون أن حجج خصومهم فلسفيّة تحيد عن المبادئ الروحيذة المسيحيّة ولا تصل لما لا يصل إليه إلا عمل النعمة الإلهيّة..

جيد وكريم، ولكن... كيف فسروا تحقيق ما عجز أفلاطون عنه؟ حادوا بدورهم عن المكتوب وشطّوا ليحققوه في خيالاتهم في صورة رؤى وهمية لغير المخلوق بالعيون المخلوقة.. وليس هكذا يكون إكمال عجز الفلسفة بعجز التفسير.. خسارة!

 

مرجع من وافع رسالة بحثية ممتازة بها فصول دقيقة عن حركة الهيزيخيين وروافدهم المبدئيّة:

Hesychasm and Art: The Appearance of New Iconographic

Trends in Byzantine and Slavic Lands in the 14th and 15th Centuries,

by Dr Anita Strezova, published 2014 by ANU Press,

The Australian National University, Canberra, Australia

 

 

 

3. 10 السر المكتوم!!!!

ما لم تر عين هو الصليب!!!!

ولو علمو لما صلبوا رب المجد هو جهلهم بأن الخلاص وإبادة مملكة الظلمة بالصليب لا جهلهم بلاهوت الرب

 

واختم النقاط النقديّة بنقطة نحيفة ظهرت في معرض الأطروحة وتكررت في ختامها...

تلك هي ظهور الخطأ المعتاد في تفسير قول الرسول:

"لو علمو لما صلبوا رب المجد بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الـله للذين يحبونه" (1كو2: 8-9)،

على أنه يتحدّث عن جهل الرؤساء بلاهوت الرب في حين أن الصحيح في قصد النصّ الرسوليّ هو جهلهم بسر الصليب أنه عمل الفداء،

وعلى أنه يصف "ملكوت السموات" في مجيئه الأخير في حين أنه يصف الصليب الحاضر في الزمان!!

 

ظهر خطا التفسير في كتاب "عن تجسد الكلمة" مرتين على نحوين يجمعان وجهي الخطأ (ترجمة الشماس حافظ داود، المرجع السابق، فصل53 فقرة4، فصل 57 فقرة3)..

- في الإشارة الأولى يخلط في الشرح بين سر التجسد وسر الصليب باستشهاده الصريح يالقول الرسوليّ مدللاً به على جهل الناس بلاهوت الرب ("عن تجسد الكلمة"، المرجع السابق فصل53، فقرة4)،

بينما أن النص الرسوليّ يتكلم عن جهل "الرؤساء" بسر الصليب، أي بأن إبادة مملكة الظلمة هو بالصليب،

ويتكلم عن الرؤساء المحبين للظلمة سواء كانوا روحيين من الشياطين أو بشريين من أتباعهم من رؤساء الرومان وصدوقيي المجمع..

وأولئك ما كانوا ليصلبوا الرب حال علمهم بأن الصليب هو مبدد مملكة الظلمة..

 

-- ليعود في إشارته الثانية لبستعمل التعبير الرسوليّ "ما لم تر عين" ليصف به "ملكوت السموات (اثناسيوس السكندريّ، "عن تجسد الكلمة"، المرجع السابق، فصل57، فقرة3) وليس الصليب، بحسب حقيقة قصد الشاهد!!

 

--- يجوز استعمال أسلوب التناصّ باستعمال النص لوصف معنى غير مقصود النص المباشر، وهنا يصح كلامه تماماً، ولكن ليس ثمة إشارة أنه لا يقصد التفسير المباشر،

لاسيما أنه لو كان حال النص موضع الاستشهاد يحمل تفسيراً يسهل تداخله مع قصد الكاتب المغاير للتفسير المباشر لوجب عليه التنبيه لذلك لتحاشي الخلط لدى جمهوره..

هذا خطأ تفسيريّ شائع جداً ليومنا هذا ويؤسفني ظهوره مبكراً في كتاب بقلم الشاب أثناسيوس الذي هو بكل جدارة حامي الإيمان..

 

+ والصحيح أن العبارة الرسوليّة عن الصليب لا الملكوت،

وعن سر الصليب لا سر التجسّد..

وإن كان التجسّد متصلاً اتصالاً إلهياً موضوعيّاً بقصد أزليّ،

وإن كان الملكوت هو غاية الصليب وكان الصليب ذاته هو تحقيق دائرة استعلانه الأعجب في العهد الجديد،

فإن هذا كله يأتي في مجال شرح وتأمّل منظومة الإيمان المسيحيّ العجيبة، ولكنه لا يقوم مقام التفسير للشاهد الرسوليّ..

 

++ فالظاهر من النص السابق مباشرة (1كو2: 8)،

بل والذي يلذّ للمفسِّر المتأمِّل أن يتحرى نسج خط سير الرسول للوصول لجملته "الترجومية" الخطيرة هذه من بداية الرسالة (1كو1: 13، 17، 18،  2: 2)،

أن الرسول يتكلم عن الصليب مقارباً إيّاه من كل جهة،

ويظهر ان بقية سطور الإصحاحين تلتحمان مع معنى الصليب وتستضئ معانيها بمعناه،

وإن لم تظهر الكلمة صراحةً من حيث أنها ظهرت بما يكفي سابقاً ولاحقاً وبقوة اتصال اللغة نحواً ومفردات،

فهكذا يحشد الرسول كل فقراته للإشارة على كل وجه للصليب،

لينتهي لجمع عبارته الخطيرة في وصفه للصليب نبويّاً بالطريقة الترجومية المعتادة،

بتكوين جملة واحدة متصلة المعنى من فقرات موزعة في النبوات أو إعادة الصياغة اللغوية لتسوية الجملة معاً بحسب سياق الاستشهاد بها!!

 

+++ وبنعمة ربنا ففي عمل غير مسبوق تجمّع إثبات كل شئ من هذا هنا:

إثبات أن هذا هو قصد الرسول، وإثبات أن العبارة تصف الصليب موضوعيّاً بكل براعة، وإثبات أن الرسول نهج المنهج الترجوميّ في تكوينها،

كل هذا موجود في فهرس شامل يلي رابطه:

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10156063338524517

 

 

 

3. 11 الخبر الأطيب في محتوى "عن تجسد الكلمة":

 

كتاب "عن تجسد الكلمة" مع جزئه الأول "ضد الوثنيين" يأتي في وقت مثير جداً سابقاً على مجمع نيقية لإثبات أن بداهة إيمان الكنيسة كان في لاهوت الرب المساوي للآب والواحد معه وحدة طبيعية كيانية لازمة..

فإن كان جنوح الكاتب أي كاتب لشرح فكرة ما وإثبات قصد ما يقوده لتشبيهات او استشهادات او استدلالات من هنا وهناك بصحيحها وخطئها،

فإن الأرضية التي يتحرك فيها تكون بمثابة البداهة بالنسبة له ولجمهوره، واما هذه الأرضية فكانت بلا جدال ولا تفكير في وضعها للنقاش، كانما هي بغير حاجة لإثبات ولا يتشتت واحد أصلاً في وضعها موضع تساؤل..

 

وفي فصل13 فقرة7 يتكلم عن المسيح وحده صورة الـله وواضح جلياً أنه يقصد "أصل الصورة" لا مجرد مثالها، الذي يُسمى أيضاً صورة (راجع تفصيل الالتباس وتحديد هامش أخطاء الجميع في استعمال الكلمة لغوياً في "3. 3 "الصورة والمثال بين دقة المعنى ودقة اللفظ" في هذا العمل)

 

كان إيمان الكنيسة مثل إيمان الكاتب وقبل مجمع نيقية بقليل جداً في لاهوت الرب من حيث مساواته للآب ووحدانيته معه.. وكان القول بغير ذلك بدعة بحق كلمة بدعة وقعت في وعي الكنيسة كفكرة لم يسبق لها أحد ومن ثم كانت لعنة بدعة أريوس وحرمان شخصه، بسلطان إيمان الكنيسة!!!

 

واختم بهذه الفقرة الأثناسيّة المتكلمة مبكراُ وقبل المجامع المسكونيّة عن معتقد وثقة إيمان الكنيسة الجامعة في لاهوت الرب يسوع وفي التعبد به للثالوث الواحد في لاهوته،

واضعاً مواضع الاستشهاد قبل نصّه حتى يأتي ختام متن الدرافت بختام البركة الثالوثية بقلم الشماس أثناسيوس للأطروحتين:

("رسالة إلى الوثنيين"، ترجمة القمص مرقس داود، الفصل الأول، من الفقران5-7"؛ "تجسد الكلمة، ترجمة الشماس حافظ داود- لاحقاً القمص مرقس داود، فصل19، فقرة3، ختام الكتاب فصل57 فقرة2)

"في هذا يتلخّص إبماننا... أن المسيح هو الـله وابن الـله.... لأنه أن كان بعد الصليب قد اندثرت كل العبادة الوثنية بينما تتبدد كل ظاهر الشياطين بهذه العلامة، وأصبح المسيح وحده هو الذي يعبد، وبه يعرف الآب، وأن كان المخالفون قد خزوا، لأنه كل يوم يربح نفوس هؤلاء المخالفين بطريقة عن غير منظورة – ألا يحق للمرء أن يسألهم: ألا زلتم ترون أن هذا الأمر بشرىّ عوضا الاعتراف بأن ذاك الذي صعد على الصليب هو كلمة اللـه ومخلص العالم؟ ... لأنه إن كان النور شريفا،  والشمس باعثة النور أشرف، على هذا القياس نقول إن كان امتلاء العالم كله بمعرفة الـله أمراً إلهياً، فبالتالي يكون باعث هذا الإجراء هو الـله وكلمة الـله... أعتقد أنه من اللائق أن أوجه الحديث إليك –كمحب للمسيح- عن المسيح طالما كنت واثقا أنك تحسب الإيمان به ومعرفته أسمى من أي شئ آخر على الإطلاق... الذين يعيشون حياة فاضلة ويحبون الـله الآب في المسيح يسوع ربنا الذي به ومعه يليق للآب نفسه مع الابن نفسه في الروح القدس الكرامة والقوة والمجد إلى أبد الآبدين آمين."

 

 

 

فهرس روابط متصلة

 

 

 

رابط لنسخة وينوِرد  docx من الدرافت

mediafire.com/file/8ev50wj7jd7vm1c/treatise-perisarkosis_nondilemma.docx/file

تمهيد لعرض درافت الكتاب على فيسبوك

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10160607933304517

بوست عاجل مختصر عن بعض المشاكل في أطروحة "عن تجسد الكلمة" كتبتها في زمن مرض

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154915963469517

 

مجموعة روابط وردت في قلب المتن مع مجموعة مواضيع كبرى وفهارس متصلة

تفسير (عب1: (6 متى أدخل البكر إلى العالم

www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10152472882754517

صورة الـله

http://www.mediafire.com/download/oqff2lj8d2fp77q/anbaraphaelverse-prolonged.wmv
صورتي عنده
https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10159837809489517

الوجود شركة.. ولكن لمن!؟ تفنيد خطأ الإطلاق في هذا القول المُتكرِّر

http://www.facebook.com/notes/christopher-mark/10151374172004517

دَيْن النعمة.. لمن دفع المسيح الثمن وما هو الدَيْن؟ تفنيد وتفسير

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10153428420454517

المدعوة "ورطة إلهيّة" عند انسلم ومقابلة مع أثناسيوس

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154306508474517

عن المدعوّة ورطة إلهيّة وتشتت الفرقاء شمالاً وجنوباً

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154808251464517

غُلِب من تحنّنه هي صراع الرحمة والعدل ولم ينتبه أولئك كالعادة

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10160876861439517

اللعنة والغضب!! حوار هادئ مع شاب ثائر

http://www.facebook.com/notes/christopher-mark/10150708367674517

المقدمات التي قادت للنتائج-- مع التنبيه لخط سير "الوجود شركة" لزيزيولاس

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10156637115259517
من محصّلة خطئين: سقوط "الآبائيين" في محبة الشيطان دون دراية

facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10160876861439517?comment_id=10160877390879517

عن الأسفار المدعوة خطئاً "قانونية ثانية"

http://copticyouth4holybook.net/a_deuterocanonical.htm

مأسسة الكنيسة مع تزمين كتاب تجسد الكلمة!! (مراجعة الرأي الذي انحاز له د. جوزيف فلتس):

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154915963469517

ظهور تعبير الخلود كنعمة وكعكس للموت في رسالة للبابا كيرلس الأول:

 http://www.copticyouth4holybook.net/bebawy-instant-contradiction.jpg

رابط مراجعة تعبير "برارة آدم الأولى":

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10153824495539517

رابط لحوار عن الأثر الأفلاطونيّ في بعض الشروح الباكرة:

facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10159020008289517?comment_id=10160834525924517

رابط تفسير "تك2: 7" عن النفس الحيّة مقابل الروح:

http://www.copticyouth4holybook.net/scripture-exegeses.htm#gen2-7

كم آتان في ذلك؟!؟

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10152768300904517

متى يجوز افتراض المستحيل

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10156917735394517

متى يجوز افتراض المستحيل مع تطبيق على سقوط آدم؟!؟

facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10157460360599517?comment_id=10157460574124517&reply_comment_id=10157460586119517

ما لم تر عين وما لم تسمع أذن وما لم يخطر على بال إنسان هو الصليب!!!!

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10156063338524517

 

روابط لنقاط متصلة

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154915963469517

مشاكل في كتاب ضد الوثنيين وضح فيه ان المشاكل مش بيشرح تشابيه حسب وعي الناس لكن بيستدل على انها حقائق

http://www.copticyouth4holybook.net/on_on-incarnation.jpg

عن أصالة وسلامة محتوى كتاب "عن التجسد" المنسوب لأثناسيوس

facebook.com/karim.k.gerges/posts/10215892109989584?comment_id=10215903410072079

أثناسيوس ضد الأبولينارية وإن لم يكتب ضد أبوليناريس

بحث آبائي ببراهين غير مسبوقة لنفي كتابة البابا أثناسيوس للكتابين المنسوبين له ضد الأبولياريّة

http://www.copticyouth4holybook.net/atha_anti_apo.htm

 

كومنتات بدعوة عن مرجعية كتاب عن التجسّد المنسوب لأثناسيوس

حوار عن أصالة "عن تجسد الكلمة" ومراجعة مدرسة الاسكندرية

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10157894522679517

كتاب الدهور!! كتيب مبكر يراجع ضمناً مشاكل الحيود عن تمام مرجعية الكاتب المقدس

https://www.mediafire.com/view/z50yvbc101f3w2b/bookofages_1_witness.rtf

رو5 كاملة

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10155765795714517

ترجمة رو5: 12  إذ اخطا الجميع ام لذلك أخطأ الجميع # وعلى ميجور مع ترجمة انجليزي لقلبها

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10155792443534517

On original sin inheritance by rom5:12

http://hermeneutics.stackexchange.com/questions/14268/translation-of-romans-512/27549#27549

كرسي في الكلوب

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10156341766659517

تنبيه متكرر لخيبة انتباه المستشهدين بكتاب "عن تجسد الكلمة" في معالجة التشكيك في أصالته

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10158922570724517

تنبيه متصل بمشكلة المرجعية في بحث قوي عن مايا فيسيس

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10158922570724517

حوار عن مدرسة اسكندرية وتفسير بستان جثسيماني والإشارة لتلميذها أبوليناريس وعلاقته بكتاب تجسد الكلمة

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10157366607039517

حوار قوي عن تجسد الكلمة ومدرسة إسكندرية مع كومنتاته

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10157742170059517

ضبط اصطلاحات في مضمار الصراع بين المستيكيين وخصومهم

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154915778809517

الفهم المعكوس للوحدة والثنائية في بعض الفكر السكندريّ

http://www.copticyouth4holybook.net/general-oneness.jpg

 

فهارس موضوعية لروابط متصلة

فهرس المرجعية الكتابية إزاء بقية المرجعيات الدخيلة

http://www.copticyouth4holybook.net/supreme_auhority.htm

فهرس أخطاء متصلة ببدعة خلاص الشيطان

http://www.copticyouth4holybook.net/apokatastasis.htm

فهرس أخطاء كبرى

http://www.copticyouth4holybook.net/major_mistakes.htm

فهرس تبرير

http://www.copticyouth4holybook.net/just-law-forgiveness.htm

 https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10152979458134517

فهرس ميراث الخطية

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10155758137159517

فهرس تعليقات على استعمال تعبير "التأله"

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10155716963219517

إنكار أفضى إلى الإقرار! وقُيِّدَت ضد معلوم!! فهرس روابط يثبت مخالفة معتقد فناء الجحيم للكتاب المقدس

ويثبت التخبئة والمراوغة على بعضهم بشأن معتقده في تلك البدعة

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10159053473849517

تسجيل صوتيّ يشير لبعض المجهود في مراجعة ورصد مشاكل بعض الكتب المحدثة عن المرجعية الآبائية

https://www.4shared.com/s/fOiJOAV4ciq

http://www.copticyouth4holybook.net/drbebawy.htm#concentrated—recs

جزء من حوار عن شروح الثالوث يراجع اتقان ذوي المرجعية الآبائية لمرجعيتهم فضلاً عن كفاءة استيعابهم لما ينتقدونه

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10157737639744517

فصل ثمين من ملف كلاسيكي عن شرح الثالوث نقيّاً وبالصياغات المحدثة

http://www.copticyouth4holybook.net/short_statement.htm#gormulae

المدعوة "ورطة إلهيّة" عند انسلم ومقابلة مع أثناسيوس

https://www.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154306508474517

عن المدعوّة ورطة إلهيّة وتشتت الفرقاء شمالاً وجنوباً

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10154808251464517

غُلِب من تحنّنه هي صراع الرحمة والعدل ولم ينتبه أولئك كالعادة

https://web.facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10160876861439517

فهرس لمجلد مواضيع سبق قصد الاختيار

http://www.copticyouth4holybook.net/Divine-will.htm

مراجعة محاضرة لأسقف تراجع عن منهجه فيها حين واجه نتائجه ولجأ للتحصن بالكتاب المقدس

facebook.com/christopher.mark.5095/posts/10160445197224517?comment_id=10160455759284517

 




Site Gate   Reopening Landing   Table of Contents   CY4HB Patristics   Supreme Authority   Theology   Exegeses   Technical Studies   Sign Guest Book


The site & all contents within r founded, authored & programmed
by Deacon P. Engineer Basil Lamie, a.k.a. Christopher Mark!
FB-like counter started around 2013 and got jeopardized for few years due to a technical fb problem,
while the WebHit counter started on May 17th, 2023. Both are collective overall the site!

       counter free